رأي

أحمد حسين يكتب في نافذة أمان: العيد… ذكريات مؤلمة وأمل جديد

بالرغم من أن عيد الفطر السعيد الذي نستقبله في قادمات الأيام يأتي في ظروف مغايرة عن رصيفاتها عن عيد الفطر المبارك الماضي بالنسبة لنا كسودانيبن وساكني ولاية الخرطوم بشكل أكثر خصوصية؛ بالرغم من أنه أفضل حالا كثيرا لكن في هذا العيد نتجرع كأسا آخر من فقدان الأحبة الذين تفرقت بهم السبل وعبثت الأقدار بجزئية من مستقبل حياتهم؛ فمنهم من تبعثرت ذكرياته على تراب الوطن نازحا بين دفة الولايات؛ بعد نزوح دام عاما كاملا؛ ومنهم من بات مجبرا يتنسم عبقا آخر غير الذي اعتاد عليه وهو في ردهات منزله واهله واحبته؛ يكابد مكاتب متظمات الأمم المتحدة بحثا عن الظفر بصيغة وكلمات تجعله يستعيد بعض انسانيته التي فقدها بسبب الحرب؛ يكابد في تراب غير ترابه وارضا ليست له ولعله منهم من لم تطأ أقدامه يوما أرضا غير أرض بلاده السودان ولكنها أقدار الله نتقبلها كما هي دون وجل وجزع وخوف؛ فجوف السودانيون مليئ بتقوى الله عز وجل ويجب نبيه العظيم محمد بن عبد الله؛ فضلا عن فخر واعزاز كبير توارثته الأجيال حبا وكرامة وشهامة وخصال نبيلة.

يأتي هذا العيد وهناك صنف آخر من الناس وهم الذين ابكانا فقدهم خلال مسيرة نزوحهم من الخرطوم مرورا بالعقد النضيد من ولاياتنا السودانية؛ بزلوا أرواحهم ودمائهم حبا لهذا البلد الذي يخرج نباته وزرعه دوما للناس مجازا يقولون أنه سلة غذاء العالم.

منهم من لقى حتفه بدانة مباشرة أصابت منزله؛ ومنهم من مات وهو يهم بالخروج من مناطق الحرب الملتهبة بكل ولايات السودان؛ ومنهم من مات جوعا محاصرا في بيته ومنطقته التي تؤيه؛ وكذا يبقى الموت واحدا وتتعدد أسبابه.

في هذا العيد تفرق الجميع أسرة واحدة مشتتة على مداخل الولايات والقرى والفرقان داخل الوطن النزيف؛ وآخرون حين ينادي منادي العيد يجدهم قد فارقوا أوطانهم واصبحوا لاجئين موزعين على قولئم عواصم الدول العرببة والأفريقية وحتى عواصم العم سام ينتظرون في يوم العيد خبرا سارا يضمد جراحهم وترتوي منه نفوسهم التي طالما ارهقها السفر والبحث عن الأمان.

يأتي هذا العيد وفي القلب غصة وجرح لم يندمل وذكريات نشتم عبيرها بين دفتي منازلنا التي هجرناها قصرا وبدون سابق إنذار؛ نشتم عبيرها حينما تلفح الذكرى قلوبنا ونحن نتذكر جمائل سابقات الأيام؛ نتدثر عبثا بما حملت من سنى طيبة وأيام خوالي عشنا فيها الأمن والأمان بكل ماتحمل الكلمة من معنى.

عذاءنا الوحيد هو أن تتجدد أيام العيد العطرة وان نرى الأمن والأمان قد شاع في مدننا وقرانا وكل مساكننا في وطننا الحبيب السودان وقد زالت هذه الغمة وتبدلت مكانها فرحة تشملنا جميعا؛ وان نرى بلادنا ترفل فى سرور وعافيه واطمئنان وامن وامان؛ وان يعود السودان وطنا شامخا تكون زادته الحرب وهذه المحن صلابة وعزة واتفاقا بين مكوناتنا السياسية والمدنية تحير العالم.

الوسوم

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق