منوعات

صلاح دندراوي يكتب: وأبحر زورق الألحان بعيدا

نقطة ضوء
وأبحر زورق الألحان بعيدا

بقلم صلاح دندراوي

وابحر بعيدا عن شواطئنا زورق الالحان.. ابحر الذي كانت سفنه تحمل فوق ظهرانيها عشرات من المشاعر لدى الكثيرين الذين كانت تشكل لهم أنغام ود الأمين السلوى من أوجاعهم..
كان متفردا في إنتقائه للكلمات وكان متميزا في توزيع موسيقاه ونظم ألحانه.. كان كوم من المشاعر والأحاسيس يمشي وسط الناس.. كان يشكل أحد أعمدة الغناء وركيزة من ركائزه الثابتة.. ليتضعضع ذاك البنيان بعد رحيله.
هاهو يرحل وقد غنى من قبل مستنكرا الرحيل وهو يردد قلنا ما ممكن تسافر، وينوب عن الكثيرين وهو يخاطب مريده:
الغريبة الساعة جنبك
تبدو أقصر من دقيقة
والدقيقة وإنت ما في
مرة ما بنقدر نطيقا
ددنيا بي قربك يفرهد
كل طائر يحيا فوقها..
كان لسان حال الكثيرين وهو يتلهف انتظارا:
شال النوار ظلل بيتنا
من  لحظة وعدك ما جيتنا
وفضلنا وحاتك منتظرين
شوف وين روحتنا وينك وين..
ويهزج:
مين كان بيفتكرك تعود
يا جمال تلك المفردات التي لم تصاغ إلا له والتي لا تغرد إلا في حضرته لأنها في ألحانه وموسيقاه تجد الفضاءات الرحبة والإنتشار الواسع..
كان ترياقا للأحزان وهو يطارد في ظلام الهم على أبوابنا ما تعتب
والعتاب يستمر:
العيد الجاب الناس
لينا ما جابك
يعني نسيتنا. خلاص..
كانت أغانيه تموج بالتلقائية وتعيش في تفاصيل الناس مما اوجد لها مساحات رحبة في تلك الأفئدة لتملأ فراغات أحدثها الزمن..
لقد ظلم إعلامنا ود الأمين وغيره من المبدعين الذين إن وجدوا ترويج لفنهم لما طالهم أحد، وحتى سلمنا الخماسي الذي يتعلل به الكثيرون بأنه سبب المحلية، فلا أحسب أنه كان يمثل حاجزا ليثبت تواجد ود الأمين وغيره من مبدعي بلادي حضورا في ذاك الفضاء الخارجي لان ما يمتلكونه من كلمات وألحان وأداء وأصوات لا تتوفر في كثير ممن يملأون الساحة الآن، فود الأمين ووردي والكابلي وغيرهم من الذين إمتلكوا ناصية الإبداع حرم منهم العالم الخارجي لضعف الترويج عنهم…
رحم الله الباشكاتب المبدع ود الأمين والذي ترك ذخيرة حية من المعاني والأنغام والأغنيات العاطفية والوطنية و التي ستمثل دربا يصلح السير عليه من قبل الأجيال القادمة لتعرف عظم الإرث والموروث الذي ترك لهم..
وأحسب أن الساحة الفنية والغناء الأصيل قد تيتم بعد رحيل محمد الأمين الذي يصعب تعويضه في مجال الألحان والغناء، وها هو يسافر خارج مدارات الألحان ليترك أشواق الناس تنادي: تعال فرح ليالينا
ولكن أنا لهم وقد جرت السنين التي خاف عليها أن تجري…
فيا حليلو ما رجع البلد.
رحمك الله محمد الأمين والهم أهلك ومحبيك الصبر الجميل، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

الوسوم

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق