رأي
✍️عمر محمد على ترتوري يكتب: لا تتكبر يا دكتور لأنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً
ما أجمل قول الحق تبارك وتعالى عندما نهى عن الكبر فقال: {ولا تمش في الأرض مرحاً إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا}
يوم الخميس الماضى ذهبت لمناسبة عرس احد معارفى فى إحدى الصالات بالخرطوم ، وشاءت الأقدار أن يجلس بجانبى أحدهم ببدلته السوداء وكرفتته المزركشه وجزمته الأيطاليه البوز .
فرحت وإستبشرت خيرا بهذا الرجل المهندم النظيف ومعرفته قد تكون كنز ، فإذا بى افاجأ بشخص متكبر ، متعالى يتكلم وكأنه مخلوق أتى من فوق عالى السحب وليس بأرض الله الواسعه .
الرجل بدأ بتعريفه انا الدكتور الفلانى واحمل شهادتين دكتوراه واتكلم أربعة لغات واسكن فى منزل فخم فى ارقى أحياء الخرطوم وعربيتى لاندكروزر 2020 وسأستبدلها قريباً بآخر موديل .
الرجل لم يكتفى بل قال :
أن زوجته تحبه ويحبها فهى فائقة الجمال بيضاء ومربوعه ومليحه وشعرها اسود كسواد الليلة الظلماء وطويل يماثل ذنب الحصان واولاده كلهم أطباء ومهندسين الا واحد منهم إختار التجاره وهو الآن من كبار مصدرى الذهب !!!!
اقول لهذا المغرور صاحب الأنا :
الغرور مفتاح لكل شرٌّ ، ومن أقبح الصفات ، فالتفاخر بالنفس ، والإعجاب بها، والكبر والاستعظام، والتعالي على الغير، من الأمور التي تكسب غضب الآخرين ، وتؤثر على حياة الإنسان سلباً ، والناس تُحب من تواضع وأزدان بالأدب وحسنت أخلاقه، وزان تعامله .
أقول لهذا الدكتور :
من سعة رحمة الله، أن جعل المتكبرين يعيشون مع بقية البشر ، ويأكلون من نعمه ، ويستلذون بأطيب ما خلق ، مع أنهم يتكبرون على خلقه وعباده ، هؤلاء المتكبرون ليس لهم الا منظار واحد ، ونافذة واحدة ، وشخصية واحدة ، وكلمة واحدة، كلها تجتمع في (الأنا)، ولذلك ترى المتكبرين ينفخون أنفسهم، ويحاولون التحليق مثل الدخان ، ويسعون دوماً لنفش ريشهم في كل محفل وعلى قارعة الطريق ، كلامهم مختلف عن بقية خلق الله، ومشيتهم مشية الطاووس ، فالكبرُ خلُقٌ من أخلاق إبليس فمن أراد الكِبر فليعلم أنه يتخلق بأخلاق الشياطين ، وأنه لم يتخلق بأخلاق الملائكة المكرمين .
أقول لهذا الدكتور المتغطرس :
أنت لا شيء رغم علمك وشهادتك وإتقان تخصصك وعلو منصبك وكثرة جاهك ووجاهتك ، أنت لا شيء في هذا الكون الواسع الفسيح العريض، لا شيء أمام قدرة الله وعظمته، أنت إنسان ضعيف، نعم ضعيف جدا، ولا حول لك ولا قوة.
اقول له :
أنت تعيش تحت رحمة الله وتدبيره وحكمته، فلا تتكبر على خلق الله بما أتاك الله ، لا تغتر بعلمك ومنصبك ومالك ، ثم لا تقل أنا الدكتور فلان ، وأعلم ان الألقاب تعددت ولكن الأنا واحد ، فدعك من الألقاب، فهي ألقاب صنعها الإنسان ليخدع بها نفسه، فما أنت إلا واحد من البشر، يجري عليك ما يجري عليهم، تجوع وتأكل وتشرب وتقضي حاجتك في الحمام ، ويسيل انفك من الزكام وتدسه بالمنديل .
يا أخوان :
تأملوا معى لو أن هذا الدكتور يجرى عملية جراحية فى قلبه او أى اعضاء من جسمه و يتوقف قلبه لثوانى معدودات ، بالتأكيد ستكون حالته تحنن العدو لأنه فى حالة خوف ورعب شديد لا تنفع فيه الدكتره ولا ولا المال ولا نجابة الأولاد فالمفروض نتأمل فبالتأكيد سنجد طبيب قلبه مات بسكتة قلبية، وطبيب نفساني مات منتحرا، ومتخصص في علم التغذية يعاني من السمنة، وأستاذ يغش في امتحانات الترقية، وداعية فشل في تربية أبنائه، وقاض مرتشي، ومحام سارق !!
أليس كذلك !!!!؟
هذا الدكتور المتهندم المغرور ذكرنى مقولة النابلسى المشهوره التى يقول فيها :
هل تعلم أن ما من مخلوق في عالَم الأرض خلقه الله إلا ويفوقك علماً !!
– الحوت الأزرق وزنه مائة وخمسون طناً، أنت ما وزنك؟
– أعلم علماء الأرض الذي معه أعلى شهادة في الزلازل ، لا يمكن أن يتنبَّأ الزلزال قبل وقوعه ولا بثانية، أما الحمار فيتنبَّأ بالزلزال قبل وقوعه بخمس عشرة دقيقة ..
– للكلب حاسة شم تفوق شم الإنسان بمليون ضعف ..
– الصقر يرى ثمانية أضعاف ما يراه الإنسان، الصقر وهو في علياء السماء ، يرى السمكة تحت الماء، وينقضّ عليها..
– هناك حيوانات تبلغ سرعتها مائة وخمسة وعشرين كيلو متراً في الساعة ..
ما من صفة مركبة في الإنسان إلا وفي الحيوان ما يزيد عليها
– هناك حيوانات إذا فسد أحد أسنانها نما مكانه سنٌّ جديد، أين هو طب الأسنان؟
– هناك حيوان لو قطعت يده لنمَت له يدٌ جديدة، هذا فوق طاقة البشر ..
– هناك نوع من الديدان ، لو قسمتها قسمين ينمو برأسها ذنَب ولذنَبها رأس .
أخيراً :
اللهم اجعلنا من عباد الرحمن الذين قال الله فيهم: {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما}