إقتصاد

عاصفة الإفلاس والإنهيار تضرب البنوك الأمريكية.. وتداعيات عالمية للأزمة

الخرطوم: سودان بور
ضربت عاصفة إفلاس ثلاثة بنوك أمريكية كبرى أسواق الأسهم الأوروبية والخليجية والمصرية خلال تعاملات الاثنين، فيما افتتحت مؤشرات الأسهم الرئيسية في وول ستريت جلسة امس على انخفاض وسط مخاوف من انهيارات مصرفية جديدة.
وفي ثالث إنهيار مصرفي خلال أسبوع، أعلنت السلطات الأمريكية، امس الأول ، إفلاس بنك “سيغنتشر”، أكبر مقرض في مدينة نيويورك بموجب الائتمان للإسكان لذوي الدخل المنخفض، ليلحق بكل من “سيلفرغيت كابيتال بنك” الصديق للعملات المشفرة و”سيليكون فالي بنك” التابع لمجموعة “إس في بي فايننشال غروب”.
تراجع الأسهم الأوروبية
وتراجعت الأسهم الأوروبية الإثنين مع استمرار هبوط أسهم البنوك في المنطقة رغم تدخل السلطات للحد من تداعيات الانهيار المفاجئ لبنك سيليكون فالي.
وانخفض المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 0.6 % بعد أن أغلق عند أدنى مستوى في أكثر من خمسة أسابيع يوم الجمعة.
يأتي هذا فيما ارتفعت العقود الآجلة في وول ستريت بعد أن أعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) ووزارة الخزانة الأمريكية عن مجموعة من الإجراءات لتحقيق الاستقرار في النظام المصرفي، وقالا إن المودعين في بنك سيليكون فالي سيمكنهم الوصول إلى ودائعهم اليوم الاثنين.
وهبطت أسهم البنوك الأوروبية 1.1 % بعدما شهدت أسوأ عمليات بيع في أكثر من خمسة أشهر على مدار يومين وسط مخاوف بشأن مدى متانة الميزانية العمومية للقطاع في مواجهة انهيار بنك سيليكون فالي، إضافة إلى التوقعات برفع أسعار الفائدة.
ويرى المستثمرون الآن أن احتمالات رفع مجلس الاحتياطي الاتحادي الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس الأسبوع المقبل وصلت إلى 90 %، في تغيير جذري عن الزيادة التي توقعوها في السابق عند 50 نقطة أساس بعد بيانات اقتصادية قوية.
وقال بنك جولدمان ساكس أمس إنه لا يتوقع رفع أسعار الفائدة في ضوء الضغوط الأخيرة التي يتعرض لها القطاع المالي.
وفي غضون ذلك، من المقرر أن يرفع البنك المركزي الأوروبي الفائدة 50 نقطة أساس في وقت لاحق من الأسبوع الجاري.
وانخفض سهم (إتش.إس.بي.سي) 0.1 % بعد أن قال البنك البريطاني إنه استحوذ على وحدة بنك سيليكون فالي في بريطانيا مقابل جنيه إسترليني واحد (1.21 دولار)، مما يعني إنقاذ بنك رئيسي لإقراض الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا ببريطانيا.
هبوط وول إستريت
وأغلقت مؤشرات الأسهم الرئيسية في وول ستريت منخفضة امس وسط موجة بيع مع قلق المستثمرين بشأن أوضاع البنوك الأمريكية بعدما اضطرت جهة تنظيمية لإغلاق بنك مهملقطاع التكنولوجيا مما أبطل تأثير تقرير الوظائف لشهر فبراير.
وقالت الجهة التنظيمية للقطاع المصرفي في ولاية كاليفورنيا إنها أغلقت مجموعة (إس.في.بي) الماليةلحماية الودائع، وذلك في أكبر انهيار مصرفي منذ الأزمة المالية.
وكانت أزمة رأسمالية لدى بنك سيليكون فالي (إس.في.بي) أثرت بالفعل على أسهم البنوك على مستوى العالم. ووفقا لبيانات أولية، أغلق مؤشر ستاندرد آند بورز 500 منخفضا 56.64 نقطة، أو 1.45 بالمئة، عند 3861.78 نقطة بينما خسر المؤشر ناسداك المجمع 199.20 نقطة، أو 1.76 بالمئة، ليغلق عند 11139.16 نقطة. وتراجع المؤشر داو جونز الصناعي 342.20 نقطة، أو 1.06 بالمئة، إلى 31912.66 نقطة.

