رأي

بثينة أبو القاسم تكتب: رحمك الله يا عمر..نمت قرير العين هانيها

اوراق خاصة جدا
بثينة ابو القاسم
رحمك الله يا عمر..نمت قرير العين هانيها
وانا أمر علي مقربة من مباني السفارة المصرية بالخرطوم هالني منظر ذلك العدد الذي لا يمكن الاستهانة به ابدا من الشباب أولئك الذين يحملون مستنداتهم بغية التوجه إلي جمهورية مصر العربية الشقيقة بغرض الإقامة فيها.. وهنالك فئات ذاهبة لتكملة رحلة البحث عن العلاج اللازم بعد أن استحال عليهم أمر الحصول عليه لظروف لا يعلمها إلا الله وهناك فئات اخري ذاهبة لتبحث عن الاستجمام والراحة النفسية .. هذا ما علمته من بعض الذين ساقني فضولي الإعلامي للالتقاء بهم من فرط كثرة اعدادهم .. كان بعضهم تبدو علي ملامحه سمات الغضب والاشمئزاز فتحركت قبالتهم وسألتهم قائلة(أنتم شباب هذا الوطن الكبير المترامي الأطراف لماذا تهجرونه وكيف تطاوعكم ضمائركم علي هجره وفي مثل هذا التوقيت علما بأنكم أنتم من قدتم ثورته وما ذلتم..؟؟؟) جاوبني أحدهم بصوت ممزوج بشئ من اللوعة والاسي حتي انه طفرت من عينه اليمني دمعة كان يكابد إخفائها .. ولكنها تحدته ساقطة . قال لي اذا حدثتك تصدقينني ..! قلت له نعم انا مؤمنة ..فقال انا والي لحظة خروجي من منزلنا تركت أهل بيتي يكابدون زمنا مسغبة الجوع والحرمان فقد استحال الحصول علي ما يمكن أن يسد الرمق ومنذ مساء الأمس قررت ترك دراستي ونويت الهجرة من اجل امي واخوتي الصغار فوالدي قد توفاه الله منذ سنوات وانا اكبرهم ويقع علي علاقي توفير لقمة العيش الكريم لهم
وقد استحال علي ذلك هنا فالراتب لا يكفي ليوم هذا أن وجد العمل المستقر أصلا هذا يا اختي الفاضلة كل ما يشغل تفكيري الان..! بعدها تواريت حياء واستحيت و فكرت في قرارة نفسي أن لا أجرؤ علي سؤال أحد آخر لقد أيقنت أن الهدف واحد
حينها اسودت الحياة أمام وجهي وتسألت كم من الأسر في بلدي صار ينام صغارها علي (الغوي) وكم هناك من هم يغالبون الجوع وكم هناك من يتأوهون من الم بطونهم من فرط الشبع ..؟ انها مقارنة النقيض بالنقيض ..ما هذا الذي نعيشه يا سادتي الحكام فكيف لكم أن تنامون ملئ جفونكم وهنالك .. هنالك رضيع أصابه الهزال والسقم لأنه رضع من صدر أمه التي تعودت أن تبيت (الغوي) لشدة فقرها !؟؟ كيف تنامون وشبابنا قد فضل الرحيل المر علي البقاء في داخل دولة يكابد مواطنها للحصول على ابسط مقومات الحياة التي تدفع بالمرء إلي حيث سد الرمق؟؟؟ كيف يزور أعينكم النعاس .. وهنالك من سقطت مدرسته وهدمت عوامل الطبيعة دياره وتركته في العراء لا منزل له ..
كيف تنامون والمواطن يتبرم ضيقا وهو يقف لشراء البترول الذي يصعب الحصول علي ثمنه ليضع ضريبته على كتف اخيه دون حياء من أجل أن يتمكن هو الأخر من جلب الخبز واللبن لاسرته .. وهنالك من يقفون لملأ خزانات سياراتهم عبر وقودا ( بتكت) خصص لابنأء السادة والوزراء ..انه الترف المقنن بالفساد ..
كيف تناموا والمساكين يتسالؤن عن موعد دوران ماكينات المصانع التي توقفت لسنوات بعد أن كانت لهم الملاذ الآمن ففيها ما كان يكفي علي الاقل من مزلة السؤال ؟؟ كيف تغشاكم ياسادتي السكينة و(مشروع الجزيرة) الذي كاد أن يصبح في يوم من الايام سلة غذاء قد هجرته حتي الطيور ؟؟؟ مالذي يحدث يا سادة .. دلونا فنحن بتنا نشعر بالأسى والهزيمة وما أقسى هذا الإحساس . حقا لقد اضحينا نتواري خجلا مما نعانيه ونحس به عبر الفينة والفينة . فهل يقبل انسانا بعد أن كان في يوما يتنفس برئة كاملة وهو شامخا مرفوع الراس وموفور الكرامة بأن يتنفس بنصف رئة وهو يبحث عن من يعيد له عافيته التي سلبت في ليلة القبض علي مكارم الأخلاق .. ما هكذا وجدنا وما هكذا نريد أن نكون أيها السادة أعيدوا لدولتنا هيبتها ولانسانها هدوءه وكرامته وراحته فارض الله واسعة ولكنها باتت بفعلكم الممجوج لا تسع الجميع .

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق