رأي

الدفاع المدني السوداني في تركيا….رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه

الخرطوم: أحمد حسين
الإبتلاء من الله سبحانه وتعالى متوقع حدوثه في أي لحظة وحين مهما كانت درجة استعدادك لهذا الإبتلاء، وهو يأتي للإنسان بقدر إيمانه، وقد يبتلي الله بعض الناس بالنعم كما قال الشاعر العربي.
تركيا وسوريا الشقيقتين حل بهما وبدول أخرى بلاء الزلزال مؤخراً أحدث ركاماً كبيراً وخلف موتى كثر وحسرة في نفوس العالم والضميرالإنساني الحي، تجاوب على إثرها الكل بما يستطيع أن يقدم من مساعدة من أجل تخفيفحجم المصاب.
السودان لم يكن بدعاً من هذا الشعورالأخوي الصادق لدى هذه الدول التي تضررت من هذه المحنة، ولم يجعل السودانيون أيديهم في خدودهم حيال هذه الكارثة، بل منذ اليوم الأول للزلزال تداعى المنادين من السودانيين لأجل تقديم النجدة للإخوان في تركيا وسوريا، بدأت الصيحة بالوقوف حداداً على أرواح الضحايا أمام السفارتين التركية والسورية بالخرطوم، وبدأت الإجتماعات تترى من المنظمات السودانية الطوعية لبحث كيفية المساعدة في تخفيف الآلام.
لكن كان لقوات الدفاع المدني السودانية حديث آخر، حيث أن الخيل الجيدة تبين عند المنعطف” كما يقول المثل السوداني المحلي، هذه المساندة من هذه القوات – ليس رياءاً كما قد يزعم كثيرون – لم تحدث زخماً كبيراً في الساحة، وإنما تحركت بشكل سريع ولافت حتى وصلت مناطق عملها في تركيا وبدأت تعمل بالتنسيق مع الإخوة الأتراك في إنتشال الجثث وإخراج من بقى حياً تحت الركام حتى اليوم الرابع والخامس والسادس من الزلزال دون كلل ولا ملل، نعم والله- تابعت شخصياً – تحركات الدفاع المدني السوداني من خلال متابعتي اليومية للأحداث وكيف أن تركيا استطاعت في وقت وجيز ان تحصر المتضررين بشكل متصل ومتواصل، ورأيت العجب من قوات الدفاع المدني السودانية وهي تعمل ليل نهار بشكل أذهل حتى الأتراك وذوي الضحايا هناك.
القوة التي تم إرسالها من الدفاع المدني السوداني حقيقة شرفت أهل السودان وجعلتنا نفرح في وقت نأى منه السرور في أن يدخل قلوب السودانيين الذين تفرقت بهم السبل وأصبحوا هائمين على وجوههم لا يدرون أي وجهة يتجهون، فرحنا من فعل الدفاع المدني السوداني كلما سمعنا أنه إنتشل رضيعاً أوأنقذ شيخاً أو إمرأة طاعنة في السن، فرحنا في ذات الوقت الذي يعتصرنا الألم بما حل بإخواننا الأتراك والسورين وبقية المناطق المتضررة من الزلازل.
تركيا وقفت كثيراً مع شعب السودان في محناته المتعاقبة قبلاً وهي مازالت تقف شامخة تكافح وتنافح عن بلادي السوء برغم محنتها، ولكن عزاءنا الوحيد للمتضررين من الزلزال أن هذا أمر الله وقدره، وأمره نافذ ونحن ليس لنا من الأمر شيء غير التسليم بقضاء الله وأمره.
ما جعلني أتحدث عن الدفاع المدني السوداني هو الفيديوهات المتداولة من تركيا مكان وقوع الحدث التي تنبئ بشجاعة السوداني وحبه لفعل الخير فهم حقيقة أهل نجدة وكرم ونخوة، لم يبالوا بما يمكن أن يحدث لهم جراء تلك المناطق، ولم يبالوا بسبب عدم النوم الذي شهد به أحد الجنود الأتراك حين قال مكثت مع فريق الإنقاذ السوداني ثلاث أيام لم يذوقوا فيها طعم النوم فهم في شغل دوماً ينقذون الناس ويقدمون وقتهم وصحتهم وخبرتهم الطويلة في مجال الإنقاذ البري لأشقائهم في تركيا.

ليس بغريب أن يتصرف فريق الإنقاذ السوداني من منسوبي الدفاع المدني بهذه الطريقة التي أذهلت العالم ولم يصبح هناك حديث عن زلزال تركيا إلا وذكروا بشجاعتهم المعهودة، لأن قوات الدفاع المدني السوداني بجانب أنها “سودانية” تلقت تدريباً مغايراً للتعامل مع هذه الكوارث والظروف، ويشهد التاريخ الطويل لهذه القوات بكفاءتها وقدرتها على تحمل الصعاب من أجل إتمام مهامها كيف لا وقد صرح يوماً قائد قوات الدفاع المدني السودانية في مؤتمر صحافي وقال : لو منحت لنا الفرصة لأنقذنا الطفل ريان” هل تذكرونه ريان الطفل المغربي الذي شغل العالم وقتها ووجد تعاطف الجميع.

التحية مثنى وثلاث ورباع لقوات الدفاع المدني السودانية وهي كل يوم تعطي درساً بليغاً في الشجاعة والنجدة وإغاثة الملهوف، أدعو قادة الدولة السودانية لتكريم هؤلاء الأبطال الذين رفعوا اسم السودان في تركيا عاليا خفاقا وأصبحوا علماً بارزاً يشار اليهم بالبنان، واجمل الفيديوهات لحظة خروجهم من مطار تركيا وهم يهمون بركوب الطائرة للعودة لبلادهم حيث اصطف كل من كان بالمطار يلوح لهم بتحية كبيرة وبإعجاب كبير بما قاموا به من دور في إنقاذ أشقاهم الأتراك .

الوسوم

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق