د. عبد الله فتحي يكتب: متى يتنازل السودانيون عن ( تنزانيتهم )؟
عمود صحفي بعنوان / نصف كوب
بقلم / د.عبدالله فتحي
………
متى يتنازل السودانيون عن ( تنزانيتهم )؟
………………………….
عندما يكتب الكاتب بلسان السودان..بشعور الوطن..بإحساس المواطن السوداني الذي يسعده كل فرح سوداني..هنا يتسامى الكاتب الى رتبة ( النبلاء ).. ويتقلد وسام ( الوطنية ) بجدارة.. والنبلاء في وطني يقل عددهم وسوادهم كل صباح جديد ..فالنفس الدنيئة الغبية أمارة بالتعصب والتقوقع وكراهية الخير..فمن يتسامى بها فذاك هو البطل حقا..لأنه حينها يرتفع عن الدونية العصبية البغيضة إلى الطبقة العليا الرفيعة من طبقات الفعل الإنساني الكريم..( قد أفلح من زكاها . وقد خاب من دساها ).
وهذا الشريف ( ود الشريف )..هو من طينة النبلاء..العقلاء..الأوفياء..كنز من كنوز كل بلاد لا يقدر بثمن..فنحن نعرف مريخيته المخلصة الصارخة من جوه الجوف..لكنه يعرف أن مريخيته لا تتعالى أبدا..أبدا..ابدا..على سودانيته..وهكذا ينبغي أن يكون كل سوداني أصيل رضع من ثدي أمه وينتسب إلى هذه الأمة السودانية الفريدة ..فحين ينادي منادي الوطن..نترك ( قبيلتنا ) و ( مذهبنا ) و ( جهويتنا ) و ( مهنتنا ) و ( فريقنا ) و ( إثنيتنا ) و ( أحزابنا ) و ( مدينتنا ) فتسقط جميعها إلى تحت أقدامنا فور نداء الوطن..لنصطف صفا واحدا كما المصلين في ( صلاة الفجر )..بشعور واحد..وهدف واحد..وقلب واحد..وعقل واحد..وانتماء واحد ( إنتماء الوطن ).
سعدت أيما سعادة بما كتب الصحفي القدوة الرقم ود الشريف في عموده المقروء ( دبابيس ).. هذا الصحفي السوداني القح..هذا الاعلامي السوداني الأصيل..هذا المهني المحترف النموذج..هذا النموذج الذي ينبغي أن يكون عليه أي سوداني أيا كانت مهنته..وموقعه..وقبيلته..سعدت بحروفه السودانية قبل حروفه الهلالية..سعدت من تجاويف القلب لأني أعلم أن ود الشريف رمز إعلامي مريخابي لا يشق له غبار..سعدت بها أكثر من سعادتي بانتصار الهلال ( رغما عن هلاليتي التي كادت تكتب في شهادة ميلادي) ..لماذا؟..لأن الحديث عن الوطن حديث لا يضاهيه حديث.. في حلاوته وطلاوته ونداوته وتأثيره المباشر على مركز الوعي والإحساس في القلب والعقل.
لماذا؟..لأن السودانيون لو وضعوا حب السودان..هم السودان..حزن السودان..فرح السودان..هدف السودان..على رأس قائمة أولوياتهم لكان السودان اليوم ( دولة عظمى ) يحج إليها الناس من كل حدب وصوب.
رشفة ثانية :
فريق الهلال السوداني بانتصاره الثلاثي الأبعاد على فريق الترجي التونسي المتوج بكأس بطولة أبطال الاندية الافريقية.. انتصر انتصارا كالغيث في موسم القحط..كنسمة باردة في مناخ حرور..كوعد صادق في زمن النفاق..كعودة نبضات قلب الى حيويتها بعد أن تراخت وتباطأت حتى كادت التوقف والاستسلام في محطة الموت..وكم طربنا ونحن نسمع المعلق ( الشحيح ) وهو يردد اسم السودان مع كل هدف..مع كل تمريرة صحيحة..مع كل هجمة منظمة..مع كل استحواذ وانتشار..مع كل تبديل يشعل حماس الميدان..مع كل هتاف من الجمهور التنزاني الذي صار سوداني الهوى والهوية.. فالجمهور التنزاني عرف أن اليوم هو يوم الأوطان..يوم السودان..فتنازل التنزانيون عن تنزانيتهم فصاروا سودانيون..فهل يتنازل السودانيون عن ( تنزانيتهم ) ويصبحوا سودانيون.؟.
رشفة آخيرة :
انتصار الهلال هو بشارة وإشارة لبداية انتصارات السودان على كل الأصعدة..عودة الأمان والإطمئنان الى مدن وارياف السودان..فيتبدل حديث أهل السودان من حديث الحرب والرصاص والموت ..إلى.. الحب والحصاد والفوز..فنسعد بانتصارات مريخ السودان..موردة السودان..أهلي السودان..اتحاد السودان..أندية السودان..فوز أبناء السودان في كل مضمار..فالسودان أولا..ثانيا..ثالثا..آخيرا..و..معاكم سلامة.