تحقيقات وحوارات
الرسوم الدراسية… بين رهبة الطلاب ومعاناة أولياء الأمور
تحقيق : خالد فضل السيد
في ظل ظروف قاسية يواجهها الشعب السوداني بسبب الوضع الإقتصادي الراهن الذي انعكست آثاره على المواطنين الذين صاروا يفتقدون أبسط مقومات الحياة اليومية ومتطلباتها، برزت فجأة على السطح معاناة أخرى أضافت عبئاً آخر على كاهل أولياء أمور الطلاب وهي الزيادات الباهظة في الرسوم الدراسية التي أخذت تفرضها المدارس والجامعات الحكومية والخاصة على الطلاب في مختلف المراحل الدراسية مما سبب رعباً لهم وجعلت الجميع قلقون بشأن تعليم أبناؤهم .
هذا الوضع أفرز عدة تساؤلات طرحها المراقبون التربويين والأساتذة الى متى يستمر هذا الوضع دون تدخل الدولة لوضع الحلول الناجعة له؟، حيث يرون ان الحل يكمن في معالجة المشكلة بإرجاع التعليم مركزياً كما كان في السابق، وعدم تركه للمحليات التي لها أيضا مشاكلها وتحدياتها، مبينين ان استمرار الوضع على ماهو عليه الآن سيضع مسيرة التعليم بالبلاد على المحك معتبرين أن التعليم يعتبر عنصراً أساسيا في نمو المجتمع وتطوره وسبيله إلى التنمية والنهوض، وضربوا مثالاً لذلك دولة اليابان التي خرجت من الحرب العالمية وهي أكثر قوة بعد الدمار والخراب الذي لحق بكل منشأتها المهمة والاستراتيجية وذلك بفضل اهتمام قياداتها بالتعليم ووضع الخطط وكان على رأسها الاهتمام بالتعليم وتطوره وبناء العقول القادرة على دفع عجلة التنمية بالبلاد.
في ظل هذا الوضع المتأزم هل يصبح التعليم يوما ما لأبناء الذوات دون غيرهم فالواقع يقول ذلك فمهما كانت درجة الطالب أو نسبته العالية تؤهله لدخول الجامعة أو الكلية مالم يقوم بتسديد الرسوم المقررة لم يجد حظه من التعليم انها معاناة أخرى تضاف لكاهل أولياء الأمور وتنعكس آثارها سلبيا على نفوس الطلاب والتعليم بالبلاد .
في ذات الصدد آثار القرار الذي اصدرته إدارة جامعة الخرطوم مؤخرا برفع الرسوم الدراسية لطلاب المستوى الأول لهذا العام جدلا وتذمرا وسط أولياء أمور الطلاب المرشحين لهذا العام ومن خلال
حديثه لبرنامج (كالاتي) بقناة النيل الأزرق قال المتحدث باسم مجلس روابط الطلاب جامعة الخرطوم عمر جبارة أن إدارة الجامعة أصدرت قرارات بزيادة رسوم القبول العام لأكثر من ٨٠٠ ٪ مشيرا أن رسوم كلية التمريض بلغت ٥٠٠ الف جنيه بعد أن كانت ٢٧ الف جنيه مؤكدا وجود عدد ثلاثة طلاب لم يتم قبولهم أحدهم من أبناء العاملين وكشف عمر عن اتخاذهم قرار بمقاطعة التسجيل بعد الجلوس مع أولياء أمور الطلاب وأوضح انهم ذهبوا لمكتب مدير الجامعة ولم يتمكنوا من مقابلته.
من جهتها أصدرت إدارة جامعة الخرطوم بيانا أكدت فيه عدم حرمان اي طالب من المرشحين للقبول بالجامعة من مواصلة تعليمه بسبب الرسوم الدراسية أو بسبب وضع أسرته الاقتصادي الاجتماعي وأكد البيان أن الرسوم التي أقرتها اللجنة العليا لطلاب المستوى الأول كما هي دون تخفيض، مشيرا إلى تشكيل لجنة عليا بعمادة شؤون الطلاب للنظر في حالات الطلاب غير القادرين على تسديد الرسوم كل علي حدة بعد تقديم كل المستندات التي توضح الوضع الاقتصادي لولي أمر الطالب وذلك حتى يتم اتخاذ القرار المناسب بالتخفيض أو الإعفاء أو دعمه ماديا خلال سنوات الدراسة وأكدت إدارة الجامعة حرصها على طلابها والسعي لمعالجة كل مشاكلهم بإيجاد الحلول المتاحة وذلك بغرض تحقيق الاستقرار الأكاديمي.
الصرف على التعليم…
في ذات السياق أقامت لجنة المعلمين السودانيين بساحة الديوم الشرقية ندوة بعنوان (الصرف على التعليم وأثره على العملية التعليمية) حيث شهدها عدد كبير معلمي ومعلمات محليات الخرطوم المختلفة وفي تصريحات صحفية قال البروفيسور محمد الأمين التوم وزير التربية والتعليم في فترة حكومة المرحلة الانتقالية ان هنالك دراسات أثبتت أن التعليم هو القطاع المفتاحي لتحقيق النمو بجانب انه شرط أساسي لأحداث التنمية المستدامة لتكريس الحياة والديمقراطية والسلام والعيش برفاهية وابان ان مستوى الإنفاق على التعليم هو المؤشر الرئيسي لدرجة الأهمية لأي حكومة للتعليم وأضاف أثبتت البحوث والتجارب أن الاستثمار في التعليم هو الذي يحدد مصير الدول، مبينا ان الصرف على التعليم في السودان منذ العام ١٩٦٠ ظل في حدود ٣٪ وبعد مؤتمر التعليم للجميع في العام ١٩٩٠ تم رفع الصرف إلى ٥٪ وأكد ان أثر الصرف الهزيل على العملية التعليمة حرم ٣ مليون طفل من التعليم مؤكدا أن ذلك اثر على جودة التعليم مما جعل المهنة طاردة وأصبحت مهنة من لا مهنة له، وأوضح أن هذا الوضع أدى إلى وجود أزمة حقيقية تجعل النخب السياسية تحت موضع اتهام التنكر للتعليم حيث انهم لم يولوا التعليم اي اهتمام كحق اساسي لكل طفل سوداني.
ويرى البروف محمد الأمين أن الحل يكمن في إدراك أهمية التعليم والايفاء بالتزاماته من أجل الأطفال والوطن.
من جانبه قال الأستاذ عمار يوسف عضو لجنة المعلمين على محليات التعليم الضغط لإلغاء قانون الحكم المحلي للعام ١٩٩٤ الذي حول التعليم كله للمحليات والاستعاضة عنه بالصرف المركزي في الخرطوم وفرص متساوية لجميع الأطراف مؤكدا إذا أردنا تعليم مجاني والزامي بالضرورة الصرف عليه بالمستوى الذي طالبت به لجنة التعليم وهو من ١٥٪ إلى ٢٠٪ من المؤشرات العامة.
استطلاعات…
الأستاذ سيد أحمد بقوى ( استاذ بالمعاش ) ذكر أن الرسوم الدراسية التي يتم تحصيلها في المدارس الحكومية تأتي لمقابلة بعض الاحتياجات بالمدارس كصيانة الحمامات وشراء الطباشير والكهرباء بجانب إفطار الطلاب اليتامى والمساكين وشراء الكراسات والكتب لهم اما بالنسبة للرسوم في المدارس الخاصة والجامعات هي لمقابلة الضرائب ورسوم التصاديق السنوية التي تفرضها الوزارة بجانب الإيجارات العالية للمرافق وزيادات مرتبات المعلمين العالية بتلك المدراس أو الجامعات ويرى الأستاذ سيد أحمد أن الحل يكمن في أن يكون الصرف مركزيا كما كان في السابق بدلا من تركه للمحليات لتتكفل برواتب المعلمين والمدارس فهي لها أيضا مشاكلها وتحدياتها التي تواجهها فيما قال
ابنعوف محمد والد تلاميذ بمراحل دراسية مختلفة ان هذه الزيادات ارهقتنا وهي مستمرة فالطالب نفسه لديه التزامات من مواصلات وفطور نتحملها نحن وهنالك مشكلة أخرى تواجهنا وهي الشيتات بالجامعات فهي مكلفة جدا فالشيت الواحد للمادة حتى يكون جاهزا كمذكرة من تصوير وخلافه يكلف مبالغ في حدود ٢ الف إلى ٣ الف حسب كمية الورق به ولمعالجة هذ ا الأمر يرى ابنعوف أن تقوم الجامعة أو الأستاذ بتصوير المادة وتوزيعها على الطلاب ويمكن أن تكون بمبالغ رمزية مشيرا أن ابنه يدرس بإحدى الجامعات حيث قامت فجاءة بإيقاف مبردات المياه بالجامعة وفتحت كافتيريا بالداخل واصبح الطالب يشتري المياه ليشرب وقال بحسرة والم اليست هذه معاناة تضاف إلى معاناتنا كاولياء أمور ولابنائنا الطلاب أيضا نسأل الله أن يلطف بنا و بابنائنا التلاميذ.
طالبة بجامعة شرق النيل فضلت حجب اسمها قالت إن هنالك زيادة في الرسوم الدراسية والشيتات غير متوفرة بالمكتبة ويتم تحويلها عن طريق pdf بمبلغ ٣ الف للمادة الواحدة ولدينا عدد ٩مواد ومبلغ هذه الشتات يعتبر كبير جدا و من المفترض أن تقوم الجامعة بتهيئة البيئة للطلاب حيث لاتوجد مياه شرب كافية ولاتوجد مكيفات ولا كافتيريا بالجامعة فيما قالت طالبة من جامعة النيلين فضلت حجب اسمها ان الشيتات هم مجبرين على شراؤها وكل محاضرة لديها شيت بسعر ٣٠٠ جنيه ولايوجد حل غير ذلك وذكرت ان الجامعة فاتحة فكل شخص يمكنه الدخول بسهولة ولايوجد حرس مما قد تتسبب فيما لايحمد عقباه في ظل الانفلاتات الأمنية وظهور بعض المجرمين الذين يقومون بخطف الشنط والموبايلات من النساء والطالبات وقال حسين فضل
العاطي عبدالقادر انه كان يدرس سابقا في جامعة بحري الأهلية وذكر ان الجامعة تحولت الان الى جامعة بحري الأهلية وأشار أن الرسوم السنوية كانت في السابق ٧ الف جنيه والان وصلت إلى ٣٠٠ الف للطالب الواحد واستخراج الشهادة من ١٠ الف وصل الان ١٠٠ الف جنيه مبينا انه في فترة دراسته الجامعية في الماضية لم يصل المبلغ إلى ١٠٠ الف جنيه وهو الآن سعر استخراج الشهادة الجامعية فقط وأضاف ارتفاع الرسوم الدراسية أجبر الكثير من الطلاب على العمل وبعضهم ترك الدراسة بسبب ارتفاع الرسوم وعدم مقدرتهم وأسرهم على تسديدها.
طالب فضل حجب اسمه قال إنه يدرس اتحاد معلمين بإحدى المدارس وكانت الرسوم في السابق يدفعها ٢٠ الف جنيه الان هو في السنة الثالثة وتمت مطالبته فجاءة تسديد مبلغ ٨٠ الف جنيه لهذا العام من دون نقصان اعتبرها زيادة كبيرة مؤكدا اننا أصبحنا مجبرين لتوفير المبلغ فنحن الان على أبواب امتحان الشهادة السودانية وليس لدينا خيار وقد خيرنا الوالد بين بيع التلفزيون أو الغسالة لتسديد المبلغ بعد رفض المدرسة التنازل أو تخفيض المبلغ وأشار انه الان اشتغل ردميات كعامل يومية حتى يساهم مع والده في تسديد الرسوم و لا يضطرون لبيع اساس المنزل ثم ودعنا مستاذنا لمواصلة عمله والدموع على عينه.