تحقيقات وحوارات

وزارة تتكاتف مع جامعة لإنهاء خطاب الكراهية في المجتمع السوداني

تقرير خاص: د. ياسر محمود
نظمت كلية الاعلام بجامعة افريقيا العالمية في الفترة ( 4 – 5 يناير 2023م) مؤتمرها العلمي الأول في قاعة (البروفيسور حسن مكي) بعنوان: خطاب الكراهية في المجتمع السوداني (التحديات والحلول)، تحت شعار (إعلام رسالي راشد ). و قد اوكل بتفاصيل العمل التنفيذي لجلسات المؤتمر الى اربعة لجان فنية و هي: العلمية والسكرتارية و الخدمات والاعلام.
وكان من ابرز المشاركين ممثلين من ادارات القطاع العام وبعض منظمات المجتمع المدني حيث قدمت 20 ورقة علمية تم تحكيمها بواسطة 10 محكمين علميين وناقشها 15 اختصاصيا عبر
4 فرق عمل علمية، اضافة الى ناشطين اجتماعيين و رواد اعمال من بينهم رواد اعمال البصائر للتنمية . واليكم تقريرا مختصرا بأهم مخرجات هذا المؤتمر:

(اولا) المهنيين اختلاف تكامل وادارة التنوع: من ابرز الاوراق التي تم عرضها ورقة بعنوان “رؤية مهنية لمناهضة خطاب الكراهية: الراهن والمستقبل” قدمها المهندس د. محمد أحمد حسن عبدالله الاستاذ المتعاون بجامعة المناقل، حيث عرض فكرة الحل الجذري عبر مجموعات المجتمع مهنيا و حرفيا، و كونه ممثلا لفئة (المهندسين)، تناول حل مشكلة خطاب الكراهية من ناحية اختصاصية في جانبين رئيسيين وهما: (١) بالنظر الى فئات المجتمع السوداني المتنوعة وايماننا القوي بأن مراعاة التقسيم الحرفي والمهني في حل هذه المشكلة من جذورها يجعل المجتمع يساهم بشكل مباشر في ان يكون جزءا من الحل عكس ان يكون جزءا من المشكلة، فالاختلاف هنا اختلاف تكامل و تنوع وتجانس ومساندة وليس اختلاف تفرقة واضداد، (٢) ان نعزز من دور المتخصصين في حل المشاكل المجتمعية (بمعنى ان نعطي الخبز لخبازه) ، فمثلا علماء النفس و الاجتماع لهم دورهم كواجب مهني احترافي وكذلك الاطباء و الاعلاميين، وهكذا.

(ثانيا) ادوار منتظرة بتكاتف الاعلام والعلاقات العامة:
الى جانب ورقتها العلمية بعنوان “اتجاهات الجمهور نحو خطاب الكراهية في المجتمع السوداني دراسة
استطلاعية”،
قامت الدكتورة آمال محمود فضل
نائب مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام والمراسم بتقديم مذكرة لتأسيس تؤامة في الاعلام والعلاقات العامة قائمة على فكرة مستدامة بعلمية “جامعة عالمية” ومهنية “علاقات عامة” ومن ورائهما حاضنات مجتمعية قوية تسعى لها مؤسسات الدولة ذات الصلة، لتقف بمبدأ “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول” أمام تحديدات “مشكلة خطاب الكراهية” ومهدداتها فتضع حلول “البيان بالعمل الصالح” وتقدم “القدوة الحسنة” على نار هادئة. و قد استلم المذكرة د. بدرالدين ادريس يونس، عميد كلية الاعلام بجامعة افريقيا العالمية
رئيس اللجنة العليا المناوب للمؤتمر العلمي الأول، مبديا عظيم تقديره للفكرة و واعدا بالسعي لدعمها كواحدة من مخرجات المؤتمر العملية استشعاراً بالواجب المجتمعي الكبير وتحقيقاً لتكامل المسؤوليات المنوطة بها مؤسسات التعليم العالي وإدارات الدولة. عليه، من المنظور ان تكون هذه خطوة عملية لابد منها، وهي فرض كفاية لاستثمار فرصة مشتركة للطرق على حديد المشكلة وهو حامي، وكذلك لوضع شعار المؤتمر “إعلام رسالي راشد” موضع التنفيذ الفعلي.
كما تم تقديم و مناقشة أوراق متنوعة حول التدابير والسياسات الوطنية والقوانين والتشريعات الدولية والخطاب الديني ودور وسائل الإعلام في مناهضة خطاب الكراهية، كما تم في ختام المؤتمر إطلاق صفحة فيسبوك لمناهضة خطاب الكراهية:
https://m.facebook.com/100087673820736/

(ثالثا): وحدة الهدف في وحدة الفعل:
هكذا تؤكد وزارة الثقافة والاعلام والسياحة عبر ادارة العلاقات العامة والإعلام والمراسم “وحدة الهدف الذي يوحد المجتمع و لايفرقه” وبالتالي إنتاج قدوة مستدامة يصعب ان تنجح إلا بالقدوة الحسنة، قدوة تتصدى بالعلم والحكمة و الموعظة الحسنة لتستهدف حل مشكلة تتنامى أمام الجميع بشكل يدعو للقلق والأرق.

(رابعا): تكاتف القطاع العام والخاص: إن “خطاب الكراهية” ليست كما المشاكل اليومية الروتينية، بل إنها أعظم ابتلاء عصري حديث يقف أمامنا بمختلف فئاتنا ومستوياتنا، يواجه عامة الناس ولا يستثنى المستنيرين المتعلمين، الكل فيه سواءً بسواء، فماذا نحن فاعلون؟
وُلد “خطاب الكراهية” طفلاً ونشأ بيننا حتى أصبح شاباً يتغذى ليلاً بل نهاراً وجهاراً، فلابد ان تستمر المبادرات الفردية والمجتمعية المهنية و الفئوية للتصدي له.

(خامسا) : التفاؤل وقود المسؤولية:
و بعد، اشارت احدى اوراق المؤتمر ان الأغلبية (84.1%) أجابت بــأنه (توجد مشكلة حقيقية وكل الأسباب المذكورة صحيحة وهناك أسباب أخرى)، كما تؤمن بالتدابير المطروحة من أجل مكافحة خطاب الكراهية، و أن هنالك (54.3%) من الفئات المهنية المختلفة لازالوا يؤمنون بجدوى الحلول الجذرية لمشكلة خطاب الكراهية و (44.2%) يرون أن يتم ذلك بإسناد الأمر للقطاعات المهنية (مهندسين، أطباء، الخ.) بمعزل عن بعضها البعض ثم بتنسيق الجهود لاحقاً كمرحلة ختامية. ومن التوصيات التي أكدها نسبة مقدرة من الجمهور المستهدف (داخل و خارج السودان) هي الآتي: (1) أنه لابد من وجود خطة استراتيجية لتسويق إجتماعي إعلامي ممنهج، خطة يشارك فيها خبراء الاجتماع و التقنية و علماء الشرع و القانون و ممثلين للفئات المهنية و الإعلاميين، يتساندون لبث برامج توعوية وارشادية عبر الإعلام التقليدي و العصري الموجه لتعزيز السلوك المجتمعي الحميد المتوارث والممارسات الفردية الإيجابية؛ (2) اضافة إلى توعية الجمهور بمخاطر تنامي خطاب الكراهية المهدد لوجود المجتمع وغرس التربية المجتمعية بين الكبار و الصغار على السواء؛ (3) كذلك لابد من تبصرة مجتمعية في الرقابة بتنفيذ آلية عامة لإجراءات الرقابة المجتمعية بتفعيل القوانين اللازمة، و (4) تبصرة مجتمعية موازية بتوجيه استخدام التقنيات الحديثة بواسطة كوادر بشرية مؤهلة وتصنيف فئوي (على أساس المهنة)؛ و (5) استحداث جرعات تعزيزية أكبر للمسؤولية الاجتماعية بين كافة قطاعات المجتمع و فئاته، ورفع مستوى الطاقات الإيجابية. وختاماً، يرى الباحثون تلخيصاً لخارطة طريق للحل العملي المبني على الوضع الراهن لأزمة خطاب الكراهية والمتطلع نحو المستقبل فيما قلّ ودلّ من 5 تاءات وهي: (ترغيب، ترهيب، تحديات، تخطيط وتركيز).


(ختاما) و بعد، ألا يستحق هذا “المؤتمر العلمي الأول” بتنظيم جامعة افريقيا العالمية كإحدى مؤسسات التعليم العالي بالسودان أن ينال شرف تكوين نواة لحل علمي لمشكلة تهدد المجتمع، فماذا نحن فاعلون؟ نتساءل قبل أن نُسأل ويسألنا الآخرون، وقد حان الوقت لنضع إيادينا جميعا، مجتمع سوداني واعي ضد (اللامبالاة)، قطاع عام وخاص ومعنا كل الساعين الناشطين من أجل إدراك سلامة مجتمعنا السوداني من التفكك والانهيار قبل فوات الأوان، ولاننسى ان الاغلبية منهمكون في تفاصيل الحياة اليومية الروتينية لكنهم قطعا فيهم الخير بل انهم اذكياء ينتظرون ضربة بداية جادة و قوية لا تتوقف فيساندونها قولا و فعلا. كل المبادرات السابقة تجعلنا متفائلين بالخيّرين “أهل الحارة و الفزعة” دون كلل ولا ملل لبلوغ صحة المجتمع وعافيته وتحقيق التعايش السلمي بين مختلف فئاته وتوجهاته حتى بلوغ أولى عتبات التنمية المستدامة للفرد والاسرة والمجتمع، وما ذلك على الله بعسير ان اخلصنا النوايا، نعم المولى ونعم النصير.

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق