رأي

الدفاع عن الجيش و”العفوية والسلام” أبرز محطات خطاب دقلو

تقرير: أحمد حسين
لعل الخطاب الذي ألقاه قائد قوات الدعم السريع ونائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، يأتي هذه المرة مغايراً ويحمل في طياته إعترافات كثيرة ربما يقولها القائد لأول مرة، فهو يبتدر خطابه بأنه بدوي لا تخلو من إعتراف بأنه إنسان على “السليقة” فهو لا يعبأ كثيراً بتعقيدات الحياة وتعقبات أمورها، وهذه العبارة ” أنه بدوي” تحمل دلالات أخرى تنبئ بأنه حتى في “تموهات” تفكيره دائماً يرجح كفة التفكير الذي لا تخالجه أية إضافات فهو دوماً يتجه تفكيره الى ما ينفع الناس، وهذا ما يؤكده قوله في الخطاب ” لذا فحينما رأيت شباب وشابات ثورة ديسمبر المجيدة لم اتردد في الوقوف في صفهم ضد ظلم النظام البائد واستبداده وفساده، رأيت انني اشاركهم رغبتهم في التغيير إلى الأفضل وبناء السودان، حاولت ما استطعت فأصبت حينها وأخطأت احياناً، اخرها خطأ انقلاب ٢٥ اكتوبر”.
كذلك نلمح في طيات خطاب دقلو، إصرار كبير على رجوع القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى للسكنات بعد إنجاز السلام والتحول الديمقراطي الحقيقي لكي تقوم هذه القوات بأداء واجبها الحقيقي في حماية البلاد وحفظ كرامته حين قال : “انني اعتقد بأن هذه العملية السياسية قد تطاول زمنها، وأن الوقت قد حان لانهاءها والوصول لحل سياسي نهائي بصورة عاجلة تتشكل بناءاً عليه سلطة مدنية انتقالية تقود البلاد، ونعود نحن في المؤسسة العسكرية إلى ثكناتنا لنتفرغ لاداء مهام حماية حدود البلاد وأمنها وسيادتها وهذه مهام جليلة نتمنى أن نوفق في اداءها “.
ومن الجزئيات المهمة التي قالها النائب حميدتي وأكد عليها ووجدت قبولاً كبيراً من المواطنين حديثه عن علاقة الدعم السريع والجيش، حيث فند النائب كذب كثير كان يقال عن علاقة الدعم السريع بالجيش وعن خلافات بين البرهان وحميدتي، ولكنه في خطابه أمس قال ” إن القوات المسلحة السودانية مؤسسة ذات تاريخ عريق، وهي لن تكون مطية لحزب أو جهة، بل كانت وستظل ملكاً لهذا الشعب بكل أطيافه، ومصدر فخره واحترامه، ونحن منها ولن ندخر جهداً في الدفاع عنها ضد كل من يسيء اليها أو يقلل منها، وقد وضع الاتفاق الاطاري أساساً متيناً للمباديء الرئيسية التي تعيد للمؤسسة العسكرية ما فقدته بسبب سياسات النظام البائد، لذا سنمضي فيه بصدق وجدية حتى تتحقق أهدافه كاملة غير منقوصة، فهذا الاتفاق حزمة واحدة يجب أن تنفذ كلها دون تجزئة.
فذلك يوضح بجلاء إحترام الرجل لهذه المؤسسة العريقة الجيش السوداني الذي هو أصل كل عزة وفخر ومنعة لكل سوداني غيور على بلاده وأمنها، كيف لا وأن الجيش هو حامي البلاد وهو أول مدافع عنها في كل الظروف، فحديث الرجل هنا وجد ترحاباً وصدى واسع من كل السودانيين، معتبرين أياه حديث صادق وشجاع من رجل في قامة حميدتي.
كذلك من الإضاءات والإعترافات في خطاب دقلو، حديثه بكل صراحة عن تحسره للوضع الإقتصادي الحالي الذي تمر به البلاد برغم ما تملك من إمكانات ضخمة يمكن أن تجعلها في الدول العظمى إقتصادياً، وهذا أمر مهم أن يوضح الرجل أن السودان بلد غني بالموارد حين قال ” انني أشعر بألم عميق كلما أشاهد مظاهر الفقر والضيق الاقتصادي وتردي الخدمات في بلادنا . إن السودان بلد غني بأهله وموارده، افقرته سياسات الأنظمة المتعاقبة وصراعات السلطة ضيقة النظر.
إن حل الأزمة الاقتصادية الراهنة مرتبط بالاستقرار السياسي والاتيان بحكومة مدنية، ومن هنا فإنني أناشد الأسرة الدولية والاقليمية على الاستعداد لتقديم السند اللازم للحكومة القادمة، فشعبنا ينتظر منها الكثير وستواجهها مهمة صعبة ما لم تجد التعاون السريع والفعال لمواجهة التحديات الاقتصادية.
كذلك لم يخلو حديث حميدتي عن إشارات السلام الذي أن تم سيكون السودان في مقدمة الدول ويتجه أبناءه للبناء والتعمير، وظل حميدتي في كل خطاباته يؤكد أهمية السلام وهو الراعي لإتفاق سلام جوبا الذي أسكت صوت البنادق للأبد وقال ” أنا رجل نشأ في وسط الحروب .. عرفتها وخبرتها لذا أعرف معنى السلام وأهميته. منذ أيام الحكومة الانتقالية الأولى اخترت في مجلس السيادة أن أتولى مهمة ملف السلام بالتنسيق مع حكومة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك. لانني مقتنع بأنه لا مستقبل لهذه البلاد بدون اسكات جميع أصوات البنادق وادارة تبايناتنا بالحكمة والموعظة الحسنة. اندلعت الحروب بسبب المظالم التاريخية في هوامش السودان، وجاءت ثورة ديسمبر لتمنح فرصة لمعالجة هذه المظالم دون حروب. لذا وقعنا اتفاق جوبا لسلام السودان الذي لم يجد حظه من التنفيذ لأسباب عديدة، لذا فقد جددنا العزم أن يكون الاتفاق السياسي النهائي مدخلاً لاحياء تنفيذ اتفاق السلام ولاكماله مع الحركات الموقعة، وتنفيذ جميع بنوده لا سيما المتعلقة بعودة النازحين واللاجئين إلى ديارهم وتوفير الحماية اللازمة لهم.
لم تكن نبرات الحزن بعيدة عن خطاب دقلو حينما تحدث عن المخزلين الذي دوماً لا يريدون أن يتقدم السوادن وهو دوماً في شغل يسبط الهمم ولا يدعو للتفاؤل بين أبناء السودان الواحد.
عموماً حديث الرجل امس كان حديث القلب للقلب، وكان حديث الوجدان كأنما يحدث الرجل نفسه من كثرة الصدق فيه وما يؤكد ذلك ما بدأ به حديثه عندما قال أنا رجل بدوي.

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى