سياسة

هل اصبحت قحت من مخلفات الماضي الذي تجاوزه الزمن وحركة الوعي المستقبلي؟!

الخرطوم: سودان بور
علق عدد من المراقبين علي تصريح القيادي بالحرية والتغيير الميثاق الوطني الاستاذ حيدر الصافي الذي اتهم قحت بانها تقود البلاد الي نظام شمالي باسم الديموقراطية! وغرابة التصريح الذي يعكس حالة من الاقصاء الجهوي تستبطنها قحت ضمن اشكالات كثيرة تختزنها احشاؤها الموارة بالخلافات والتناقضات مابين مكوناتها الحزبية التي لم يجمع بينها سوى هدف اسقاط نظام الانقاذ! لم يوحدهم سوى العدو المشترك! ولما سقط انغمسوا في تناقضاتهم الذاتية واختلافاتهم الفكرية التي امتدت مابين اقصى اليسار واقصي اليمين! فكان التنازع الحتمي الذي قاد الي اضعافها وتلاشي قدرتها علي الصمود امام متغيرات الواقع وتحولاته السياسية الحادة!
يرى كثير من المراقبين ان قحت علي الرغم من انها تتكون من تيارات واحزاب الا انها لا تعدو عن كونها مجاميع من شلليات اولاد الخرطوم اتنين واوزون ورفقاء النشاط الطلابي ايام الجامعة! وكأنهم لا يعرفون شيئا عن الولايات ولا قضايا الهامش وكأن السودان هو ثلاث شوارع في الخرطوم! بما يجعل منها ليس سوى تحالف بين النخبة ذات الامتياز التاريخي التي سيطرت وظلت مسيطرة علي البلاد طوال فترة مابعد الاستعمار ولا تعبر سوى عن مصالح هذه النخبة! ولهذا ليست لها مصلحة حقيقية في تغيير بنية الدولة السودانية تغييرا شاملا يقود الي نسف التركيبة السائدة والمسيطرة علي الدولة السودانية منذ مابعد الاستعمار وحتي الان!
من اجل ذلك يرى البعض ان قحت ناصبت اطراف السلام العداء منذ المفاوضات في جوبا وكانت اكثر الجهات تعويقا للعملية السلمية لان الكتلة ذات الامتياز التاريخي التي تمثلها لم تألف ان يكون الهامش وغالبهم اطراف السلام جزءا من القرار السياسي للبلاد!
اتفاقية جوبا التي تعمل الان قحت ضدها وتسعى لالغائها من خلال هذه الرؤية التي تعتبر نتاجا لمفهوم المناطقية الضيقة التي لا ترى سوى نوعية معينة هي التي يجب ان تسيطر علي السلطة المركزية بالبلاد!
لهذا يظل انتشار خطاب الكراهية وتفشيه ضد اطراف السلام واتفاق جوبا جزءا من الخافية الجمعية لبنية الوعي التي تمثل خلفية ثقافية لها لمعرفتها ان اتفاق جوبا سوف ينسف بنية الدولة القديمة من أجل سودان يتساوى فيه جميع مواطنيه دون احتكار لنخبة تاريخية ظلت مسيطرة علي القرار السياسي تتقاسم الامتيازات والموارد السودانية! لانه سوف يغيير من شكل ووعي المجتمع السوداني وتركيبته الحضارة الفاعلة نحو مزيد من التوازن الاجتماعي بما يجعل قحت كرؤية ومفهوم وماتعبر عنه قضية قديمة تجاوزها الزمن باعتبارها احد مخلفات السودان القديم الذي تجاوزته الثورة بوعيها وشعاراتها في العدالة والمساواة واعادة تأسيس الدولة السودانية!
وذلك مما يجعلها تحارب نفسها وتسبح ضد تيار الوعي ومستقبل البلاد وتنتابها الانشقاقات والتشظي والشيطنة والتخوين ويصل الامر بها مرحلة يجعلها تتخلى حتي عن كثير من رموزها وقياداتها من خلال الانقسامات كماهو حادث الان بوصولها مرحلة تخلت فيها حتي عن حيدر من الصافي نفسه وهناك لاشك المزيد من الاخرين الذين لايجدون بدا من التساقط عن قحت وما تمضي فيه من طريق لا يقود الي الي العتمة وانسداد الافق؟!

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى