تحقيقات وحوارات
تحذير من محاولة لاستنساخ (جدة )،، مفاوضات جنيڤ .. أجندة خفية
تحذير من محاولة لاستنساخ (جدة )،،
مفاوضات جنيڤ .. أجندة خفية..
تناقضٌ واضح بين طبيعة الدعوة، وبين ما يجري داخل القاعات في جنيڤ..
الخطوة محاولة للالتفاف على منبر جدة، ومصادرة خيارات الحلول وتدويل القضية..
بيان للحكومة يعلن تمسكها بمنبر جدة ويدعو إلى تنفيذ تعهداته..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو
أعلنت الحكومة السودانية موافقتها على المشاركة في مداولات غير مباشرة بمدينة جنيڤ السويسرية بشأن الأوضاع الإنسانية التي أفرزتها الحرب التي أشعلت فتيلها ميليشيا الدعم السريع في الخامس عشر من أبريل من العام ٢٠٢٣م، وأكد بيان ممهور باسم وزير الثقافة والإعلام، الناطق الرسمي باسم الحكومة، دكتور جراهام عبد القادر، أن مشاركة السودان في جنيڤ تأتي انطلاقاً من الواجب الوطني تجاه المواطنين السودانيين وتماشياً مع التزامات الحكومة بموجب القانون الدولي الإنساني.
دعوة للسلام:
وجدد وزير الثقافة والإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة دكتور جراهم عبد القادر، دعوة الحكومة لكافة الأطراف المحلية والإقليمية والدولية للعمل معاً من أجل تحقيق السلام والاستقرار في البلاد، داعياً جميع المواطنين ووسائل الإعلام إلى التعامل بمسؤولية مع الطبيعة الفنية لمداولات جنيف، وعدم الانجراف وراء الشائعات والمعلومات المضللة التي تبثها الدوائر المعادية للسودان، وذلك دعماً للجهود المبذولة لتحقيق الأهداف المنشودة، وأكد جراهام أن الحكومة على قدر التحدي الذي يواجه الشعب السوداني خلال هذه المرحلة العصيبة من تاريخه، حيث تتضافر دوائر إقليمية ودولية للنيل من أمنه وسيادته ووحدة أراضيه.
وفد من خبراء:
الوفد الفني للحكومة السودانية الذي حط رحله بمدينة جنيڤ السويسرية، يضم خبراء في الشأن الإنساني برئاسة مفوض العون الإنساني سلوى آدم بنية، بالإضافة إلى ممثلين للوزارات والجهات ذات الصلة بالعمل الإنساني، ووصل الوفد السوداني إلى سويسرا محمولاً على أكتاف حرص الحكومة والتزامها التام بالعمل على تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية للمواطنين في كل الولايات المستهدفة، مما دفعه إلى تلبية دعوة السيد رمضان العمامرة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة التي كانت تشير إلى إجراء مناقشات غير مباشرة عبر العمامرة نفسه وليست عملية تفاوض وجهاً لوجه.
مكوث بلا أجندة:
ومكث الوفد الحكومي عدة أيام في جنيف دون أن يتلقَ أية أجندة أو برنامج يكشف كنه هذه المداولات المرتقبة وغير المباشرة والمتصلة بالأوضاع الإنسانية التي أفرزتها الحرب، ليتفاجأ وفد الحكومة السودانية بطلب للذهاب إلى قصر المؤتمرات بجنيڤ خلافاً لطبيعة المناقشات غير المباشرة، وهو أمر لم يرَ فيه الوفد الحكومي داعياً، ويتناقض تماماً مع التفاهم حول عدم الإشهار الإعلامي لهذه المناقشات الأمر الذي طالب به الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة السيد رمضان العمامرة.
التمسك بمنبر جدة:
ولما كانت هذه الخطوة تشير إلى جلوس وفد الحكومة مع الوفد الممثل لميليشيا الدعم السريع في مفاوضات مباشرة، فقد أكدت الحكومة السودانية أنها لا ترى داعياً لإنشاء منبر جديد للوساطة، إذ تظل متمسكة بمنبر جدة وتعهداته وضرورة تنفيذ تلك التعهدات التي أُبرمت، كما أن الحكومة لن تقبل التعامل مع أي جسم بديل أو موازٍ بشأن الإغاثة الإنسانية خلافاً للكيان الحكومي المختص بذلك، وهو مفوضية العون الإنساني واللجنة العليا للطوارئ الإنسانية.
وأعلنها ستيفان:
وكان المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، قال في تصريحات له إن مبعوث الأمين العام الشخصي إلى السودان، رمضان العمامرة، وفريقه يواصلون المناقشات غير المباشرة مع وفدين من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في جنيڤ بسويسرا، معرباً عن أمله في أن تنجح هذه المفاوضات غير المباشرة في توقيع الطرفين على اتفاق لوقف إطلاق النار في بعض المناطق من أجل إيصال المساعدات الإنسانية في ظل تنامي أزمة الجوع.
