إقتصاد
أمن البحر الأحمر .. صراع الطريق الطويل
أمن البحر الأحمر .. صراع الطريق الطويل
الخرطوم: سودان بور
شهدت الأوضاع السياسية في شرق السودان مؤخراً جملة من التوترات، تخللها اغلاق ميناء بورتسودان الشريان الرئيسي لدولة السودان، ووصلت التوترات مداها بعد نجاح سيد محمد الأمين ترك رئيس المجلس الأعلى لعموديات البجا في اغلاق الشرق، وخنق البلاد من شريانها الأساسي، ما أدى لارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع والخدمات، ذلك قبل أن يقوم الفريق أول البرهان باجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، ويقوم تبعا لذلك زعيم البجا محمد الامين ترك برفع الاغلاق وفتح الميناء.
تعقيدات مجتمع شرق السودان، وطبيعة المنطقة الجيوبوليتيكية جعلتها محط انظار العديد من الأطماع الدولية، خاصة وان أمن البحر الأحمر من أمن الجزيرة العربية، وتتأثر المنطقة برمتها من أي صراع ينهض بين الأقوياء في سواحل البحر الاحمر.
أطماع الدب الروسي ظهرت في هذه المنطقة باكرا، وكانت لروسيا علاقات متميزة مع الحكومة البائدة برئاسة البشير- المحبوس في كوبر مع قيادات أخرى من حكومته، منذ ١١ ابريل ٢٠١٩ على ذمة قضايا سياسية وجرائم فساد- هذه العلاقات اتاحت للروس، مثلما اتاحت للاتراك عقد اتفاقيات ثنائية مع الخرطوم.
في هذا الجانب يقول أستاذ العلوم السياسية أحمد محمد فضل الله، ان روسيا ترغب في بناء علاقة متطورة مع السودان والدخول معه في آفاق مستقبلية واستطرد: (لكن هذا لا يناسب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، خاصة رغبة روسياء بناء قاعدة عسكرية في البحر الاحمر.
وأشار فضل الله أن هناك بعض ممثلي الأعمال في روسيا لا يستفيدون من التقارب بين روسيا والسودان باعتبار ذلك يتعارض مع مصالحهم التجارية
وقال ان هناك لوبي قديم في روسيا من ممثلي العلوم والأعمال الذين تلقوا تعليمهم في موسكو وانتقلوا في النهاية إلى روسيا وقد كانت تلك المجموعة مساندة للرئيس السابق عمر البشير، وقال التغيير الذي حدث في السودان لا يناسب هؤلاء لذا يعارضونه سراً وعلناً التقارب بين الدولتين.
وقال فضل الله ان وجود قاعدة عسكرية روسية في السودان لا تأتي ضمن أمنيات السودانيين، الذين يرغبون في شراكات اقتصادية، تدفع بعجلة الاقتصاد المتهاكلة في السودان وليس تقارب عسكري يزيد من احتمالات التوتر.
وكان القيادي في «الحرية والتغيير» – وزير شؤون مجلس الوزراء السابق، خالد عمر، أبدى تخوفه ببشكل صريح ومباشر من خطورة الوجود الروسي الكثيف في المشهد السوداني.
وأشار خالد إلى أن طبيعة النشاط الروسي في دول مثل أفريقيا الوسطى وليبيا ومالي وجنوب أفريقيا، يؤكد أن السودان يمكن أن يدخل في دوامة يصعب الخروج منها مستقبلاً.
وشدد خالد على أن التصدي للمخاطر الإقليمية والدولية رهين بتأسيس وضع دستوري ذي مشروعية شعبية واسعة تغلق الطريق أمام تسرب أي أجندات غير مرغوب فيها من خلال ثقوب الانقسامات الداخلية.
وجاءت تأكيدات الوزير خالد عمر متزامنة مع صعود مخاوف كبيرة لعدد من الخبراء حول حقيقة القاعدة العسكرية الروسية المتوقعة في منطقة شرق السودان وبالتحديد على شواطئ البحر الأحمر.
وفي ذات الشأن قال الباحث السياسي فيصل يس من قيادات الشرق ان الاطماع الدولية كبيرة في البحر الاحمر وهناك صراع شرش بين الولايات المتحدة وروسيا على ساحل البحر الاحمر لما له من اهمية اقتصادية وامنية.
وأضاف تسعى روسيا لوضع قدمها في الشرق السوداني الذي تعاني كافة مكوناته من الفقر والعوز، وكان الأحري الاهتمام بهم تنمويا واقتصاديا.
وأكد أن السودان بحاجة الى مشروعات وشراكات اقتصادية واسعة، ويجب ان لا يكون موضعا لصراعات الاطماع الدولية.