رأي
محمد علي حميدة يكتب: المظاهرات … حسابات الربح والخسارة
المظاهرات حسابات الربح والخسارة
بقلم محمد علي حميدة
أدى إستمرار المظاهرات ومعارك الكر والفر بين المتظاهرين وقوات الشرطة في منطقة بري لأكثر من عام إلى حالة من الإرباك لحياة الناس في المنطقة الواقعة شرق العاصمة الخرطوم. وأعرب عدد من المواطنين عن سخطهم وغضبهم من الأوضاع التي خلفتها المظاهرات حيث تدهورت البيئة وتأثرت المرافق والطرق بعمليات التخريب كما أدى إستخدام الغاز المسيل للدموع إلى إختناق وسط المرضى وكبار السن ما يشكل هاجسا للأسر.
ومن متابعة لصيقة نرى أن هذه التظاهرات مع نبل المقاصد فيها، حيث أنها تعبر عن موقف ثابت للشباب الثائر ورؤيته لمستقبل الأوضاع في البلاد، إلا أن إستمرارها بهذه الوتيرة كان خصما على إستقرار حياة المواطنين ما جعل التعاطف معها يتراجع بشكل كبير جراء آثارها المدمرة وتداعياتها الخطيرة في أكثر من مستوى. وحسب ما تلمسناه من خلال المعايشة المستمرة فإن عدد كبير من أبناء البراري ومن قادة لجان المقاومة فيها إقتنعوا بعدم جدوى إستمرار المظاهرات وما خلفته من أضرار على مجتمع المنطقة الوادعة وتوقفوا عن قيادتها. ورغم إنسحاب عدد مقدر من أبناء المنطقة عن المشاركة في المظاهرات إلا أن إستمرارها أثار الإستغراب، لكن هذا التعجب زال حينما علمنا أن من يحركون هذه المظاهرات يجئ معظمهم من خارج بري تنقلهم سيارات إليها ومع مغيب الشمس يغادرونها مخلفين دخان البمبان وعبوات القنابل الصوتية الفارغة وحسرة لدى الأسر التي تحاذر على كبارها من الموت إختناقا. وهذه الظاهرة، أي مشاركة عناصر من خارج الحي في تأجيج المظاهرات تلفتنا إلى ضرورة التنبه لخطورة مخطط صناعة الفوضى الذي تحيكه جهات سياسية وتزج فيه بالشباب وقوداً لمعارك السياسة اللانهائية.
ومن هنا فإنني أقول بأن سكان بري مع الثورة وتحقيق أهدافها لكنهم تضرروا أكثر من غيرهم من تداعياتها على حياتهم وهم بالتالي يطلبون من شباب البراري التنبه لما تساق له المنطقة من خراب ودمار تقوده قوى سياسية لا تريد للأوضاع أن تستقر وتعود بري لسابق عهدها مدينة وادعة تجمل لياليها أماسي الأنس وتجليات المبدعين.