تناقض في المواقف:
وبحسب مراقبين فإن التناقض يبدو واضحاً ما بين تصريح المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، وبين ما يحدث على الواقع في جنيڤ، حيث تحاول بعض الجهات جرّ وفدي الحكومة السودانية وميليشيا الدعم السريع إلى الجلوس داخل قاعة واحدة في مفاوضات مباشرة للتوصل إلى وقف إطلاق النار، وهي خطوة يصفها مراقبون بمحاولة استنساخ منبر جدة في جنيڤ، وهو الأمر الذي ترفضه الحكومة السودانية باعتبار أن منبر جدة استوفى كل المطلوبات السياسية والإنسانية ويمكن أن يمضي إلى غاياته في حال التزمت ميليشيا الدعم السريع بتنفيذ مخرجات المنبر الداعية إلى خروجها من منازل وبيوت المواطنين ومن الأعيان المدنية.
محاولة التفاف:
ويقول مصدر رفيع ذو علاقة بالملف إن ما يجري في سويسرا هو محاولة للالتفاف على منبر جدة، ومصادرة خيارات الحلول من خلال ما وصفها بتُرّهات ليست في مصلحة البلاد تبتغي تدخل مباشر للأمم المتحدة وفتح باب التدويل عبر الشأن الإنساني وادعاء حماية المدنيين وتعبيد الطريق لدخول قوات أممية عبر بوابة الفصل السابع وفرض المزيد من العقوبات، وأكد المصدر في حديثه للكرامة أن الحكومة السودانية واعية تماماً وتتعامل بمهنية عالية مع الملف وقادرة على التفريق بين ما يلبي حقوق مواطنيها وما يمسُّ سيادتها الوطنية.
عرمان يحتفي بجنيڤ:
واحتفى رئيس الحركة الشعبية التيار الثوري ياسر عرمان بما يجري في جنيف، وقال في مقالة له إن هذا الاجتماع يهم الملايين من أصحاب الحق وضحايا الحرب، وعلى القائمين بتنظيمه ألا يكتفوا بجولة واحدة لأن الرصاص وأصوات المدافع في الأرض تؤثر سلباً، وعليهم عقد سلسلة جولات بدعم من مجلس الأمن والمنظمات الإقليمية والدولية وحشد طاقات كافة المنابر الأخرى للدفع بالأطراف في سلسلة اجتماعات متقاربة زمنياً حتى لا يتم فقدان قوة الدفع، داعياً الوسيط إلى تحديد أقرب وقت للجولة الثانية حال فشلت الجولة الحالية، وأبان عرمان أن أي وقف لإطلاق النار يحتاج أن يكون طويل الأمد وبرقابة إقليمية على الأرض، معتبراً أن طرفي الحرب يحتاجان هذا الوقف لأسباب تكتيكيه واستراتيجية في مقدمتها إعادة تنظيم صفوفهما والسيطرة على قواتهما، والأهم من ذلك حلُّ الكارثة الإنسانية وحماية المدنيين، وعليهما تغليب الأفق الاستراتيجي في وقف وإنهاء الحرب وبناء السودان الجديد.
تعاون مع الأمم المتحدة:
وكانت الحكومة السودانية قد يسّرت خلال الفترة الماضية دخول ٤٦٠ شاحنة محملة بمواد من المساعدات الإنسانية عبر منطقة الطينة على الحدود السودانية التشادية لإغاثة المواطنين الموجودين في تلك المناطق التي تسيطر عليها ميليشيا الدعم السريع، وجددت الحكومة السودانية التأكيد على التزامها بالتعاون الإيجابي مع الأمم المتحدة في كل ما من شأنه تخفيف المعاناة عن المواطنين والتوصل إلى رؤية مشتركة بشأن توصيل الإغاثة للمحتاجين والنازحين في المناطق التي تضررت بسبب مباشر من الاعتداءات المتكررة والمتعمدة لمليشيا الدعم السريع.
خاتمة مهمة
على كلٍّ يبدو أن جهات دولية وإقليمية تسعى ومن خلال منصة المناقشات غير المباشرة في مدينة جنيڤ السويسرية، إلى تنفيذ مخططات خارجية تحاول من خلالها تمرير أجندات خفية ضد مصلحة الحكومة والشعب السوداني، ويُحمد للحكومة السودانية إصدارها بياناً قوياً للرأي العام وضعت فيه النقاط على الحروف، وأغلقت الباب تماماً أمام الشائعات والتكهنات والتحليلات غير المنطقية، وهي خطوة متقدمة أن نسمع للحكومة صوتاً ظل خافتاً معظم فترات الحرب، ولعلها سانحة لنهمس في أذن رئيس مجلس السيادة الانتقالي، القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بضرورة استكمال هياكل الدولة، بتسمية رئيس الوزراء ليقوم بتشكيل حكومته المرتقبة التي ستكون ساقاً أخرى تقف عليها الدولة في هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها السودان.