رأي

خالد الجريف يكتب: أزمة المعاشات والمعاشي

أزمة المعاشات و المعاشيي

الحلقة رقم (٣)

خالد الجريف

المشهد المؤلم الذى يندى له الجبين خجلا فى حقوق المعاشيين كان متعدد المشاهد المؤسفة و القذرة و المتعمدة من ناس نعرفهم و هم أصحاب مناصب فى الدولة يمثلون الخدمة المدنية و الحركة النقابية العمالية او ما يسمى بالاتحادات التى هى جهات رقابية كنا نظن بهم خيرا و لكن خاب فيهم الظن الذى كنا نعتقده، مثل حال المنافقين الذين يظهرون ما لا يبطنون، انا لا اتحدث عن خيال أو مجهول لا أعرفه بل عن مشكلة عشتها و عايشتها و قضية تفاعلت معها و كنت طرفا أصيلا فيها بكل حواسى و احساسى مع نفر كريم من الإخوة الزملاء، و كما تعلمون القلم او الكتابة لسان ثان للإنسان (و ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) و ما اكتبه شهادة لله و من بعده للتاريخ و الوطن من أجل الإصلاح ما استطعت إلى ذلك سبيلا و حتى لا تتكرر مثل تلك المأساة المجرمة الآثمة المرتكبة من الإداريين الاغبياء الذين يظنون أنفسهم اذكياء و ممكن ان تمر و تفوت الاعيبهم الساذجة البليدة فى حقوق المعاشيين و العاملين دون أن يشعر بها او يفطن لها احد…
كما تعلمون ان مصانع النسيج متوقفة و متعطلة منذ زمن بعيد و من يدعى أحمد حاج الحسن نمر رئيس اتحاد معاشيى التأمينات الاجتماعية الحالى و الذى استمر فى منصبه سنين عددا كان يعمل فى هذا القطاع قابلته أول مرة فى دورة تدريبية فى المركز العربى للتأمينات الاجتماعية بالخرطوم (الدورة كانت عن قوانين و حقوق المعاشيين)، و تعرفنا على بعضنا البعض ثم من بعد إنقضاء الدورة صار يزورنى مرة بعد أخرى بمكتبى برئاسة البريد و البرق و لأنه كان عاطلا حائرا ، متسولا لأن يجد منصب رئيس اتحاد معاشيى التأمينات الاجتماعية كنت استقبله مقابلة اولاد البلد.
بعد وصوله إلى ما كان يحلم به و يتمناه أظهر معدنه الحقيقى الذى كان يخفيه و الناس معادن.
ثم سارت الأمور من بعد إلى أن تمت خصخصت البريد و البرق مطلع عام ٢٠٠٩م و تلك قصة آخرى.
ذهبت مرة لإتحاد العمال عسى و لعل ان أجد عونا لحقوق عمال البريد و البرق الملغاة وظائفهم بالخصخصة ذات الأسم (الحلمنتيشى الفصل الوزارى) وجدت هناك فى مكتب أمانة الشؤون الاجتماعية بإتحاد نقابات عمال السودان لجنة معاشيى المعلمين تعرفت عليهم و هم الأساتذة الأجلاء المرحومان الأمين حسن الطيب و الأمين سعيد و الاستاذ حسن محمد خليفة (ادروب) و كان معهم الاستاذ جعفر المامون لكن لم أجده معهم فى تلك اللحظة تعرفت عليه فيما بعد. حدثونى عن مشكلتهم التى أتوا من أجلها يسعون لإتحاد العمال عسى ان يجدوا حلا.
و إذا عظم المطلوب قل المساعد.
كانت مشكلتهم تتكون من شقين و قتها، الأول تقاعدوا بالمعاش على سن الستين عاما حسب القانون يومها و عندما ذهبوا لإدارة المعاشات ليعملوا التسوية المعاشية قالوا لهم الحكم صار اتحاديا اذهبوا لولاية الخرطوم حقوقكم فيها و لما ذهبوا للولاية قالوا لهم لم ينفذ هذا القرار، حقوقكهم فى إدارة المعاشات عودوا لها، و استمرت هذه اللعبة الخبيثة بين الطرفين إدارة المعاشات و إدارة الولاية هنا و هناك بمن بالمعلمين!!!؟. (ليس منا من لم يحترم صغيرنا و يوقر كبيرنا) أين الوقار للمعلمين المعاشيين؟ و المعاش يعتبر راتب مؤجل يعنى حق (إن الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات لأهلها) يقال ان الحكومة الماليزية برئاسة الرئيس مهاتير محمد لما رفعت أجور المعلمين نهضت البلد و صارت من النمور الاسيوية و فى المانيا عندما ذهب القضاة للرئيسة انجيلا مركل مطالبين أن ترفع اجورهم لتتساوى مع أجور المعلمين قالت لهم: كيف أساويكم بمن علموكم؟. أما هنا فى هذا البلد بلد المشروع الحضارى يلعبون بالمعلمين و حقوقهم لعبة الأطفال (شليل وين راح اكلو التمساح) يا سادة الإقناع يكون بالأفعال و ليس بالأقوال و الشعارات التى لا تنفذ.
المشكلة الثانية أردفت على هذه المصيبة بلوة أخرى و هى انتقاص معامل الإستبدال عند التسوية المعاشية من ٢٠٥ إلى ١٤٤.
قالوا لى هذا ينطبق عليكم ذات النقصان فى معامل الاستبدال هكذا حدثونى و سمعت منهم. وقفت معهم مناقشا و محاججا فى إنتقاص معامل الاستبدال قلت لهم ان قانون المعاشات استكمل دورته التشريعية إلى أن أودع بالغازيتة بديوان النائب العام لا يمكن أن تطاله يد لتعبث به هناك. قالوا لى نحن حدثناك انظر فيما قلناه لك و نحن رافعون قضية بواسطة المرحوم المحام جلال الدين محمد السيد ضد وزارة الرعاية الاجتماعية و الصندوق القومى للمعاشات و يستحسن أن ترفعوا قضية ضد الصندوق القومى للتأمينات الاجتماعية الذى تتبعون له بذات المحام لأن القانون و الحيثيات واحدة و متطابقة. قبل أن أواصل اؤكد ان الاكتشاف للعبث الخطير و التدليس و التنقيص لمعامل الاستبدال كان السبق فيه لأبطال لجنة معاشيى المعلمين المذكورين أعلاه و ليس للجنة معاشيى البريد و البرق التى جاءت من بعدهم. لاحظوا لا هم إتحاد و لا نقابة بل لجنة خارج هذه التسميات. تفرقنا بعدها، و صرت افكر فيما دار بيننا. كان العام ٢٠٠٩م و التخفيض لمعامل الاستبدال بدأ من العام ٢٠٠٦م، بعد ذلك دعوت مجموعة من النقابيين و الاداريين الذين تقاعدوا من ذلك العام بالبريد و البرق و بعده و كلنا كنا بالمعاش وجميع العاملين الذين تم فصلهم وزاريا بغير ذنب جنوه مع الوزير و قر رأينا على تشكيل لجنة مثل لجنة معاشيى المعلمين
(المصائب يجمعن المصابين)
و كانت اللجنة من الاخوان برئاسة محمد حسين محمد محمود و الأمين العام المرحوم عبد الرحمن الصائم مصطفى و امين المال عوض سيد أحمد و عضوية كل من المرحوم محمد عمر فتيحابى و خالد الجريف و اقتفينا آثار لجنة المعلمين مع ذات المرحوم المحام جلال الدين محمد السيد واتفقنا معه على أن يتولى القضية نيابة عنا و على اتعابه وهي ان تكون ابتداء خمسة مليون وقتها و بقيمة اليوم تعادل خمسة الف جنيه و قال لنا قول الواثق من نفسه الذى لا ننساه له ابدا: إذا لم اكسب هذه القضية لن آخذ منكم شيئا من بعد و إذا كسبتها سأخذ على كل إسم وارد فى الكشف مبلغ ١٠٠/٣ من نصيبه و ابرمنا الاتفاق على ذلك، و كان بالكشف عدد ٥٨٩ معاشي.
بعد هذا الإتفاق شاءت أقدار الله أن أكون طريح الفراش بين المستشفيات و المنزل لمدة تقارب العام، و القضية كانت متابعة من بقية الأخوان الاربعة باللجنة بقيادة الرئيس المحنك محمد حسين محمد، الرجل الأمين الرصين ذو الكفاءة العالية، كنت اتابع معهم عبر الهاتف. طلب منهم المحام ان يستاذنوا من النائب العام لرفع القضية و سلموا مذكرة للنائب العام توضح تخفيض معامل الاستبدال. استجوب النائب العام وزارة الرعاية الإجتماعية و الصندوق القومى للتأمينات الاجتماعية حسب مضمون المذكرة المرفوعة له من لجنتنا و لمدة ثلاثة أشهر لم يأتيه رد على الاستجواب لا من وزارة الرعاية الاجتماعية و لا صندوق التأمينات الاجتماعية فأذن للجنتنا الخماسية برفع القضية و سلم كل عضو باللجنة خطابا بالإذن لمقاضاة الوزارة و الصندوق المعنيين.
أقف معكم عند هذا الحد.
لكم الله أيها المعاشيون.
نواصل فى الحلقة رقم.(٤)

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق