سياسة
جريدة لندنية : غياب الحاضنة السياسية يحول دون تنفيذ اتفاق البرهان – حمدوك
جريدة لندنية : غياب الحاضنة السياسية يحول دون تنفيذ اتفاق البرهان – حمدوك
الخرطوم: وكالات
لا يزال الاتفاق السياسي السوداني الموقع بين رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبدالله حمدوك يراوح مكانه بعد ثلاثة أسابيع على توقيعه، ومازالت الأزمة قائمة، والاحتجاجات التي تشهدها البلاد رفضا للاتفاق ولإجراءات البرهان مستمرة.
وأرجع محللون عدم قدرة الاتفاق السياسي على إحداث اختراق سريع للأزمة وحلحلتها إلى وجود تحديات وعقبات عدة، لعل أبرزها غياب الحاضنة السياسية القوية التي تدعمه وتدفعه إلى الأمام، لاسيما أن قوى إعلان الحرية والتغيير (الائتلاف الحاكم سابقا) ترفض خطوة البرهان وحمدوك.
ويرى هؤلاء أن أبرز العقبات التي تواجه الاتفاق تشكيل حاضنة سياسية داعمة للحكومة وبديلة لقوى الحرية والتغيير، إذ نص البند السادس منه على “إدارة الفترة الانتقالية بموجب إعلان وإطار سياسي بشراكة بين العسكر والمدنيين والإدارة الأهلية ولجان المقاومة وقوى الثورة الحية وقطاعات الشباب والمرأة والطرق الصوفية”.
وفي المقابل تشهد الساحة السياسية بالسودان تحولات في المواقف، خاصة مواقف القوى والحركات المسلحة التي كانت تدعم ذلك الاتفاق ضمن المجلس المركزي لقوى إعلان الحرية والتغيير.
جاد الرب عبيد: الاتفاق لن يصمد إلا بإحداث اختراق في موقف قوى الثورة
ويضم ائتلاف قوى إعلان الحرية والتغيير تجمع المهنيين وتحالف نداء السودان وقوى الإجماع الوطني والتجمع الاتحادي، إضافة إلى قوى المجتمع المدني.
وتقول المحللة السياسية السودانية سارة إبراهيم إن حكومة حمدوك “تواجه عقبات بعد أن كان الرجل يحظى بدعم وتأييد من غالبية المكونات السياسية”.
وتضيف “لكن قبوله العودة إلى منصب رئيس الوزراء عقب قرارات المكون العسكري وتعطيل كافة المواد المتعلقة بشراكة المدنيين في السلطة جعله (حمدوك) يتأرجح بين قبول ورفض الشارع”.
وأكدت أنه “من الصعب إيجاد حاضنة سياسية في الوضع الحالي”، مبررة ذلك بأن “الهدف من قرارات الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي هو إبعاد وإلغاء الحواضن السياسية حتى لا يتم التحكم (من قبل المدنيين) في القرارات”.
واستدركت “من المحتمل أن يصمد الاتفاق السياسي حال تماهى حمدوك مع العسكر لكن سيفقد شعبيته، أو يقدم استقالته ويبقى لا خيار سوى الانتخابات المبكرة”.
والاتفاق الموقع في الحادي والعشرين من نوفمبر الماضي يتضمن 14 بندا، أبرزها عودة حمدوك إلى رئاسة الحكومة وتشكيل حكومة كفاءات (بلا انتماءات حزبية) وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وتعهد الطرفين بالعمل معًا لاستكمال المسار الديمقراطي.
وترى المحللة السياسية فتحية عبدالله أن من وصفتها بـ”القوى السياسية الانتهازية” من الممكن أن تشكل حاضنة للاتفاق من “أجل حماية مصالحها، فهنالك تيار الميثاق الوطني بقوى إعلان الحرية والتغيير، بالإضافة إلى بعض القوى السياسية في المجلس المركزي (يشكل القوام الرئيسي) للحرية والتغيير ومن ضمنها حزب الأمة القومي”.
وأضافت أنه “من المتوقع انضمام تيارات من الإسلاميين بشكل أو بآخر إلى هذه الحاضنة السياسية الجديدة للحكومة”، مشيرة إلى أن “التحدي الذي يواجه اتفاق البرهان وحمدوك لن يصمد أمام الحراك الثوري في الشارع السوداني”.
وانقسمت وجهات النظر داخل المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير بشأن التعامل مع المكون العسكري، بين شريك له وآخر مناهض باعتبار أن ما جرى “انقلاب عسكري”. لكن اللافت في مكونات المجلس المركزي للائتلاف الحاكم السابق هو دعم بعض مكوناته لاتفاق البرهان وحمدوك، بل ومشاركته في السلطة عقب توقيع الاتفاق السياسي بين الرجلين.
وفي السادس والعشرين من نوفمبر الماضي أعلن رئيس حزب الأمة القومي (أحد أكبر مكونات المجلس المركزي لقوى إعلان الحرية والتغيير) اللواء فضل الله برمة ناصر دعمه الاتفاق السياسي بين البرهان وحمدوك.
سارة إبراهيم: من الصعب إيجاد حاضنة سياسية في الوضع الحالي
وفي المقابل قال عمر الدقير رئيس حزب المؤتمر السوداني، المنضوي تحت ائتلاف قوى إعلان الحرية والتغيير، في التاسع والعشرين من نوفمبر الماضي إن الائتلاف سيقاوم الاتفاق السياسي بين البرهان وحمدوك.
وفي الثاني من أكتوبر 2020 عانت قوى الحرية والتغيير انقساما سياسيا هو الأول من نوعه منذ تأسيسها مطلع 2019، على خلفية اتهامات متبادلة بين مكوناتها بالتهميش والإقصاء.
وظهرت بوادر الانقسام في الثامن من سبتمبر الماضي، بعد أن وقعت قوى سياسية سودانية وحركات مسلحة، منضوية في قوى إعلان الحرية والتغيير إعلانا سياسيا في العاصمة الخرطوم تحت عنوان “الإعلان السياسي لوحدة قوى الحرية والتغيير وقضايا الانتقال وبناء دولة المواطنة المدنية والديمقراطية”، حيث أثارت تلك الخطوة حفيظة مكونات أخرى في الائتلاف الحاكم.
ويؤكد المحلل السياسي جاد الرب عبيد أن “الاتفاق بوضعه الراهن لن يصمد إلا بإحداث اختراق في موقف قوى الثورة السودانية المتصلب تجاه الاتفاق السياسي”.
وأضاف عبيد “لذلك يحتاج الاتفاق إلى فتح حوار مع تلك القوى وإشراكها في مفاصل السلطة لجهة أن القوى الحالية التي تدعم الاتفاق السياسي لم تخلق توازنا خاصة في الشارع السوداني الذي يقود المشهد منذ سقوط نظام الرئيس المعزول عمر البشير (1989 ـ 2019)”.
وتابع” المجتمع الدولي، لاسيما الدول الغربية، غير متحمس لدعم الاتفاق السياسي فهو يخشى عودة الإسلاميين إلى سدة الحكم مرة أخرى عبر المكون العسكري”.