رأي
حيدر التوم خليفة يكتب: حرب السودان الحالية وتوالى ذكرها في القرآن الكريم والإرث النبوي وأقوال الأولياء العارفين ..
*الحرب مدتها عام ، وسوف تخضُ البلاد كلها …*
*أصعب أيامها بين منتصف نوفمبر الحالي ومنتصف فبراير القادم (الموافق بين جمادى ورجب) …*
*حيدر التوم خليفة*
*مدخل (1) …*
هناك خيط رفيع غير مرئي ، إلا لأصحاب اللطائف ، يربط بين أحداث غزة واحداث السودان ، واحداث البحر الأسود وبحر الخزر ، “روسيا ، أوكرانيا ، كازاخستان وارمينيا” ( تمثل هذه المناطق إحدى مستعمرات الخزر السود الكوشيين القدماء ، راجع كتاب النوبيون العظماء للمؤرخة الأمريكية دورسولا هيوستن) ..
وأعلم أن كل الاحداث الجارية اليوم هي من فتن آخر الزمان ، وهي مشمولة في الكتب المقدسة ، والإرث النبوي …
واعلم أكثر انها جزءُ من الصراع العلوي السفلي ، والعلوي العلوي ( وهو الأساس) الذي بدأ ينتظم الأرض هذه الأيام ..
*مدخل (2)*
لماذا غيرت أمريكا من سياساتها الرامية إلى *التعمية الكاملة* لما يحويه ملف الكائنات الأخرى الذكية ، وبدأت تكشف عن حقيقة هذه الكائنات بوتيرة متسارعة ..؟
وما هو *مدلول عقد الكونغرس الأميركي جلسة علنية* في شهر أغسطس الماضي ، لاستجواب عملاء البنتاغون ومنسوبيهم *حول تصديهم لبعض المركبات الفضائية ، وإسقاط بعضها* بأوامر مباشرة من الرئيس جو بايدن ، وقتل من فيها ، واعترافهم بأن القتلي *ليسوا من البشر* بعد أن قام العلماء المختصين *بتشريح أجسادهم…!!*
*مدخل (3)*
نعم هناك المشككون والهازئون والساخرون من حديثنا عن الكائنات الأخرى علوية أو سفلية ..
وأقول لهؤلاء المشككين والرافضين لوجود المخلوقات الأخرى ، بزعمهم انها غيبيات طلسمية ، وخرافات دينية لا برهان يدل عليها ، وأنهم ينطلقون من موقف يستند إلى العلم في رفضهم هذا …
أقول لهم ماذا أنتم فاعلون بعد أن إفتتحت *وكالة ناسا وحدة علمية كاملة للتواصل* مع المخلوقات الأخرى ، وبعد أن إفتتح *البنتاجون موقعا إسفيريا ضخما* لمتابعة هذا الامر ، داعيا الناس للمشاركة فيه ومده بالمعلومات ..؟
وكلنا نذكر تلك الزيارة التاريخية التي نظمها متحف مدينة مكسيكو ، لأعضاء البرلمان ، *لمشاهدة اثنين من الكائنات الفضائية يضمهم المتحف* ..
وهل يظن هؤلاء أن *استوديوهات هوليوود* ، تنفق أكثر من *عشرة مليار دولار* في العام على آنتاج افلام الخيال العلمي عبثاً ..؟
أبشرهم وأقول لهم إن الأمر *لم يعد أمر خرافة وغيبيات* ، وحكاوي أسطورية عن مخلوقات خفية غير مُدركة ، وذلك بعد أن دخل البحث عن سكان هذا العالم ، *معامل العلماء وصوامعهم الرقمية* ، وبعد أن تبنته المؤسسات العلمية الأمريكية ، وبعد أن صار البحث فيه جزءً من عمل المؤسسة الأوروبية للأبحاث النووية *(سيرن)* ، ولا حجة أمامهم بعد أن تولاه *اباطرة الفيزياء الكمومية، وأنبياء اللاهوت العلمي الجدد* ، لهذا فإن الرفض بإسم العلم لم يعد يجدي …
….. …..
قبل فترة عاتبني الأخ الكريم والباحث المجد الفاتح السيد بريمه ، على أنني زودت العيار الكوشي في كتاباتي ، وهذا أمر لا أنكره ، لأنه لب المنهج الذي أسير عليه في بحوثي ، ومقصد وهدف كتاباتي ، بحكم ان كوش كما أراها ، هي *مبتدأ ومنتهي الوجود الإنساني ، وعلى طريقها إصطف كل الإرث الديني البشري* ، وانا على درجة عالية من *الإيمان المدعوم بالحقائق العلمية* ، أن كل انبياء الله الكبار ممن ندعوهم *أولى العزم ، هم كوشيون* ، وان كل *الكتب السماوية* المقدسة (الصحف الأولى ، والزبور والتوراة والإنجيل والقرآن) هي *كتاب كوشي واحد تم تبعيضه فِرقاً ، وتنجيمه نزولاً* ، وان ما يقصه ويحكيه هذا الكتاب ، إنما *يتحدث في معظمه عن أهل كوش* ، لأنه نزل فيهم ، حتى ولو بعدت الشقة بين *وجودهم في المهاجر وبين ارضهم الام* ، وإتسع الأمد بين الاسلاف والاخلاف ، اي ماضيا وحاضرا .. وأنه ما *حدث حدثُُ في هذا العالم ، الا وكان لكوش فيه نصيب* ، كيف لا !! ونحن نعرف ان أرضها هي *مهبط الإنسان ، ومبعث الرسالات ، ومقام الرسل ، ومناط التقديس ، وهي مخزن الذهب الأزلي ، المعدن النبيل المقدس* ، محرك الدول ومُشعِل الحروب ، *ومقصد الانوناكي الدائم ومطلوبهم (الملائكة)* ، راجع مقالاتنا السابقة حول هذا الأمر ..
بلد بهذه الصفات حُقَ لها أن تكون في مقدمة الركب ، وان تصبح *ساحة الصراع العلوي السفلي الرئيسة ، وهو أمر يدركه العارفون ، ويعلمه المجتهدون الواصلون* ..
لهذا لا تستغرب تجييرنا كل شى لكوش ، خاصة وقائع فتن آخر الزمان ، والتي تمثل احداث نهاية دورة حياتية أرضية ، نحن الآن نخوض في مقدمتها ( وقد سبق وأن مرت أكثر من أربعين دورة حياتية أرضية) وكلها لم تنفصل عن كوش …
ولا تستعجب إنزالنا لكل حدث عند قرائته بعمق ، منزلا كوشيا مناسباً له ، وهذا ما سوف تجده في هذا المبحث وفي الذي يليه ، وعند حديثنا وتأولينا لاحاديث النبي الكريم ولآي القرآن العظيم حول أحداث السودان الحالية ، والتي هي *ترجمة فعلية لتخطيط (العالين) لأحداث أرض كوش الحالية* ..
لهذا سوف تجد أحداثاً تتخلل وتصاحب معاركها ، لا يمكن تفسيرها إذا قرأتها وفقا للسياق العادي ، الامر الذي يدعونا لعدم إستبعاد الدور المهم الذي تلعبه بعض القوى الخفية في تشكيل أحداثها ..!!!
وسوف نبدأ مبحثنا *بأقوال العارفين* من أهل العلم والاشراق …
كلنا نعلم أن *النبوة والوحي قد طويتا ، ولم يبق غير المبشرات الإلهية ، ومنها الرؤيا الصادقة ، وعلم الحال* الذي يقذفه الله في قلوب عباده المختارين *ذوقاً وكشفاً* ..
اذكر قبل عدة سنوات نشرت مقالا عن *مقولة للشيخ العارف بالله ابو قرون الكبير* ، وقد سمعتها من إبنه الشيخ النيل ابوقرون في العام 2002 ، وهي من النبوءات المشهورة في مدينة أبو قرون بشرق العاصمة الخرطوم ، والعديد ممن حضروها ما زالوا أحياءً حين نُشِر المقال …
وفحواها انه وفي بداية الأربعينات ، وعند دخول إيطاليا الحرب إلى جانب ألمانيا ، واحتلالها الحبشة ، تحركت قواتها غربا لاحتلال كسلا ، وسرت شائعات انها سوف تواصل مسيرها غربا إلى القضارف ، ومن ثم الذهاب لاحتلال الخرطوم وإنهاء الحكم البريطاني على السودان ..
وهذا الأمر ازعج أهل الشيخ ومريديه في منطقتي كسلا والقضارف ، فجاء وفد منهم مسرعاً ، وحكوا له ما يتحدث به الناس ، ولكن الشيخ تبسم وما زاد شيئا عن قوله لهم *(ارجعوا ما بتجيكم الحبة دي ، الخرطوم كتلتها (مقتلتها) على يد الولد البجي طايف من الغرب ، صاري الواطة صر ، وطاويها طي* .. وقد كان ..
وهي *رؤيا صادقة صائبة ، صدرت من قلبٍ سكنه نور القرآن ، فشع ضياءً* ، وإنفتح معارفاً مخبوءة ، لا يمكن إدراكها الا لمن قذف الله في قلبه نور الحق ترجماناً ، وهي تحمل ليس فقط دلالات إشارة ، ولكنها تنضح معارفاً تنطق بلسان الحال عياناً بياناً … وقد صدقت في كل كلماتها ..
وعند تنزيلها لارض الواقع كلها تشير إلى حميدتي ، وذلك وفقا للاتي ..
تحدثت الرؤيا عن أن مقتلةً ودمار الخرطوم سوف تكون على *يد شخص ، سماه بالولد* ، ولفظ الولد في السودان يُطلق لوصف حال *الشاب الحامي الذي لم تعركه الخبرة بعد* ، والذي يفيض حيوية وقوة وشباباً ويقوده الطموح الطاغي ، قال الشاعر ( الآلاف فرتقن ولداً نجيض ماك ني)..
ووصفت الرؤيا مصدر *قدومه من الغرب* ، والإعجب انها وصفت حال مقدمه بالشخص *الطائف المسرع الذي يخب الارص خباً ، ويصرها صراً ، ويطويها طيا* ، وكل هذه الأوصاف تنطبق على حميدتي ..
… فهو شاب ذكي طموح يفيض حيوية ، وكثيرون يشيرون إليه بالولد ، والعديد من اهله ينادونه *بالولد فخر القبيلة* ..
… ثانياً هو أتى من الغرب ، من دارفور ، ولفظ *الغرب هنا يدل علي المكان البعيد ، كما يفيد التعميم* ، اي من دارفور ، أو مما يلي دارفور ..
… أما عن وصفه بأنه سيأتي *طائفا وطاوياً للأرض ، فهو حال تنقله وترحله* ، إذ أن وسيلة تنقل جيشه الرئيسية هي *السيارة اللاندكروزر* .. والتي يعتمد عليها كراً وفراً وفزعاً في جميع حروبه …
*ولاندكروزر تعني حرفيا ، طواف الأرض (مثلا صاروخ كروز تعني الصاروخ الطواف) ، وجائل الأرض ، وطاوي الأرض* ، وهي ميزات ذات العربة البكب التي تنهب الأرض نهبا ، وتصرها صراً ، وتطويها طياً ..
مثلا كلمة لاند روفر تعني جوال الأرض ، او طواف الأرض ،. أو قرصان الأرض ، وكذلك العربة رينج روفر، تعني طاوي المدى ، أو طائف المدى ، أو جائل المدى ..
وكلام الشيخ هنا بتقريراته الواضحة ، *نحسبه من الرؤيا الصادقة* ، ومن الكشف الرحماني لأهل مجاهداته ، مصداقاً لقوله تعالى *(الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ..)*
والحادثة الثانية التي أود إيرادها هنا ، هي تلك القصة التي ضمنها الوزير الاسبق السيد *إبراهيم منعم منصور* ، ابن ناظر دار حمر ، في مذكراته الشيقة .. وهي حادثة رواها أيضا عدة أشخاص كانوا مرافقين له عند *زيارته للعارف بالله الشريف الناجي بمدينة الأبيض* .. وتعتبر روايتهم مكملة لما ورد في مذكراته.. وانقل الاتي من مذكراته المنشورة ..
((وفي طريق العودة زرت الشريف الناجي ومعي أخي منصور منعم وابن عمي محمد صالح منصور والد المحامي صلاح الدين . وكانت
التحضيرات للانتخابات على أشدها وأشارت كل الدلائل إلى احتمال فوز الصادق الهدي
وتوليه رئاسة الوزارة وحدوث استقرار للبلاد …
غير أن الشريف الناجي قال في معرض (الونسة) .. :
(( *الصادق يفوز لكن البلد تعمها (فوضى) لا يصدقها أحد* ، وما يقدر يعمل شيء واحد لحد ما يتسلمها *عسكري (متنبأً بالبشير)* ، وفي عهد العسكري (يشير إلى نظام الإنقاذ ) يعم البلاد الظلم بقدر لم يسبق له مثيل ، ولا يصدقه أحد ، ويشمل كل مناحي الحياة : قتل أبرياء ، وسجن وتعذيب ، وقطع معايش ، لكن (يخلص البلد منه واحد *يتفق مع الأمريكان ويطلع الزيت* والحالة تتبدل إلى أحسن والناس تغني وترتاح).
ابن عمي محمد صالح منصور كان حاضراً ما ذكرت ، ويمزح مع الشريف الناجي من وقت
لآخر وسأله : إن كان يحضر الزمن داء رد عليه إنت يا محمد صالح إن شاء الله تحضره.))
وقد روي آخرون من الذين حضروا الواقعة وهم فوق الأربعين شخصا كلاما متمماً لما كتبه الوزير ، ومنه ما حكاه احد أئمة الجمعة في خطبة مسجلة له ، جابت الآفاق ، في أيام الثورة الأولى وقبل نشوب الحرب الحالية ، ان الشريف الناجي ذكر لزواره بأن الحرب سوف تندلع في الخرطوم ، حتى ان *أهلها سوف يهجرونها ويفرون منها* ، وقد استعمل التعبير العامي الاتي *(ولكن ناس الخرطوم بتركوها وبياخدوا ليهم جرية حااارة)* ، ولكن الأمور سوف تنتهي بعد ذلك إلى استقرار سياسي ، ونمو اقتصادي كبير ، وذكر قائلاً : انه سوف يستلم الحكم *شخصُُ يصالح الأمريكان ، ويطلع الزيت ويريح ناس البيت* ، وان البلد سوف تشهد رخاءً ليس له مثيل …
وعلى ذات المنوال ونحن نتحدث عن أقوال العارفين حول تناولهم لأحداث الفتنة الحالية ، خاصة ما سوف يحيق بالخرطوم من دمار ، ما نسِب للشيخ فرح ود تكتوك ، (وان كنت لم أجد له توثيقاً) ، والذي جاء فيه قوله أن *(الخرطوم تعمر عماراً تصل سوبا ، وبعدها تتفرتق طوبة طوبة*… وللحديث بقية ، خاصة كلامه عن الرخاء الذي سوف يعم البلاد ، وأنها سوف تكون مقصد العرب والعجم ) …
وعلى ذات الموضوع هناك ما ينسب للشيخ برير ود الحسين المعروف براجل شبشة ، والذي صاغها شعراً ، يتحدث فيها عن هذه الأحداث إبجازاً …
كما أن هناك مقولة لأحد الصالحين البسطاء ، أصحاب الكرامات ، كان معروفا للكل في مدينة الدويم ، في ستينيات القرن الماضي ، واسمه ود الشوال ، واشتهر عنه أنه كان يردد الخرطوم *حرقة وغرقة* …
وقد أوردت هذه الاقاصيص المتواترة ، والتي تطابقت فصولها مع الأحداث الجارية اليوم ، ليس من باب *الخرافة أو الترويج لفكر ضال* ، كما قد يعتقد ويعترض البعض ، ولكن لرغبة في قراءة المستقبل وفقا لما ذكره أُناس نحسبهم من الصالحين ، فالمؤمن العابد ، المُكثِر من النوافل ، الخالي قلبه من سوى الله تعالى ، المحلي لسانه بذكر الله تعالى ، يرى بنور الله ، كيف لا ، وحديث (كنت بصره ، وكنت سمعه ، وكنت يده….) يترآي أمامنا كل حين…!!؟
اما ذكر أحداث الخرطوم في الإرث النبوي ، فهو متعدد ومتواتر ، ولكن قبل أن نخوض فيه ، أود أن أستجلي أمرا مهماً ، وهو عن موقع السودان في تاريخ الإسلام …
يعرف الكثيرون ممن لهم اتصال معرفي بي ، أنني من أنصار *البعث القومي الكوشي* ، وان لدى فرضية في التاريخ ، تسمى *فرضية التاريخ المتنقل* ، ومختصرها أن كل التاريخ الديني القديم ، سبق وأن حدث مرة واحدة (تحديدا في ارض كوش ، وهي أرض هبوط الانسان) ومن ثم، *تنقل مع هجرات الإنسان الكوشي النوبي الأول في كل العالم* ، فإنطبعت منه عدة نسخ متنقلة ، تم توطينها في أراضي المهاجر الجديدة ، وبمرور الزمن إنقطعت صلتها بارضها الأم ، أرض كوش ، وتوطن تاريخها وصار جزءً من تراث الأمة الجديدة ، بعد تمت محاصرته بجغرافيا مختلقة ، وصار التاريخ المحمول من أرض كوش تاريخا متنقلا ..
وعندما استقر المهاجرون الكوشيون في اراضي مهاجرهم الجديدة ، عمدوا إلى خلق جغرافيا مستحدثة لتوافق واقعهم الجديد ، مستندة إلى إرثهم السابق ، وذلك حتى يوجدوا نوعا من الإلفة النفسية لربط حاضرهم بماضيهم ، ،
وكانت أولى خطوات نقل تاريخهم وتوطينه هو *تسمية مدنهم في أرضهم الجديدة ، باسم مدنهم التي هجروها في ارض كوش* ، مثلما فعل المهاجرون الايرلنديون إلى أمريكا ، حيث قام مهاجروا مدينة يورك البريطانية ، ببناء مدينة نيويورك اي يورك الجديدة ، وسكان اورليانز بنوا مدينة نيو اورليانز ، وقاطنوا بوسطن بنوا بوسطن ، وحتى انك تجد مدنا ذات أسماء سودانية ، مثل دنقلا وسودان ، وحلفا ، أنشأها مواطنون سودانيون ينتمون إلى هذه المناطق …
وهو ذات الأمر الذي فعله الكوشيون السُمر القدماء عندما هاجروا من بلاد النيلين إلى بلاد النهرين ، مُنشئين دولة العراق القديم ، وهم من عرفهم التاريخ باسم *السومريين ، وقد بنو مدن كيش (كوش) ، ونيبور ، ونطقها الصحيح هو نوبور (وتعني أرض النوبيين) وهي أقدم مدنهم* ، وأول مدينة بناها مهاجرو كوش هناك ، وهناك أرض السواد (أرض السودان) وغيره كثير ، ويمتد هذا حتى الي بقية بلاد العرب الكوشيين مثل مكه ، والتي هي بكة في العامية السودانية ، والتي هي أصل اللغة العربية الفصحى ، لأنها لغة القرآن ، والقرآن إلهي المنبت ، كوشي البيئة ..
وانطلاقا من فرضية التاريخ المتنقل ، فقد عرضت في مقالات سابقة ، تفسيرات لموضوع مكة ، بوصفها تاريخا متنقلا لبكة الكوشية ..
وأوضحت أن هناك إقلاباً بين حرفي الباء والميم ، مثل قولنا (مكان وبكان) ، وبكة هي اصلاً بركة ، أو بركة الله ، وتشير إلى المكان المبارك من الله ، جبل بكة أو جبل بركه الله ، وهو جبل البركل ، واصل الكلمة هو بركئيل ، وإيل هو الله ، حيث مقام الإله امون ، وهو القبلة الأولى ..
وقد تحول مقام امون (كتاريخ متنقل لأرض مكة الحالية) ، إلى مقام إبراهيم الكوشي ، وتم ذلك على يد قبيلة خزاعة البجاوية البنى عامرية الكوشية ، والتي خلفتها قبيلة كوشية أخرى ، تحرف إسمها من القبيلة الكوشية ، إلى القبيلة القرشية (لاحظ اقلاب الكاف والقاف في عاميتنا السودانية ، مثل قولنا كتل ونريد بها قتل) ..
وأرض كوش هي ارض المبعث لكل الأنبياء ، من آدم وحتى محمد الكوشي عليهم صلوات الله أجمعين ، وكل الديانات نزلت في ارض كوش ، أرض النوب ، أرض الذهب ، المعدن النبيل ، أرض النوبيين النبلاء ، *أرض الإنسان الفاني الزائل ، لهذا عُرفوا بإسم الزول والازوال* ، والتي من اسمها (النوب ) أشتق *اسم النبوة والأنبياء* ..
وانطلاقا من فرضية التاريخ المتنقل ، فقد اوضحت في مقالات سابقة ، ان *الاسلام الاول كوشي ، وان القرآن المحيط كوشي* ، فهو الذكر الذي تم *تنجيمه نزولاً ، وتبعيضه كتباً ، فكان الصحف الأولى والزبور والتوراة والإنجيل والقرآن* … وهو السبب الذي نجد فيه القرآن ممتلئ بألفاظ اللغة الكوشية القديمة ، وتفرعاتها من نوبية وبجاوية وعربية الخ .. وهو الأمر الذي يدفعنا إلى القول بأنه كوشي بيئة ومصدراً ، وبالتالي هو ما يجعلنا نصرح بأن *معظم احاديث النبي* الكريم الواردة في الإرث النبوي ، إنما هي *وليدة بيئتها الكوشية* ، حدثا وتطبيقاً ، وان أحاديث آخر الزمان إنما تتحدث عن *هذه الأرض المقدسة ، ولا يجب صرفها إلى غيرها* …
وانطلاقاً من هذا المنهج ، فسوف أعمل على صرف ما جاء في هذه الأحاديث وتنزيلها على أرض كوش القديمة ، اي ارض السودان الحالية ..
ومن الأحاديث التي أرى أنها تتحدث عن السودان واحداثه الحالية ، هو ما جاء على لسان النبي الكريم ، فيما يعرف *بحديث هدة رمضان* ..
والحديث رواه الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (وكلها وردت في كتاب الفتن للعالم نعيم بن حماد شيخ البخاري) قال ص :
تكون *هدة في شهر رمضان ، توقظ النائم وتفزع اليقظان، ثم تظهر عصابة في شوال، ثم معمعة في ذي الحجة، ثم تنتهك المحارم في المحرم، ثم يكون موت في صفر ، ثم تتنازع القبائل في الربيع، ثم العجب كل العجب بين جمادى ورجب*،
وجاء بصيغة أخرى ..
أخرج نعيم بن حماد عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم تكون هدة في رمضان ثم تظهر عصابة في شهر شوال ثم تكون معمعة في ذي القعدة ثم سلب الحاج في ذي الحجة ثم تنهك المحارم في المحرم ثم يكون صوت في صفر ثم تنازع القبائل في شهر ربيع ثم العجب كل العجب بين جمادى ورجب ، *ناقة مقتبة خير من دسكرة تغل مائة ألف*.
إسقاط الحديث على حرب السودان الحالية..
*الهدة هي الأمر الجلل* ، وهي الفعل العنيف الذي يؤدي إلى *هدِ ما هو قائم وجعله حطاماً* ، وهو ذات الأمر الذي أحدثته حرب رمضان في كل مكان امتدت إليه ، ولعنفها وتدميرها الكبير الناتج عن استخدام أسلحة حديثة من صواريخ وقنابل هدت الأرض هداً ، وذلك واضح من حجم دمارها وهدمها للمباني ، ثم ما رافق ذلك من سلب ونهب ، وتدمير وهدٍ لحياة الناس المستقرة الآمنة ، أسماها النبي الكريم بالهدة اي المحطمة ، المدمرة التي تهد الأرض هداً …
وفي شوال الذي يلي رمضان ، قال النبي الكريم (ثم تظهر عصابة في شوال) ، وقد صدق الصادق الصدوق ، إذ ما مر اسبوع ودخل شهر شوال ، إلا وأبانت الحرب عن حقيقتها ، وتصدرت *أسرة دقلو المشهد كجماعة طموحة* تسعى إلى حكم السودان وما جاوره من بلاد ، سالكة في ذلك سلوك العصابات العنيف ، ومنها حرب المدن ، شعارها الغاية تبرر الوسيلة.، لهذا *إسترخص أفرادها القتل* ، مستهدين بكلام قادتهم عندما وعدوا الناس بالثبور وعظائم الامور ، وبشروهم *بالقتل والتهجير ، وطردهم من بيوتهم وتشريدهم في المنافي والمهاجر* ، وان منازلهم سوف تكون *مسكناً للقطط* ، أليس هذا عين ما حدث ؟ ..
*والعِصابة تعني الجماعة من الناس ، يتقوي بعضهم ببعض* ، وتعني أيضا الجماعة المنظمة من المجرمين ، كما تعني العمامة وما يشدُ به الرأس ، وهنا تحديداً تشير إلى الجماعة المستندة إلى *عصبية العرق والقبيلة* ، وهو طبيعة تكوين جماعة او عصابة الدعم السريع العابرة للحدود …
اما *المعمعة* والتي ذكرها الرسول الكريم بأنها سوف تكون صفة شهر ذي القعدة ، فهي شدة القتال والحرب التي يلعلع فيها صوت السلاح عالياً ، وتنتشر فيها الحرائق واصواتها ، وهي *قمة الفتنة* ، وهذا عين ما حدث ، فقد شهدنا الحرب واهوالها ، وقد تابعناها عن قرب ، وقد توسعت وإشتد اوارها في شهري مايو ويونيو الماضيين وقد وافقا ذي القعدة وجزءً من ذي الحجة ..
وفي ذي الحجة *مُنِع الحج الا عن قليل* ، وأغلقت المطارات ، كما أغلق السودان أجواءه ، وتعطل السفر جواً ، وتصعّب براً ، ولم يبقى غير منفذ مدينة بورتسودان ، والتي لم يكن الوصول إليها آمنا خاصة لسكان دارفور وكردفان وهما المنطقتان اللتان *قُطِع الطزيق فيهما عن الحجيج* …
وفي *المحرم وصفر كثُر سفك الدماء ، وتفشي الموت الكثيف* ، حتى لا يعرف القاتل لِما قَتل ، ولا المقتول فيما قُتل ( *حرب عبثية* ) ، وبدأت الابادة العرقية لبعض قبائل دارفور خاصة *المساليت* ، واشتدت المعارك في الخرطوم وكثر الهرج والمرج ، وزاد معدل *التهجير لسكان العاصمة وخاصة ضواحيها* ، وتضاعفت أعداد نازحيها إلى عشرات المرات ، وامتد القتال ليشمل ولايات لم تطرقها الحرب من قبل ، مثل *شمال كردفان والنيل الأبيض* ..
وفي شهري الربيع *تنازعت القبائل* ، وبدأت تتضح حقيقة الحرب القبلية ، وأبانت كثيرُُ من القبائل عن وجهتها ، والي اي جانب تقف ، فمعظم قبائل دارفور ، والقبائل العابرة للحدود ، إنتظمت مناصرة للدعم السريع ، حتى تلك التي لها *عداء تاريخي مع القبائل العربية* .. ورأينا الخلافات والصراع المسلح بين الرزيقات والمسيرية ، والسلامات والبنى هلبة ، والرزيقات والمساليت ، والنوبة والمسيرية .. والرزيقات والشنابلة ، والرزيقات والكبابيش الخ ..
ورأينا كيف إرتفع الصوت القبلي عاليا في إعلام الدعم السريع *ضد أبناء السودان الكوشي القديم* ، وكيف إمتلات الأسافير *بالعداء للجلابة* ، بوصفهم عناصر مستعمرة يجب *تهجيرها إلى ما وراء البحار* ، في مغالطة شائهة للتاريخ …
*اما أصعب ايام الحرب فهي الثلاثة أشهر القادمة* (ونحن اليوم في نهاية شهر ربيع الآخر ، ومقبلون على جمادى الأول) ، فهي الأشهر التي وصفها النبي الكريم بقوله *” وكل العجب بين جمادى ورجب” ، ناقة مقتبة خير من دسكرة تغل مائة ألف* ..
والدسكرة تطلق علي الأرض المبسوطة ، وتطلق أيضا على *المدينة العظيمة وعلى القصر الكبير* ، وقول النبي الكريم هنا واضح ، فناقة مقتبة اي *هزيلة منحنية الظهر* ، خير في ذاك الزمان من الارض الشاسعة (المزارع الكبيرة) ، وأفضل من المدن العظيمة ذات القصور المنيفة (العمارات والبيوت الضخمة) ، التي يصل غلها ودخلها مائة ألف ، وذلك لأنها صارت غير آمنة ، ومعرضة للدمار ، وإجمالاً لا قيمة لها ، والناقة الكبيرة المحنية الظهر خير منها ، لأنها سوف *تساعد صاحبها على الفرار من الفتن* ، التي أمر النبي الكريم بإجتنابها ، والناقة هنا *كناية عن وسيلة التنقل* (السيارة) ، حتى ولو كانت قديمة الطراز ، فهي خير معين لصاحبها على الفرار ، *وخير داعم له عند تشغيلها لتحقيق عائد (غلة) ولو قليل* ، لأن الغلة هي العائد وهي المحصول ، وهي الدخل …
وهو ذات ما نعيشه اليوم ، فكم من بيوت عامرة صارت مقفرة مهجورة ، *وعمارات تغل الملايين دخلاً لأصحابها ، صارت عبئا عليهم عندما يحين وقت صيانتها* ، وصارت السيارة القديمة أكثر قيمة منها لأنها متنقلة ، تدر دخلا لصاحبها ولو قليلا إذا إستثمر فيها ..
ومن الواضح ووفقا لوصف حديث المعصوم عليه الصلاة والسلام ، أننا سوف نشهد أياما عصيبة تجتمع فيها كل فظائع الأشهر السابقة ، من حرب شرسة تعم تقريبا كل البلاد ، *(لأنها الفتنة التي تدخل كل بيت)* ، ومن قتل وهرج ومرج، وتهجير، ونزوح ، وتدمير وتجويع ، وعصبية قبلية تقود البلاد إلى فتن تتدافع كقطع الليل المظلم ، والي حروب إبادة وتطهير عرقي بين مكونات الزرقة والعرب ، واتوقع لها ان تنتهي *بإجتثاث الوجود العربي في كل الوسط الأفريقي الغربى* ، لأن هذه الحرب لن تقف على السودان لوحده ، وإنما ستمتد إلى العديد من دول الجوار السوداني وما تلاها …
واتوقع ان تشتعل دارفور بصورة حادة ، وان تنهار حالة الحياد التي تتبعها حركات دارفور منذ بداية الحرب ، وان يندلع القتال بينها وبين الدعم السريع ، وان تتشظي ذات نفسها ، وان يلعب المال الدقلاوي دورا تدميرياً في هذا الأمر ..
أيضا اتوقع ان تنتهي الأشهر الثلاثة القادمة *بتدخل دولي ، بحجة وقف فظاعة الحرب* ، وخطورة امتدادها وانتشارها المتسارع ، الذي سيؤدي إلى تهديد السلم والأمن العالميين .. وهو تدخل سوف تشارك فيه العديد من الدول ، مصداقا لقول النبي الكريم… يوشك أن *تتداعي عليكم الأمم كتداعي الاكل على قصعة الطعام* ، قالوا أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله ، قآل بل أنتم كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ..
وقد حدد النبي الكريم مدتها والتي لن *تتجاوز العام* ، عندما قال في رواية أخرى *(أعدوا لها قوت عام)*، بل أمر بالهروب منها ولو إلى العالي من الجبال ، وعندما سكت عن متابعة أحداثها بقوله كل *العجب بين جمادى ورجب* ، لهذا اتوقع ان تبدأ الفتنة في *الانحسار في نهاية رجب القادم* ، وأنه لن نصل *رمضان إلا والسلام يعم كل أرجاء الوطن* …
واتوقع إذا حدث تدخل دولي ، ان تنتهي هذه الحرب *بحل كل المؤسسات العسكرية والأمنية المتعددة ، من جيش وشرطة وأمن ودعم سريع وحركات مسلحة ، وان أكبر الخاسرين منها سوف يكون الإسلام السياسي وتنظيمات المختلفة* ..
في المقال القادم سوف نتابع أين جاء ذِكر الحرب الحالية في القرآن الكريم ، وما هو مصيرها …
والله الموفق
حيدر التوم خليفة
10 نوفمبر 2023