تحقيقات وحوارات

السودان: تكدس الجثامين بالمشارح… مخاطر تلوح في الأفق

تكدس الجثامين بالمشارح… مخاطر تلوح في الأفق
تحقيق : خالد فضل السيد
وسط شد وجذب وتراشق بالكلمات والعبارات بين الأطراف في قضية دفن وتشريح الجثامين مجهولة الهوية المتكدسة بالمشارح برزت عدة مشاكل واجهت هذه القضية وكانت سببا في تعقيدها حيث واجه القرار اعتراضات قوية من أسر المفقودين ساندتها بعض الأجسام والقوى السياسية التي اطلقت حملة ( بدون عدالة ضياع المفقودين ) فعقدت الندوات وسيرت المواكب لهذه القضية وأكدت بتصعيدها دولياً .
في ذات الصدد أدى تأخير تنفيذ قرار التشريح والدفن إلى تكدس الجثامين بالمشارح ومما فاقم من الإشكالية هو الانقطاع المتوالي للتيار الكهربائي بالمستشفيات الأمر الذي ترتب عليه تحلل الجثث وانبعاث الروائح الكريهة منها والتي بدورها خلقت مشكلة أخرى أدت إلى خروج السكان المجاورين لتلك المشارح محتجين ومطالبين بدفن تلك الجثامين أو أبعاد المشارح من تلك الأحياء فقد أصبحوا طرفا في هذه القضية .
ترقب وحذر من كل الاطراف في القضية في انتظار القرارات التي تنهي المشكلة التي أخذت أبعادا أخرى إذ تناولتها وسائل الإعلام الداخلية والقنوات الخارجية بصورة دورية فأصبحت قضية راي عام.
هذا المشهد المعقد والمتشابك أربك الوضع وجعل أصحاب القرار في وضع لايحسدون عليه بعد وصول القضية لمرحلة الخطر إذ أصبحت قابلة للانفجار مالم يتم التعامل معها بحكمة ترضى كل الاطراف المعنية.
تساؤلات يطرحها المراقبون السياسيون والاطباء
ماهي الحلول والمعالجات التي ستطرحها جهات الاختصاص لحل هذه القضية إذ أن وضعها هكذا دون حلول ناجعة ترضى كل الأطراف ستؤدي إلى ظهور الأمراض جراء تحلل الجثث التي أصبحت وجبة للفئران والقطط وفي ظل انبعاث الروائح الكريهة باستمرار لن يسكت السكان الذين يجاورن تلك المشارح .
مطالب أسر المفقودين…
وجد القرار الصادر من السلطات بدفن وتشريح الجثامين بالمشارح اعتراضات وانتقادات شديدة من أسر المفقودين الذين ساندتهم بعض الأجسام والقوى السياسية وقاموا بإطلاق حملة ( دفن بدون عدالة ضياع للمفقودين ) وقاموا بتسير المواكب لكافة المشار ح بالعاصمة لمناهضة القرار ومطالبين بفريق دولي يقوم بأخذ الحمض النووي ومطابقته مع أسر المفقودين ووضع رغم تعريفي للجثامين وأعلنوا عن تصعيد القضية دوليا.
فيما اتهمت والدة إحد المفقودين جهات لم تسميها بالتواطؤ واستهداف المفقودين وأسرهم لطمس الأدلة وإخفاء الملفات وأكدت أن أسر المفقودين ليس لديها أهداف سوى معرفة مصير ابناؤهم المفقودين مشيرة لرفضها تشريح ودفن الجثامين دون وجود جهات ذات ثقة لهم.
في ذات السياق قال عضو محامو الطواريء عثمان البصري في تصريح صحفي أن حجة تكدس المشار ح بالجثامين آخر المتاريس من الجهات المعنية لإغلاق الملف مبينا أن أسر الضحايا والشارع ليس له ثقة في الطب العدلي واتهم اللجنة العليا للتعامل مع الجثامين المتكدسة بعدم النزاهة وبرر ذلك بوجود سوابق وأدلة كثيرة في تزور التقارير وحذر البصري
من خطوة دفن الجثامين وذكر أن وجود تزوير في التقارير يعد طمس للأدلة وتشويه للحقيقة.
فيما وصف المحامي الطيب العباسي رئيس لجنة المفقودين أن القضية شائكة وأكد أن الصراعات بين أطباء الطب العدلي سبب اساسي في تأخير إجراءات التشريح وتكدس الجثامين بالمشارح وأضاف أن اللجنة واجهت تحديات في الإجراءات العقيمة وتدخل بعض أطباء الطب العدلي في كتابة تقارير مضللة.
واعترضت اللجنة على وجود أطباء شرعيين تدور حولهم شبهات واتهامات ضمن عضوية لجنة الطب العدلي.
تأجيل دفن وتشريح الجثامين…
في ظل الاعتراضات العنيفة ورفض أسر المفقودين تساندهم بعض الأجسام والقوى السياسية لقرار الدفن والتشريح للجثث مجهولة الهوية بالمشارح بحجة أن أبناؤهم قد يكونون ضمنهم صدر قرار من السلطات المختصة بتأجيل دفن تلك الجثامين لمزيد من التشاور من أسر وذوي المفقودين .
تعليق السلطات المختصة على الاتهامات والاحداث…
ردا على الاتهامات التي وجهت للسلطات المختصة أشار رئيس المجلس الاستشاري للطب الشرعي بوزارة الصحة الاتحادية ورئيس اتحاد الأطباء العرب دكتور عقيل سوار في تصريحات صحفية انهم يخافون الله ويتعاملون مع الجثامين بطريقة أخلاقية وفق البروتوكولات العالمية وأضاف نحترم رأي كل شخص في هذه الكارثة القومية التي مست الطب في المقام الأول والطب الشرعي في المقام الثاني مبينا نحن لاتقول كلاما مزيفا بل حقيقة واقعية
وقال سوار الدهب أن الأطباء الشرعيين الموجودين داخل وخارج الخرطوم قليلون جدا وهم أطباء على مثل وأخلاق ويحملون أعباء لايستطيع اي طبيب أن يتحملها وأضاف أن عملهم شاق أمام استدعاءات المحاكم وتحريات النيابة ويوميات التحري والتقصى من خبراء الشرطة.
ورفض عقيل الاتهامات التي توجه إليهم وقال ارفعوا أيديكم عن الأطباء الشرعيين والطب الشرعي خط أحمر مبينا انهم ليس لديهم علاقة بما يحدث بهذه الجثامين وذكر انهم تسلموا اوامر من هيئة الطب الشرعي السابقة التي كان يرأسها هاشم فقيري وطلب منا أن لا نشرح أو ندفن اي جثمان.
فيما وصف دكتور خالد محمد خالد استشاري طب الأسنان الشرعي إلى أنهم اوصوا بإغلاق جميع المشارح المتكدسة داخل ولاية الخرطوم مؤكدا عدم التعامل مع هذه الجثث مشيرا إلى انهم اخلوا مسؤوليتهم وتم تسليم إدارة هذه المشارح للنائب العام باعتباره ولي من لا ولي له.
وحمل في ذات الوقت مسؤولية تلك الجثامين إلى كل من نادي أو ساند عدم تشريح الجثامين الا عبر فريق شرعي اجنبي منوها أن عمل
الطب العدلي عمل فني وذكر انهم لايملكون اي سلطات أو تأثير على التحقيق الجنائي المتعلق بهذه الجثامين.
فيما أعلنت هيئة الطب العدلي بالخرطوم استغلاليتها وحيادها في عملها وأكدت أن مجلس الطب العدلي ليس له سلطات على الهيئة باعتبار أن دوره ينحصر في كونه مجلس استشاري لوزير الصحة الاتحادي وشددت الهيئة في تعميم صحفي أن الحاكمية في إدارة المشارح بولاية الخرطوم لإدارة هيئة الطب العدلي بوزارة الصحة بالولاية ولا أحد غيرها يصدر قرارا يخص عمل المشارح كاغلاقها أو أي أمر إداري آخر.
من جانبها أكدت الهيئة وقوفها مع قضية المفقودين وتضامنها الكامل مع أسر المفقودين والشهداء إضافة إلى التزامها التام بالعمل بمهنية تامة ترضى أصحاب المصلحة.
من جهته حذر المجلس الاستشاري للطب العدلي من انتشار مرض الطاعون في ولاية الخرطوم داعيا إلى عدم تسيس القضية مؤكدا أن المجلس لايمانع في استقبال اي فريق دولي لبحث هذا الملف.
وطالب مدير الطب العدلي بالخرطوم السلطات بتوفير الميزانيات اللازمة لتفريغ ثلاجات الموتى بالمشارح وتأهيل وصيانة مقارها وتزويدها بثلاجات جديدة وفي مرحلة لاحقة زيادة إعدادها وأبان
أن عدم المسارعة في إنجاز المعالجات سينجم عنه خروج كافة المشارح عن الخدمة.
استطلاعات…
من خلال جولتنا في الأماكن المتضررة من الروائح الكريهة المنبعثة من تلك الجثامين بالمشارح التقينا بالدكتور عبدالرحمن حسن بليلة حيث قال لقد كانت صدمة مريعة عندما فاحت روائح الجثامين المتعفنة في مشرحة مستشفى الأكاديمي بامتداد الدرجة الثالثة بالخرطوم بسبب انقطاع التيار الكهربائي وتوقف التبريد حينها فقد علمنا ولأول مرة بوجود هذا العدد المهول من الجثامين المكدسة بالمشرحة وبعدها علمنا بوجود جثامين أخرى وباعداد كبيرة في مشارح بشائر ومستشفي امدرمان وقال
إكرام الميت دفنه ونرجو أن تتم الإجراءات المتعلقة بدفنها بأسرع حتى لا تكون سببا في نقل العديد من الأمراض المختلفة خصوصا مرض الطاعون بعد ظهور إعداد ضخمة من الجرزان تتغذى على هذه الجثامين المتحللة مما أدى إلى تكاثرها وزيادة إعدادها ويكمن الخطر انها تعودت على أكل لحوم البشر مما يجعلها أشد خطورة على الآخرين.
وافاد بليلة أن بعض السكان الذين يجاورون تلك المشارح رحلوا وتركوا مساكنهم بسبب تلك الروائح الكريهة.

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق