منوعات
جيفور ضو البيت… طوع الأداء الحكومي لصالح حالة إنسانية راقية بالقضارف
القضارف: سودان بور
تعودنا على الوظيفة العامة في المكان المرموق كأنها جبل عصي الصعود، بعيدة عن هم المواطنين، لقد اعتاد السودانيين فعلا على أن الوصول إلى أصحاب المناصب العليا مهمة شاقة تتطلب جهدا خارقا، ذلك من واقع الممارسة السابقة التي كانت عليها سنوات النحس، وهي قبل ذلك لكن تلك السنوات زادتها ظلما وجورا ..
للحقيقة والتاريخ فان ثمة متغيرات في قبول المواطن ووصوله الى حيث يريد، عطفا على ذلك يتابع الناس في القضارف حكومة سهلة، قريبة منهم، يمكن لأي شخص ان يلتقي الوالي محمد عبد الرحمن تحت ظل شجرة، في مرة عندما كان موكبه في زيارة منذ صباح باكر لمحلية البطانة اذا به يلمح إمرأة وقد عبأت رأسها بمشغوليات، توقف، وسألها، كانت الاجابة ذاهبة الى عملي في سوق الخضار، سرعان ما وجدت الحاجة الداقشة باكرية انها تمتلك رأسمال لعمل اضافي، تحرك الموكب وعلامات الاستفهام تحوم حول من لم ير المشهد منهم ولم يعلموا لماذا توقفت عربة الوالي، قبل ايام لم يجف مداد الزميل عبد العليم الخزين عن المؤانسة التي جمعت الوالي المكلف مع بائعة فول في مدينته “الفاو”، خرق الوالي المكلف البروتكول، وانتحي جانبا بالبائعة في حديث ودي قبل ان يشتري منها كيس فول
في مكتب الوالي أوراق كثيرة تخرج، وأخرى تدخل.. هزيم من الناس، نساء ورجال، من ضاقت بهم حاجياتهم واغراضهم وسبلهم، كانوا يتأبطون ردهات المكتب الذي كان مفتوحا لكبار الحزب، وعلية القوم فقط، الآن الجميع سواء، هنالك في الداخل شاب و رجل أخضر، بأسنان بيضاء ناصعة كناية عن الابتسامة الدائمة، هامس الحديث، فارع الطول “دينكاوي” بأصل الابنوس يدعي جي فور ضو البيت مدير مكتب والي القضارف المكلف، عشرات من طالبي الحقوق يجدون مساعدة سريعة، ومعها ظٌرف وطرافة أهلنا الجنوبيين، لقد بدأت سيرة ضو البيت تطغي علي مجالس المدينة وتحولت الي حكايات تتناقلها وتتآنس بها من وحشة ما كانت تقابلها في هذه المكاتب من عسف، ليس فقط في حجم المساعدة المستحقة، لكن في اسلوب العمل الراقي، والتخاطب الجميل، حيث لا احراج، او إطراق وبعد من القلوب، بل حديث بالواقع والصراحة، واذا لم تلبي وتجد طلبك، ستخرج بخاطر طيب لا مكسور
ان “جي فور” المنحدر من أقصى جنوب البلاد ومن منطقة أبيي والذي يحمل شارة ولقب الانتساب للسلك الاداري ترقي كضابطا اداريا عمل في معظم بقاع البلاد، والغريبة إنه وفي أي موقع يشغله كان سخيا كريما متجاوزا لبيروقراطية الدولة ونظمها العقيمة، بما يتماهي مع لوائحها ونظمها، ظل يطوع الاداء الحكومي لصالح حالة إنسانية راقية، أكثر من كونها حقوق وواجبات، ان نساء كبيرات، او شابات لديهن مطالب يتمكن من العبور نحو مكتب جي فور بسهولة، وكذلك شباب دعتهم الظروف للمرور عبر مكتب والي القضارف، في الحقيقة انتبه الناس لما يمكن ان تحققه زيارتهم لمكتب والي القضارف اكثر منه الي المؤسسات والدواوين الحكومية الاخرى، ان عهدة الحكم الحالية في القضارف تستحق النظر والاخذ بتجربتها ليس فقط من واقع الحركة الكبري في مضمار التنمية وهو أمر ظاهر وواضح، لكن ايضا في ان الحكم كأداة يجب ان يأخذ هذا الجانب الانساني، وان السياسة ليست هي كسب المواطنين بالغش، بل بهذه اللفتات البارعة التي تضمد الجراح..