خسائر
وفقدت البنوك الأمريكية الثلاثة المتعثرة أخيرا، نحو 390.4 مليار دولار “81 في المائة” خلال شهر “المنتهي بجلسة 13 (مارس) الجاري”، لتتراجع من 480.8 مليار دولار إلى 90.5 مليار دولار.
ووفقا لرصد وحدة التقارير في صحيفة “الاقتصادية” استند إلى البيانات المالية للبنوك، تراجعت القيمة السوقية لبنك سيلكون فالي 66 في المائة “12.2 مليار دولار”، لتبلغ 6.3 مليار دولار مقابل 18.5 مليار دولار، بعد تراجع سهم البنك من 311.6 دولار إلى 106 دولارات.
كما تراجعت القيمة السوقية لبنك سيجنتشر 40 في المائة “ثلاثة مليارات دولار”، لتبلغ 4.4 مليار دولار، فيما كانت 7.4 مليار دولار، بعد تراجع سهم البنك من 117 دولارا إلى 70 دولارا.
كذلك هبطت القيمة السوقية لـ”سيلفرجيت” 83 في المائة “375.2 مليار دولار”، لتبلغ 79.8 مليار دولار فيما كانت 455 مليار دولار، بعد تراجع السهم من 14.4 دولار إلى 2.5 دولار.
وفي ظل تعثر البنوك الثلاثة، هل يمكن أن يعدل البنك الفيدرالي الأمريكي من سياسته النقدية التشددية المتمثلة في الوتيرة المتسارعة لرفع أسعار الفائدة، التى كانت أحد أهم أسباب تعثر هذه البنوك.
وتراجعت أصول البنوك الثلاثة معا 3.6 في المائة خلال العام الماضي، لتبلغ 333.5 مليار دولار بنهاية 2022 مقابل 346 مليار دولار بنهاية 2021.
وعلى الجانب الآخر، ارتفعت المطلوبات للبنوك معا بنسبة 443 في المائة خلال العام الماضي، لتبلغ 35.3 مليار دولار بنهاية 2022 مقابل 6.5 مليار دولار بنهاية 2021.
والمطلوبات لدى بنك سيلكون فالي هي الأعلى بين البنوك الثلاثة بـ18.8 مليار دولار “ارتفعت 524 في المائة”، ثم “سيجنتشر” 12.1 مليار دولار “ارتفعت 250 في المائة”، وأخيرا “سيلفرجيت” 4.3 مليار دولار “ارتفعت 27140 في المائة”.

تراجع الأرباح
وتراجع صافي الربح للبنوك الثلاثة مجتمعة 31.7 في المائة خلال العام الماضي، ليبلغ 1.86 مليار دولار خلال 2022 مقابل 2.73 مليار دولار خلال 2021.

تراجع عالمي
وتراجعت أسهم البنوك في جميع أنحاء العالم يوم الاثنين حتى مع تعهد الرئيس جو بايدن باتخاذ ما يلزم من إجراءات لضمان سلامة النظام المصرفي الأمريكي إثر الانهيار المفاجئ لبنكي سيليكون فالي وسيجنتشر.
وخسرت البنوك الأمريكية الكبرى أكثر من 70 مليار دولار من قيمتها في سوق الأسهم يوم الاثنين ليرتفع إجمالي خسائرها خلال الأيام الثلاثة الماضية إلى نحو 170 مليار دولار.
وتراجعت أسهم بنك فيرست ريبابليك بنحو 76.6% على الرغم من التقارير التي أفادت بحصوله على تمويل جديد، في حين انخفض سهما ويسترن أليانس بانكورب 82.5% وباك ويست بانكورب 53%. وتوقف التداول في الأسهم عدة مرات بسبب التقلبات.
وقال الرئيس التنفيذي لبنك فيرست ريبابليك جيم هيربرت لشبكة سي.إن.بي.سي إن بنكه تمكن من تلبية مطالب سحب الودائع يوم الاثنين بعد حصوله على تمويل إضافي من جيه.بي مورجان تشيس، مضيفا أنه لا يرى سحبا هائلا للودائع.
أصداء الأزمة تصل أوروبا
وامتد صدى هذه الأزمة إلى أوروبا حيث أغلقت أسهم البنوك في المؤشر ستوكس 600 على انخفاض قدره 5.7%. وانخفض سهم كوميرتس بنك الألماني 12.7%، بينما تراجع سهم كريدي سويس 9.6% في انخفاض لم يحدث من قبل.
وقالت هيئة الرقابة على المؤسسات المالية السويسرية إنها تراقب أداء البنوك وشركات التأمين عن كثب، في حين قال مسؤول كبير في البنك المركزي الأوروبي إن مجلس الإدارة الذي يشرف على أكبر البنوك في منطقة اليورو لا يرى أي حاجة لعقد اجتماع طارئ.
وعلى الرغم من رسائل بايدن، تراجعت أسهم جي بي مورجان تشيس ومورجان ستانلي وبنك أوف أمريكا.
وقال مسؤول في الإدارة الأمريكية إنه لا يوجد جدول زمني لبايدن لتقديم أي طلبات للكونجرس في الوقت الذي لا يزال فيه مساعدوه يعملون على إدارة الوضع في الوقت الحالي وفهم سبب حدوث هذه الأزمة بصورة أفضل وما الذي يمكن أن يُطلب من المشرعين تحديدا.
مخاطر الائتمان
بالنسبة لأسواق المال، ارتفعت مؤشرات مخاطر الائتمان في الأنظمة المصرفية في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو. وقفز مؤشر التقلبات الأوروبي إلى أعلى مستوى له منذ أكتوبر 2022.
وقال ريك ميكلر الشريك لدى (شيري لين انفستمنتس) “عندما تُتخذ خطوة بهذا الحجم وبهذه السرعة، فإن أول ما يتبادر إلى ذهنك هو تفادي الأزمة. لكن ما يأتي لذهنك بعد ذلك هو مدى حجم تلك الأزمة وما حجم المخاطر التي يجب أن تنشأ بسبب هذه الخطوة؟”.
واقتربت أسعار الذهب من حاجز منطقة 1900 دولار مدعومة برهانات بأن مجلس الاحتياطي الاتحادي قد يضطر إلى إبطاء رفع أسعار الفائدة، مما دفع المستثمرين لبحث عن ملاذات آمنة.
وقال مارك داودينج، كبير مسؤولي الاستثمار لدى بلوباي أسيت مانجمنت في لندن “هناك شعور بتوالي الأزمات. وكما نرى فإن إعادة تسعير الأدوات المالية تؤدي إلى إعادة تسعير الأسواق”.
انخفاض أسعار النفط
وتراجعت أسعار النفط، وهو محفز رئيسي للأسواق المالية الخليجية، أربعة دولارات متأثرة بانهيار بنك سيليكون فالي لكن تعافي الطلب الصيني قدم بعض الدعم.
وبحلول الساعة 10:01 بتوقيت جرينتش، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 1.44 دولار، أو 1.7 بالمئة، إلى 81.34 دولارا للبرميل. كما هبطت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 1.40 دولار أو 1.8 بالمئة إلى 75.28 دولارا للبرميل.

تراجع أسهم مصر والخليج
وانخفض مؤشر الأسهم القيادية المصري 3.1 بالمئة خلال تداولات الاثنين متأثرا بانخفاض سهم البنك التجاري الدولي، أكبر مقرض في البلاد، 3.9 بالمئة، على خلفية انهيار البنوك الأمريكية. فيما واصلت معظم أسواق الأسهم في منطقة الخليج انخفاضها، الاثنين، للجلسة الثانية على التوالي.
وقال فادي رياض كبير محللي السوق لدى كابيكس دوت كوم إن الإخفاقات التي يشهدها القطاع المصرفي الأمريكي لا تزال تؤثر على أسواق الأسهم الخليجية وزادت من حالة عدم اليقين حول السياسة النقدية الأمريكية، وفقا لرويترز.
وتراجع المؤشر السعودي 0.8 بالمئة متأثرا بانخفاض سهم مصرف الراجحي 1.5 بالمئة وتراجع سهم شركة رتال للتطوير العمراني 0.8 بالمئة. وتراجعت جميع أسهم البنوك في السعودية، بما في ذلك البنك العربي الوطني الذي انخفض 5.9 بالمئة.
وأغلق مؤشر دبي على انخفاض 0.9 بالمئة مع تراجع سهم إعمار العقارية 2.9 بالمئة. وانخفض مؤشر أبوظبي 1.6 بالمئة. كما انخفض المؤشر القطري 1.5 بالمئة.

مخاوف
وتواصلت المخاوف حول انهيار البنوك الامريكية ويرى خبراء أن تأثير هذا الأمر على إقتصاد امريكا والغرب سيكون كبيراً.
وقال الخبير الإقتصادي ناصر السيد ان الكارثة التي حدثت في البنوك خلال يومين أدت إلى تراجع البورصة العالمية وانخفاض أسعار النفط والذهب وأردف هذا الوضع يفقد الثقة في البنوك الأمريكية والقطاع المصرفي الأمريكي برمته.

اخطاء
وقال السيد الأخطاء التي وقعت فيها هذه البنوك سببه السياسات الامريكية وأكد أن المودعين خصوصاً من خارج الولايات المتحدة يواجهون مخاطر ولفت إلى أن هذا الوضع سيجعل الإستثمار والإيداع في البنوك الأمريكية في المستقبل مستحيلاً حيث ستتحفظ الشركات ورجال الأعمال لافتاً إلى أن هذه الأزمة ليست الأولى وسبقتها الأزمة المالية العالمية في العام 2008 وكانت أمريكا هي أيضاً اس المشكلة.

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق