رأي
محمد عبد الله الشيخ يكتب في نصف رأي: عام الحزن وامتحان الصبر
محمد عبد الله الشيخ
نصف رأي
عام الحزن وامتحان الصبر
علمتني الحياة أن أتلقي كل ألوانها رضيً وقبولا
ورأيت الرضي يخفف اثقالي ويلقي علي المآسي سدولا
الحمد لله الذي خلق الموت والحياة وجعل الظلمات والنور اللهم الأمر امرك وكل شيء بتقديرك اللهم انك ان ابليت فطلما قد عافيت ظللنا كحال اغلب الشعب السوداني نمتحن في صبرنا مع تطاول عام الحزن وتعدد مآسيه ومطباته الوعرة تطل علينا الايام كالحة شديدة السواد والعتمة جراء فقد عزيز مابين دانة طائشة او انعدام الدواء و المشافي وقهر التهجير هكذا رحل عن دنيانا اخي ابن عمتي عبدالله البشري محمد الحسن الأخ غير الشيق والأقرب من بين أبناء عمتي لوالدي عليهما رحمة الله فقد تربي المغفور له في صباه وعاش مرافقا للوالد وكان شديد الاعتزاز والفخر بذلك كان عبدالله جوهرا ومظهرا عالي المعرفة واسع الاطلاع خطيب اريب كان حمامة مسجد وصديقا للمصحف رحل في مهجره القسري بعيدا عن داره واهله ليسلم روحه الطاهرة بمدينة حلفا الجديده بعد ان هجر داره العامرة وديوانه الفسيح في رحلة من المشاق امتدت عبر محطات من العناء من الجزيرة الي جبل مويه ثم الي القضارف وانتهاءً بحلفا ليضاف الي قائمة الأسرة ممن أسلموا أرواحهم خارج الديار دون نؤدي واجب العزاء فيه كان آخر لقائي به في ذلك اليوم العصيب المفزع المشهد المصغر ليوم الحشر يوم سقوط مدينة الدندر علي يد تتار العصر مليشيا ال دقلو عليهم من الله مايستحقون كان جالسا علي حقيبة ملابس يحاول بجلد وصبر ان بخفي عني ألمه كانت نظراته بين اسي الفراق واللقاء الاخير والمصير المجهول كان مشهد يعتصر القلب ومجموعة من الأهل من كبار السن واصحاب الأمراض لا تحملهم أقدامهم ولاتقوي علي السير اخي عبدالله وحرمه آمنة الخليل وشقيقتها تميرة وزوجها ابن عمي خلف الله احمد سعيد وبنت عمتي نفيسة البشير. وانخرط الجميع في نوبات من البكاء والعناق مع والدتي الحاجة مياسة مصطفي وحتي الان لا أدري كيف قطعت بها هذه الأميال سيرا علي اقدامها هي ومن وضعتني الصدفة امام اقسي وامر امتحان بملاقاتهم كم أحسست بعجزي وقلة حيلتي امام هذا المشهد التراجيدي دون استطيع تقديم ابسط خدمة لهم ولمرافقيهم من الأطفال والاحفاد ونساء الاسرة والاقارب رأيت الفرحة تلعو وجوه الكثيرين لمجرد ان نري بعضنا بعد طول فراق وتقطع سبل رايتهم وليتني لم اقابلهم لما كان يبدو علي علي ملامحهم من رهق يتخفي خلف فرحة التلاقي في هذا الواقع الموحش ليتي لم اقابلهم لشدة ما اعتراني من احساس بالعجز وقلة الحيلة عن تقديم ابسط خدمة هم احوج لها كظل يظلهم او دابة تقلهم الي المجهول دون ان ادري الي اين ، منذ تلك اللحظة لم التقي عبدالله وكل هذه المجموعة من الأهل بعد ان ركب كل منا دابة في طريق المخاطر والمجاهيل وعلمت عن طريق التواصل بعد ان استقر كل منا في منفاه الإجباري انهم توزعوا وتفرقوا ما بين القضارف وحلفا وكسلا مقهورين مكسوري الخاطر من بعد الديار وصعوبة الاختيار يزيد ماساتهم جشع اصحاب المنازل الذين يجهلون ما كان يعيشه اهلي من عز في ديارهم الفسيحة هكذا رحل اخي عبدالله كرحيل ابن خاله الصادق احمد الشيخ وابن اخته عمر عبد الرحن احمد وابن اخيه عابدين احمد البشير ان موعد لقاءكم الجنة ان شاء مع شقيقك محمد الحسن واخيك دفع الله هكذا رحل الأهل والأحباب في عام الحزن ليترك رحيلهم فينا أثرا باقيا وحزنا عميقا
اللهم تقبل عبدك عبدالله البشري وكل موتانا واغفر لهم وأكرم نزلهم ووسع مدخلهم وعاملهم بالحسنات إحسانا وبالسيئات عفوا وغفرانا
هكذا فعلت بنا وبالملايين من العزل هذه المليشيا الباطشة يتداعي الناس موتا وقهرا
ولا حول قوة الا بالله