رأي

د. ياسر محمود يكتب من الصين: فصل جديد في تاريخ المونديال: المغاربة من الأربعة الكبار ودروس “الولاء الأسري”

فصل جديد في تاريخ المونديال: المغاربة من الأربعة الكبار ودروس “الولاء الأسري”

قدم منتخب فرنسا أمام نظيره المغربي درساً كروياً بعنوان “ما قل و دل”، أما المغاربة فقدّموا للعالم “ضريبة الندية” و “كسر حاجز الكبار” أمام حامل اللقب دروساً جديدة تضاف إلى رصيدهم في مدرسة “الولاء الأسري”. لن ينسى العالم فريق الكوتش وليد الركراكي الذي حقق إنجازا تاريخيا غير مسبوق. إنجاز صعب أن يتكرر في السنوات القادمة، و ربما لا يتكرر إلا إذا حافظ هذا المنتخب “المدرسة” مرة أخرى على نفس الروح العالية والعائلة الواحدة ذات الجسد الواحد في الحلوة والمُرّة، وهذا ما يتطلبه بناء الأمجاد ليستمر من حيث انتهى إليه الحلم المغربي، خاصة و أمامنا كأس أمم، وامامنا الاستعداد لاعداد جيل كأس العالم القادم في أمريكا.


حقاً، هؤلاء جيل جديد من اللاعبين أعاد أمجاد أجيال 86 و 98 ، هكذا ستظل قائمة المنتخبات العربية و الأفريقية، دماء متجددة، وستظل القارة السمراء تتذكر هذا الجيل عند كل مونديال أو بطولات عالمية. شرفتونا ، وبعثتم الأمل في قلوب كانت تواقة لتحقيق أحلامها الكبيرة، ولن تؤثر كثيراً نتيجة مباراة تحديد المركز الثالث أمام كرواتيا، فهنيئا للشعب المغربي هذا الجيل من المدرسة المغربية، بل هنيئا لأولياء أمور المدرسة المغربية هذا الجيل. هنيئا للمغاربة المدرب الوطني وليد الركراكي وهنيئا لنا كلنا أفارقة وعرب.
كثيرةٌ هي الدروس التي قدمتها لنا المدرسة المغربية في مونديال 2022، رأينا كيف احتفل لاعبو منتخب المغرب بطريقة حضارية على أرض الملعب بمجرد انتهاء تلك المباراة وتأكد وصولهم إلى الدور نصف النهائي ثم ربع النهائي. وطبعا لم ينسى هؤلاء اللاعبين الجماهير الغفيرة التي بح صوتها وهي تهتف لفريق المغرب، حيث اتجه اللاعبون مباشرةً صوب الجماهير، تبادلوا معهم التحايا و السلام قبل أن يقوم الجميع بالسجود معاً على أرض الملعب، لم يتكرر هذا المشهد في مباراة المغرب مع فرنسا، لكن طبعا تكرر مشهد “الولاء الأسري” عند اللاعبين مع عائلاتهم، و يتكرر في كل الأحوال، هذه اصبحت من المشاهد المميزة التي قدمها اللاعبون المغارب خلال مونديال قطر. رأينا كيف كان هؤلاء اللاعبين حريصين على مشاركة أفراد من عائلاتهم في الاحتفال بعد كل مباراة خاصة مع الأمهات. هل سنرى مشاهداً مختلفة هذه المرة صعوداً حسب حلاوة أي انتصار او هبوطاً عند كل هزيمة محتملة؟ سيكون الحال كذلك، حتى أن مدرب المغرب كان قد خرج من الملعب واتجه صوب المدرجات من أجل الاحتفال مع عائلته و والدته، كما رصدت العدسات اللاعب أشرف حكيمي الذي كان ملتصقاً إلى جانب والدته مع المعانقة والقبلات الساخنة، هل سيتكرر هذا المشهد قريباً؟ وهل سيكرر النجم المغربي سفيان بوفال الذي بدا حريصا في المباراة ضد البرتغال على نزول والدته من المدرجات إلى أرض الملعب للاحتفال معها. كان مشهداً مؤثراً للغاية تناقلته كل وسائط اعلام العالم، هل ستتكرر تلك الأجواء العائلية تلك التي عاشها المغاربة بعد الفوز التاريخي على منتخب قوي مثل البرتغال؟ متى يحتضن سفيان بوفال والدته بحرارة مرة أخرى كما فعل في المباراة السابقة؟ كان موقفا رائعا للغاية تجاه والدته التي بدت عليها معالم الفرحة والبهجة بذلك الفوز. وهناك حارس مرمي منتخب المغرب الذي نال جائزة نجم مباراة البرتغال والمغرب، وقد أهدى جائزة النجومية لزميله الذي أحرز هدف المباراة الوحيد وقاد أسود الأطلسي للمربع الذهبي لكأس العالم. أيضاً، الذي ظل يلفت الانتباه دائما، الحضور الدائم لعلم فلسطين، حيث ظلت الجماهير العربية أوفياء لعلم فلسطين الذي بات أحد أبرز العلامات البارزة في مونديال قطر عام 2022م، كان علم فلسطين حاضرا في مباريات المنتخبات العربية. ظهر الأبطال المغاربة وهم يحملون العلم الفلسطيني.

التفاعل العالمي: وفي المقابل رأينا كيف كان هناك تفاعلا عالميا مع الفوز الذي حققه المنتخب المغربي للوصول للدور ربع النهائي، إذ أن رجل الأعمال الأمريكي الون ماسك ذو الأصول الكندية، وهو مالك مواقع التواصل الاجتماعي تويتر سارع إلى تهنئة منتخب المغرب هذا الإنجاز التاريخي، ونشر مدونة قصيرة كتب فيها: “مبروك للمغرب”، وأرفق منشوره بأربعة أعلام للمغرب، هل ستتكرر مثل هذه التهانيء، البسيطة في مبناها و العميقة في معناها، على مواقع التواصل الاجتماعي من نجوم في عالم كرة القدم وخارجها ومن العرب والمسلمين؟ هل سيكتفي المغاربة بالوصول للمربع الذهبي أم ستكون هناك فصولاً إضافية؟ وبالتأكيد نتمنى أن يتواصل العطاء ، و ما هذا إلا بداية و فصل أول لكتاب جديد قادم، ولن ينسى تاريخ هذه البطولة العالمية أنه فصل تمت كتابته وسط دموع النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي دخل في نوبة بكاء شديدة بعد وداع بلاده من الدور ربع النهائي لمونديال قطر، و خرج من الملعب وحيدا.
وبغض النظر عن نتيجة المباراة ، فقد قدّم المغاربة إنجازا تاريخيا للأفارقة و العرب إذ رأينا كيف كانت الاحتفالات العربية و الأفريقية الكبيرة في كل مكان، رأينا الأهازيج للجمهور المغربي في كل مكان في قطر وفي خارج قطر، ورأينا المشاهد في الساحات بالإنجاز التاريخي للمغرب، كانت فرحة أفريقية عربية كبيرة ، الآلاف تجمعوا في شوارع البلدان العربية والإسلامية ليشاركوا فرحة التأهل معهم ، و كتابة تاريخ جديد للكرة العربية والإفريقية بوصول “المدرسة” المغربية إلى المربع الذهبي في نهائيات كأس العالم بتوقيع “أسود الأطلسي”.

خلف الكواليس، وحتى تكتمل الصورة: ناشط مغربي يقول بأن نظام ماكرون سعى لتسييس مونديال قطر!

ومحلل مغربي آخر يعيش الاحداث الراهنة، و يصف محاولات النظام الفرنسي قبل المباراة باساليب “غير رياضية” اذ تدل على ممارسة سياسة “الهيمنة” الفرنسية!
سؤال برئ ستكشف عن اجابته الايام القادمة: ماهي نوع تلك الاساليب “الفرنسية” ان لم تكن رياضية؟ و ان كانت القضية هي رياضة كرة قدم فقط ليس إلا، فلماذا حرص رئيس فرنسا على حضور مباراة منتخب بلاده بنفسه امام منتخب المغرب؟

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق