رأي
محمد خير عوض الله يكتب: ذكرى الشيخ برير في بورتسودان.. ليس من رأى كمن سمع!
شهدت مدينة بورتسودان يومي الخميس والجمعة الماضيين (5 و6 يناير 2023م) واحدة من أروع ملاحم الطريقة السمانية “سجادة خور المطرق” التي ــ بتأييد من الله ــ لاتتوقف ملاحمها في بقاع السودان المختلفة، على مدار العام، مثل الغيث الهطول، يرسله الله من بلدٍ إلى بلد، وهكذا سجادة خور المطرق، تطوف بالخير والنفع وخدمة المجتمع، مستشفيات متنقلة بكل التخصصات وصيدلية ومعمل، مع تشييد المجمعات الإسلامية وفق المنهج الجديد للمسيد، تشمل المسجد والقرآنية وسكن الطلاب ومطابخ الطعام “التكية” واستراحات الضيوف، وساحات الذكر، وتشييد مدارس حديثة مجاورة للمجمع الإسلامي، وتشييد مستشفيات حديثة ثابتة في بعض المجمعات، وهكذا تنتقل السجادة من ولاية إلى أخرى، في منهج جديد على يد المرشد المجدد الغوث الكبير الشيخ الطيب الشيخ برير، بارك الله لنا في عمره ووقته وجهده وصحته وعافيته، وأيده بكل المدد الذي أيّد به رسله وأنبيائه وكبار أوليائه. آمين. بدأ البرنامج يوم الخميس في جامعة البحر الأحمر، وذلك ضمن المنهج الجديد الذي اختطه الشيخ الطيب، في التوأمة، والشراكة الذكية الحميدة النبيلة بين مسيد الشيخ برير الشيخ الصديق (عليه الرحمة والرضوان) والجامعات ومؤسسات التعليم العالي في كافة ولايات السودان، وقد فتحت آفاق جديدة لهذه الشراكة لتشمل وزارات الصحة والتعليم العام، وقد دخلت وزارة الداخلية حديثاً في الشراكة مع المسيد، بتشييد قسم الشرطة ضمن حرم المسيد، الذي هو المكان الآمن، قبل أماكن الشرطة، والمسيد هو المكان الذي يمنع الجريمة، بل يصلح من وهبوا طاقاتهم للجريمة، فيحولهم من مفسدين مجرمين إلى منتجين صالحين مصلحين، ودرج الشيخ المجدد الشيخ الطيب الشيخ برير على تشييد المسيد بمواصفاته الجديدة في أطراف المدن، بل في أماكن ربما يغلب عليها مظهر الاضطراب وانخفاض مستوى التطور الحضاري، وهذا منهج قديم، كما حكى رب العزة على لسان أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) ومن أراد أن يكمل وصف آثار المسيد الحديث، ندله على زيارة مجمعات الشيخ برير التي تكاد تكون في كل ولايات ومدن السودان الكبيرة. بدأ البرنامج يوم الخميس بزيارة السيد والي ولاية البحر الأحمر لمجمع الشيخ برير ببورتسودان، ومن ثمّ افتتاح قسم شرطة السمانية بالمسيد، بحضور مدير شرطة الولاية، ومدير شرطة محلية بورتسودان. واستكمل برنامج الخميس عن المبادرة التنموية المجتمعية الذي انتقل إلى في قاعة الخبير بجامعة البحر الأحمر. وجزء من البرنامج كان مع فريق العزة الرياضي بمدينة شبشة الذي يرعاه الشيخ الطيب.
الجمعة
كان يوم الجمعة، وهو اليوم المبارك دوماً، أفضل يوم طلعت فيه الشمس، كان يوماً استثنائياً بمعنى الكلمة، رغم أن البرامج سبق تنفيذها في مدن مختلفة، لكنها كانت في ذلك اليوم تختلف كماً وكيفاً، من حيث الكم، كان البرنامج أشبه بـجولات، جولة بعد جولة، كانت الجولة الأولى في المسجد عقب صلاة الجمعة مباشرة، حيث تجلّى المتحدثون (حديث عفو الخاطر) بطريقة باغت بها الشيخ المجدد ضيوفه من العلماء الحضور، جلس الشيخ في الصف الأخير نهاية المسجد، وباغت دكتور عبد ربه عميد كلية الدراسات الإسلامية في جامعة كسلا، ليقول كلاماً مرتجلاً في (تجديد نهج الإصلاح عن طريق أهل التصوف) فتجلّى الدكتور بحديث عفوي عميق، كأنه يسقي سامعيه شهداً، وتمنى الناس ألا يسكت، وطلب منه الشيخ أن يباغت الأقمار والكواكب من الحضور، فكان الشيخ متوكل يسن، العالم والإمام صاحب مسيد سرتود، قال كلاماً مختصراً لكنه قدّم درراً حتى أبكي من بكى تفاعلاً شعورياً مع هذا التداعي العجيب! ثمّ قدّم صاحب تخصصين، هو د. أحمد الصديق من كلية الدراما، وأستاذ الطب النفسي الذي قال كلاماً نسمعه لأول مرة، بالتركيز على منهج الإصلاح عند (أهل الطريق) وبعده كانت سياحة مع الشيخ بابكر الأحمدي مرشد الطريقة الأحمدية البدوية بدنقلا (منسوبة لسيدنا الشيخ أحمد البدوي السطوعي رضي الله عنه) ساح الشيخ بابكر مع الحضور في دروب متشابكة، بين منهج التربية في الإسلام، ودور المسيد في المجتمع، ومقتطفات من الحياة في ظلال التصوف، ثمّ تحدث د. أبوكساوي الذي أتى من الخرطوم ضمن وفد مبادرة الشيخ الطيب (المبادرة التنموية المجتمعية) تناول أبوكساوي أثر المتصوفة في المجتمع، وتحدث الدكتور السماني قلاب، عن ذات الموضوع، وتحدث بعده الشيخ الحافظ الشاب سراج بوصيري أستاذ المدارس القرآنية بدنقلا، وكان آخر المتحدثين مدير الشؤون الدينية والإرشاد بالولاية الشمالية، مشرف مجمع الشيخ برير بدنقلا الشيخ الجيلي الطيب البشير، الذي عقّب على كل الكلمات متأملاً في نهج القوم في التزكية والتربية والتأليف بين القلوب. مثّلت هذه الجولة من برنامج يوم الجمعة، مائدة شهية، ربما من أسباب جمالها، تنوّع الكلمات وتنوع وتعدد مواقع المتحدثين ومقاماتهم، ومن أسباب جمالها أيضاً أنهم جميعاً تحدثوا حديث القلب، وقد اختار صاحب الدعوة صاحب الدار راعي المبادرة مرشد الطريقة الشيخ الطيب الشيخ برير، أن يكون مستمعاً مستمتعاً بالجمال من حوله، جمال النفوس الزكية وجمال القلوب المحبة، وذات الحال كان حال الأمين العام للمبادرة مدير جامعة أمدرمان الأهلية البروفيسور معتصم أحمد الحاج الذي ما استطاع أن يلبي إلحاح مقدم البرنامج في أن يقول كلمة، ومن كثرة المتحدثين لم يجد كثيرون نصيباً لمخاطبة الحشد، منهم د. مخلص محمد صالح الياقوتي، ود.إبراهيم أحمد (طابت الشيخ عبدالمحمود). كانت هذه هي الجولة الأولى من برنامج يوم الجمعة، وقد انتهت مع أذان العصر، بعدها كانت وجبة الغداء، ثمّ صلاة العصر، ثمّ محاضرة قدمها شيخ الطاهر من أهل المربع، عن (أهمية أهل التصوف في المرحلة الحالية لتقوية النسيج الاجتماعي) وكانت هذه المحاضرة الشيّقة العميقة، التي قدمها المحاضر الذكي خفيف الظل، بلغة لطيفة ومواقف ظريفة، وقد أبدع في تجسير المسافة المفقودة ومعالجة الإشكالات التي يصر أتباع المدرسة الوهابية على إثارتها لتشويه منهج أهل الطريق. أما الجولة الرابعة في برنامج نفس اليوم، كانت (العصري) وما أدراك ما العصري بالنسبة للفقرا والمريدين والمحبين من أهل الطريق. العصري (بالذات يوم الجمعة) له مكانة خاصة في نفوس المحبين ، ولذلك تجمعت الحشود لساحة الذكر، وقد تزيّنت بالأعلام، كذلك الرايات الجميلة العالية الشامخة ترفرف متجاوبةً مع فرح المحبين وشامخة شموخ الأستاذ المرشد صاحب هذه الرايات العالية شيّال التقيلة، بدأ الشيخ الذكر بنفسه في رفقته الفرقة المباركة عمر عثمان أبكورة ومصطفى يوسف والنور وبقية مدّاح الحبيب صلى الله عليه وسلم، ما أن ضرب الشيخ الطار وصدح بالمدح حتى تدافعت الجموع لساحة الذكر، وتدفق المديح كشلالات عذبة تروي ظمأ المحبين، فشربوا جميعاً وطربوا، كانت حلقة الذكر قد انداحت إلى حواف المساحة الفاضية كلها، وبتوجيه من الشيخ، كان يقود الذكر مرتضي إبراهيم وعثمان عبدالقادر منطق، ومحمد رمضان، وعزالدين عبدالقادر، فتلاطمت أحاسيس ومشاعر المحبين كأمواج البحر، فترى عياناً بياناً وصف عبقري الشعر محمد المهدي المجذوب لحلقة الذكر (وهنا حلقةُ شيخِ يرجحِـنُّ، يضرب النوبة ضرباً، فتئـنُّ وتـرنُّ، ثم ترفضُّ هديـراً أو تـُجـَنُّ، وحوا ليـها طبولُ، صارخاتِ في الغـُبارِ، حولها الحلقة، ماجت في مـدارِ، نفـذت ملأ الليالي، تحت راياتِ طوالِ، كسـفينِ ذي سـواري، في عبابِ كالجبالِ، وتدانت أنفسِ القومِ، عناقـاً وإتـفاقـا، وتساقـوا نشـوةً، فاقـت مـذاقـا، ومكان الأرجلِ الولهي طيـورُ، بجلابيـبَ تـدورُ… وتـدورُ، والمـقدّم يتقدم، يرفعِ الصوتَ علِيـا، وتـقدم وتـقدم، يقرعِ الطبـلَ هنيـّا، وينادي مُنشِـدُ شيخاً، هو التمساح، يحمي عرشهُ المطمور، من موجِ الدميـره، ندبـوه للملمـّات الخطـيره، شاعرُ أوحي له .. شـيخ ُ الطريـقه، زاهـِدُ.. قد جعلَ الزُهذَ غـِنيً، وله من رقع الجُبـّةِ، ألوانِ أنيـقه والعصـا، في غربةِ الدنيـا الرقيقه، وله طاقيـةُ ذاتَ قرونِ، نهضـت، فوق جبيـنٍ واسـعِ، رقـّـقـهُ ضوءُ اليـقيـنِ، وفتي في حلقةِ الطـار، تثـنـّي وتأنـّي، وبيـمناهُ عصاهُ تـتحنـّي، لعِبـاً حرّكهُ المـدّاحُ غـَنـَّي، راجعِ الخـطوِ بطـارِ، رجـّع الشـوق وحنـَّـا).. هذا الفديو الذي أبدع فيه الشاعر الكبير، كأنه صوّره من (العصري) في مسيد العارف بالله الشيخ برير ببورتسودان. استمرّ (العصري) بوجود الشيخ الذي يخرج من وقتٍ لآخر لتصريف الأعمال، فهو يقف بنفسه على تفاصيل الأعمال التي سبق توزيعها ، ومايستوقفك وأنت تشاهد الجميع يتفانون في تنفيذها، دون أن يتحدث أحدهم مع الآخر، تماماً كالنحل (ماشاء الله تبارك الله) بمهارة إدارية عالية، تستحق أن تدرّس والله، ليعرف جيل الشباب كيف يوجّه المربي الحب، وكيف توظّف الطاقات. انتهت الجولة الرابعة (العصري) مع رفع النداء لصلاة المغرب، فاتجهت الجموع إلى المسجد، ومن بعد صلاة المغرب، تغيّر شكل ساحة الذكر، فقد امتلأت بالكراسي، ليأخذ البرنامج شكلاً جديداً، وكان ثمّة طلب باستكمال كلام الشيخ اللطيف شيخ الطاهر، الذي يزاوج في كلامه بين لغة أهل العلم، سيما النصوصيين من المدرسة الوهابية، عشّاق المتون (شيخ الطاهر يحفظها عن ظهر قلب) وبين لغة العوام، فهو ينحاز لهم ويتفاخر بهم وبالمعدمين والمهمشين، وسيد الخلق يقول (إنما تنصرون بضعفائكم). كانت محاضرة شيخ الطاهر تمثل الجولة الخامسة من البرنامج، وقد انتهت برفع النداء لصلاة العشاء، حيث تدافعت الجموع نحو المسجد، وبعد صلاة العشاء بدأت الجولة السادسة من برنامج هذا اليوم الحافل، فكانت ـ يادوب ـ بداية الليلة! بدأ ضيوف الشيخ يتوافدون، تتقدمهم النوبات وتعلو ركابهم الرايات، بعد كل خمس دقائق يصل شيخ طريقة في وفده المبارك، فيستقبلهم فريق الاستقبال برايات المسيد، فتلتقي رايات المسيد مع رايات الوفد الزائر فيدخل الشيخ الزائر في استقبال مهيب، وفي شكل مراسمي غاية في الإبداع والجمال، وفي الساحة قرب المنصة يتقدم الشيخ الطيب منفرداً يستقبل الشيخ الزائر ووفده الميمون، وهم يدخلون بأماديح مخصوصة، في شكل يسمى السفينة، وبعد انتهاء المدحة، تستلمهم لجنة مخصصة للاجلاس، فيتم تجليسهم بطريقة برتكولية خاصة بأهل الطريق، وهي في تقديري تتفوق دقةً وجمالاً على منهج وأسلوب البرتكول والمراسم الرسمية للدول. استمر وصول الوفود إلى وقت متأخر بذات الكيفية البديعة الجميلة التي تشكّل فواصل جميلة تتخلل المديح. شارك في هذه الجولة، عدد كبير من مشايخ الطرق، منهم من أتى من الخرطوم مثل الشيخ دفع الله الشيخ محمد الغرقان، والشيخ أحمد الشيخ الشعراني، وشاركت فرق مديح متعددة، مثل الطريقة السمانية أولاد الشيخ باشيح، وأبناء الطريقة التجانية بالبحر الأحمر، وأولاد الشيخ البرعي، وأبناء الطريقة البرهانية، وأبناء الشيخ دفع الله المصوبن مؤسس الطريقة القادرية العركية، وأبناء الشيخ الصائم ديمة وغيرهم. بعد إكرام الضيوف وتناول وجبة العشاء، بعد مغادرتهم، في حوالي الساعة الواحدة والنصف، بعد منتصف الليل، تبقى أحباب ومريدو ومنسوبو الطريقة السمانية وحدهم، أهل المسيد، في احتشادهم مع الشيخ، بعد أن أرهقهم النصب، وأنهكهم التعب، ظنّ الجميع أنّ الليلة قد انتهت، سيخلدون للنوم والراحة، فإذا بالشيخ ينهض في طاقة استثنائية متجددة (ماشاء الله تبارك الله) ويدخل حلقة الذكر، لتشتعل طاقات واصلة في أجساد الجميع، فلا تكاد تجد شخصاً إلا وهو في حيوية دافقة، فتبدأ الجولة السابعة من هذا البرنامج العجيب، والشيخ في قلب الدائرة، والمريدون في تحليق وتشويق، يكاد كل واحد يطير بجناحيه، في ليلة العارف بالله الشيخ برير، الذي كان حاضراً في كل ثنايا البرنامج، وتعطرت السماء بأمداحه، فكانت (ليلا الكرام فازوبا) (سلام عليك يالقطب الطوال إيديك) وعشرات من أمداحه وأمداح ابنه المجدد، الذي ورث المقامات وحاز الكرامات، والمدّاح يتجلّون ويحلقون في سماء مفتوحة كأنما تنادي لمن يعرجون، والجميع يتسلقون الأنوار، فتجد الجميع في سمو واستمتاع، وحين دقت أجراس الساعة الثالثة صباحاً، والوفود القادمة من الولايات ستغادر مع الفجر، وجّه الشيخ بمدحة الختام (لا إله إلا الله محمد رسول الله.. تبنا ورجعنا لي الله) والتي مع وقت السحر، قد فعلت في البعض العجب.. بعدها كان الختام بالدعاء.. يا الله.. لحظات لاتوصف.. الكل يتسلق حبالاً لاترى ويعرج والشيخ يدعو، ومع كلمة (آمين) انكبوا يتدافعون نحوه في منظر لاتجده إلا عند أهل المحبة، يحبهم ويحبونه، تراهم وكأنهم يتبادلون التحايا بقلوبهم لا بأياديهم. انتهت الليلة، فهل انتهى البرنامج؟ لا.. فهاهو الشيخ ينادي: (عزالدين.. منطق … شوفوا الشاي والزلابية لكل الناس قبل يسافرو) ثمّ ناداني لألتحق بمجلسه النوراني الذي بدأ من جديد في حضرة وفد الولاية الشمالية.. وهنا بدأت الجولة السابعة من البرنامج! كان نقاشاً عميقاً حول التصوف في الولاية الشمالية، وقد سررت غاية السرور لاختيار هذا الموضوع، في وجود هذه النخبة المباركة من الحاضرين، الذين لهم معرفة وإلمام بأدق تفاصيل هذا الأمر. وبعد أن أبحر الجميع في الحديث واقتربوا من شواطيء الختام، غادر الشيخ في هدوء، لا ليأخذ غفوة قبل الأذان، ولكن لتجده في (التكية) جلس عند صاج والنيران والزيت الحارق يتطاير، يمسك المغراف بنفسه وهو منشغل في رمي و(نجيض) الزلابية! أي والله.. شربنا الشاي بالزلابية، وجهزوا سيارة تقلنا إلى الموقف، وبعد الوداع، ركبنا، وعند بوابة الخروج، نفاجأ بالشيخ في مجموعة من أبنائه من الفقراء والمريدين ضمن النظام المراسمي لأهل الطريق، يصطفون في وداعنا يرفعون ترنيمة التهليل المسجوع (لاإله إلا الله). وفي تلك اللحظات اغرورقت أعيننا، وقد طلب شيخ متوكل من السائق الاستعجال، وقد فهمت طلبه، فقد كان يخشى أن تفضحه دموعه في الحال تلك! يا الله..!
إنهم أهل وصل ووصال، وقلوب ناطقة بالمقال، وشوق يتجدد ولايزال! والشيخ قد أبدع في وصف الحال، أو كما قال: (في قلوبنا حبهم انطبع.. ديل النوّرو للُبقع) رضي الله عنكم وأنار بكم الطريق وضاعف بكم المحبة والمحبين. آمين.