سياسة
تقرير فولكر.. تجاهل الإنتخابات وإعادة مجموعة الأربعة للمشهد
الخرطوم: سودان بور
قدم رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال فولكر بيرتيس تقريراً عن ختام مشاوراته مع القوى السياسية وذلك من خلال موقع الأمم المتحدة ووضح أن فيه انحياز محدد لقوى سياسية وهي مجموعة الأربعة ونبنى آراء الحزب الشيوعي والواجهات التي تتبع له، بالرغم من انه جاء في بيان بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان حول تقريرها التلخيصي للمشاورات من أجل عملية سياسية للسودان في العام
وقالت البعثة انه في 8 يناير 2022، بعد استقالة رئيس الوزراء حمدوك إثر عددٍ من المبادرات المحلية الفاشلة لاستعادة النظام الدستوري، أطلقت اليونيتامس عملية سياسية بدأت بمشاورات أوّلية مع مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة السودانيين لمعالجة المأزق السياسي الحالي ورسم مسار نحو الديمقراطية والسلام. يمثّل التقرير الذي نقدمه ملخصاً للآراء ومجالات التقارب والاختلاف التي استمعت البعثة إليها خلال 110 اجتماعات تشاوريّة مع أكثر من 800 مشارك – ثلثهم من النساء – من مختلف أنحاء السودان، بالإضافة إلى الآراء ومجالات التقارب والاختلاف الواردة في أكثر من 80 مقترحاً مكتوباً. وقالت سيساعد هذا التقرير في صياغة وتصميم المرحلة التالية من العملية من أجل الخروج من المأزق السياسي الحالي. وبغية تحقيق النجاح لا بدّ من أن تكون هكذا نتيجة سودانية الصنع ومملوكة للسودانيين. وعلى الرغم من أنّ هذا التقرير قد يخيّب آمال متوقّعي حلّ من قبل الأمم المتحدة، يبقى الهدف من هذه العملية دعم حلّ سوداني للخروج من الأزمة السياسية الحالية.
انحياز
ويقول خبراء أن ما جاء بوثيقة فولكر يمثل انحيازاً لأطراف محددة وقال الدكتور عصام بطران الأكاديمي والمحلل السياسي أن أخطر ماورد في وثبقة فولكر ثلاثة مصطلحات خطيرة أولها قانون انتخابات “محسن” .. وهذا يعني تفصيل قانون الانتخابات على مقاس مجموعة الأربعة المقربة من اليونيتامس وثانيها الإشارة إلى عدالة انتقالية بتجاوز قطاع العدالة “التقليدية” .. وهذا يعني إلغاء دور القضاء والنيابة في تحقيق العدالة، وثالثاً “استبعاد” قيام انتخابات في المناخ السياسي الحالي .. وهذا يعني تطاول مدة الفترة الانتقالية .
وأشار الدكتور شمس الدين الحسن استاذ بالجامعات السودانية أن البنود التي ارتكزت عليها البعثة الأممية هي مطالب مجموعة الأربعة تحديدا والحزب الشيوعي
وقال الحسن أن هذا التقرير منحازا وغير محايد وأن فولكر تجاوز مهام تفويضه كمسهل إلى تقديم اقتراحات في قضايا جوهرية ليس من حقه التطرق لها .
تفنيد
وقال الأستاذ ياسر إبراهيم انه في مقدمة وسبع عشرة فقرة ورد تقرير يونيتامس الخاص بنتيجة المشاورات التي عقدتها البعثة الأممية في الخرطوم مع بعض السودانيين ، وبغض النظر عن أحقية البعثة في التدخل في مثل هكذا قضايا ( وهو محل نقاش وجدل حقيقي ) فهذه بعض الملاحظات حول التقرير فهو لم أي يتبع التقرير منهجاً علمياً مقنعاً ليوضح المعايير التي إستند عليها في إختيار ال 800 شخص الذين إستمع إليهم ، ولخص منهم تقريره ، الأمر الذي يطرح التساؤل حول مصداقية التقرير ومدي تمثيله لآراء الشعب السوداني الذي يزعم التقرير أنه يمثلهم ويمثل جوهر تطلعاتهم وجماع أفكارهم. وقال انه من الواضح أن معدي التقرير قصدوا إستخدام ذلك المنهج ، وذلك ليتسنى لهم توظيف مخرجات من إستمعوا لهم لتمرير أجندتهم ولتمديد إختصاصهم في كل القضايا السودانية ، إبتداء من التقرير بشأن الفترة الإنتقالية مرورا بهيكلة الأجهزة الأمنية وإنتهاءً بتشكيل مستقبل السودان ، واستخدم التقرير في ذلك طريقة غير علمية وغير منهجية ، حيث تكرر في كل محاور التقرير ( أصحاب المصلحة السودانيين ، الأغلبية الساحقة ، راي الكثيرون وأضاف ورد مصطلح أصحاب المصلحة السودانيين في التقرير ليؤسس علي ضوئه صياغة بقية الأفكار ، وهو مصطلح يذكر بالمؤتمر الذي عقدته تشاتام هاوس في الخرطوم بعد التغيير مباشرة تحت نفس المصطلح وشكلت توصياته الأساس الفكري والإجتماعي للمسار الذي سارت عليه الفترة الإنتقالية علي مستوي السياسات الإقتصادية والرؤية تجاه المكون العسكري ، وفي هذا التقرير كذلك تم إستدعاء نفس الأفكار من وثيقة مؤتمر تشاتام هاوس فيما سمي ( بإصلاح قطاع الأمن).
وأضاف ياسر وردت خمسة عشر إشارة خاصة بتمكين المرأة واتخاذ التدابير والإجراءات التي تضمن حقوقها ، والقارئ للتقرير يستخلص منه وكان المرأة كانت مضطهدة إضطهاداً شديداً في السودان كمثل الذي تعرضت له المرأة في أوروبا القرون الوسطى ، أو كأن البعثة جاءت لتعلم السودانيين إحترام المرأة دون أن تجد من يذكرها بأن السودان ليست فيه تلك الإدعاءات الفارغة عن إمتهان كرامة المرأة ، بل ظلت المرأة منذ النضال ضد المستعمر وطوال فترات الحكم الوطني جنباً إلى جنب مع رجال السودان ، وتوجت مكاسبها في قوانين الإنتخابات بتثبيت حقها كاملا نسبة لا ينازعها فيها الرجال ثم تتنافس معهم في بقية النسب دون من ولا أذى ، ولننظر إلى نماذج مما ورد في التقرير ( ضرورة إنشاء مفوضية المرأة والمساواة بين الجنسين ، إلغاء وإصلاح القوانين التمييزية ضد المرأة ، وجوب تمثيل المرأة في جميع المستويات في الجيش والشرطة والأمن ، إتفاق جوبا لا يفي بتطلعات المرأة الجنسانية ، حوادث إغتصاب النساء في المظاهرات) ..
وأردف حين ورد الحديث عن الإنتخابات ، وهي أهم إستحقاق يمكن أن ينهي كل هذا الارتباك في المشهد السوداني ويؤسس لحكم مستقر يتجاوز الفوضى التي نعيشها حاليا جنح التقرير إلي إبراز وجهة نظر تقول ( يجب عدم التسرع في إجراء إنتخابات في مثل هذه الظروف ) ، وتساءل أليس عجيباً وغريباً ألا تكون الأمم المتحدة مكرسة جهدها ووقتها لمساعدة السودانيين في الإنتقال السريع وذلك بإجراء إنتخابات تضمن لهم تجاوز حالة عدم الإستقرار هذه؟ ..
وقال انه في فقراته السبعة عشر لم تتذكر بعثة الأمم المتحدة في الخرطوم الصعوبات التي يواجهها السودانيون في معيشتهم واوضاعهم الإقتصادية ، ولم تسألهم عن ذلك ، ولم تورد أية مقترحات لمساعدة السودانيين في هذا الملف ، ولكنها كانت مهتمة بالعناوين التالية ( حالة الوثيقة الدستورية ، العلاقة بين المدنيين والعسكريين ، قطاع الأمن في المستقبل ، حقوق المرأة ومشاركتها ، العدالة الانتقالية ، صناعة الدستور ، الإنتخابات ، أجل الفترة الإنتقالية ) والسؤال هنا إذا كانت البعثة الأممية معنية بكل ذلك فماذا تبقي السودانيين في وطنهم؟؟
وختم بالقول انه من الواضح أن التقرير بنيت روحه علي إستعادة الأوضاع لما قبل الخامس والعشرين من أكتوبر وذلك بتسميته لما حدث في ذلك اليوم إنقلابا ، ومن ثم بناء وتصميم محاور التقرير والأسئلة لمن استطلعت أراؤهم بناء علي ذلك التصور ، وختام التقرير بالتأكيد علي أن أولي الأولويات هي الرجوع لمرحلة ديمقراطية بقيادة مدنية تكون هناك آلية لرصد سلوكها من المجتمع المدني ، وتتشكل تحت التسيير الفعال من المجتمع الدولي وتتبني الحلول الشاملة (وقال أذكر أن هذه الفقرة مأخوذة من تقرير البعثة الأممية وليس من ميثاق سلطة الشعب).