سياسة

مبادرة الجد الاصطفاف والاصطفاف المضاد

الخرطوم: سودان بور
يكاد يتفق جميع المراقبين بالقول أنه لاول مرة بعد قرارات الخامس والعشرين من اكتوبر الماضي؛ تتفق الحرية والتغيير المجلس المركزي والميثاق التوافق الوطني وحركات الكفاح المسلح ولجان المبادرة والشارع الثوري عموما علي رفض مبادرة نداء اهل السودان مبادرة الشيخ الطيب الجد خليفة سجادة السادة البادراب وتوصيفها بوصف مشترك بين الجميع انها اعادة تدوير للفلول والثورة المضادة!
وامام هكذا توافق يبرز السؤال المركزي الذي يحتاج الي إجابة وتحايل انه في ظل هذا الاجماع بالرفض المشترك للمبادرة من خلال هذه الكيانات؛ هل ينمو كنواة لتطوير العمل فيما بينها للدفع نحو مزيد من التنسيق للمضي الي توافق اوسع يشكل اعادة انتاج جديدة لتوحيد قوى الثورة مرة اخرى؟ خاصة فيما رشح من تصريحات ل “مريم الصادق” في الوصول لتفاهمات كبيرة مابين جناحي الحرية والتغيير والعسكر فيما يمكن ان يقود الي اتفاق واعلان دستوري جديد يشكل معالم ماتبقى من الفترة الانتقالية!
يرى كثير من المراقبين ان مبادرة الطيب الجد رغم رفضها من هذه القطاعات الواسعة والتشكيك في الجهات الخفية الداعمة لها الا انها ربما كانت حافزا للتحدي والاصطفاف المضاد بما يقود الي توافق مابين قوى الثورة ونسيجها الحي ويشدد منطق الرافضين الي الغموض وعدم الشفافية التي تميزت بها المبادرة قبل الاعلان عنها وتبنيها من قبل سجادة السادة البادراب؛ التي يعتقد كثيرون انها ليست سوى غطاء وواجهة ذات ثقل واحترام جماهيري فقط! من اجل كسب التعاطف والمقبولية من قبل الجماهير، الا ان الشعب بعد هذه السنين الثلاث بعد انتصار الثورة اصبح اكثر نضجا ووعيا من مجرد الانبهار بالعناوين البراقة والشعارات المنمقة! فقد اكتسب وعيا نتاج تجربة مريرة مع تحالف الحرية والتغيير الذي احب؛ وتجمع المهنيين وخلافه؛ ممن مثلو ايقونات للثورة! وفي نهاية المطاف اسلموهم للريح فحاولو قبضها فتسربت من بين ايديهم وتلاشت مع أحلامهم العراض! لهذا اصبح الشعب اكثر وعيا من الانخداع بالاسماء الكبيرة والعناوين الملفتة! وهنا تكمن ورطة مبادرة الشيخ الطيب الجد! بحيث لم تستطع حتي الان الاجابة علي الاسئلة الابرز التي مثلت شكوكا غامضة وغائمة في اذهان الجماهير؛ التي عانت من انعدام الشفافية والمصداقية في كل ماتقدم؛ ولهذا ايضا تقف الشفافية والمصداقية الان حائلا مابينهم وبين المبادرة!
وعلي رغم مآلات ما تنتهي اليه مجريات الامور تجاه المبادرة الا انه هنالك تساؤل حائر مغلف بالبشريات خلف كل هذه الغيوم! هل تلوح من خلال ذلك(الشكوك؛ انعدام الشفافية ؛ الغموض؛ الرفض) بوادر لمعالجة الازمة السياسية والانسداد الذي ظل يخيم علي الاوضاع بالداخل؟ من خلال تجمع وتوافق قوى الثورة الذين مثلت لهم المبادرة مايشبه حافز التحدي الذي يقودهم للتوحد من اجل هزيمته؛ وربما استمر التوحد والتوافق فيما بينها الي ابعد من رفض المبادرة وحسب! وانما الي بناء تحالف الحد الادنى لتحقيق مطلوبات الثورة والمحافظة علي مسار الانتقال!؟

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق