رأي
أحمد حسين يكتب في نافذة أمان: الإبتلاء والمحنة في زمن الحرب
كنا نسمع بالابتلاء والامتحان من الله سبحانه وتعالى على عباده ونقرأ كتب التأريخ عن البلاء الذي نزل على أقوام كثر ابتداءا بالأنبياء والرسل عليهم السلام وعلى نبينا محمد الصلاة والسلام؛ وكيف أنهم صبروا على هذا الامتحان والبلاء؛ فذاك ملك الجبال يعرض على رسولنا الكريم عليه افضل الصلاة واتم التسليم أن يطبق على اهل الطائف الاخشبين بعد أن طردوه وآزوه حتى صبيانهم رموه بالحجارة حتى سالت الدماء على ساقيه الشريفتين؛ ولانه يعلم من الله ما لا نعلم_ كما أخبر عليه السلام _ قال لملك الجبال وهذا الملك كما نعلم انه مفوض من رب العزة والجلال أن يتفذ ما يأمره به نبينا قال له لا لعل الله سبحانه ان يخرج من اصلابهم من يقول لا إله الا الله.
فهذا موقف لا يكون إلا من نبي ورسول رحمة لان النبي صلى الله عليه وسلم لايربد أن ينتقم لنفسه بل همه أكبر من ذلك يقينه أن يعم الإسلام العالم بأسره وليس جزيرة العرب وحدها.
ربما مرت بنا البلوى في احايين سابقة إلا أنها لم تكن عظيمة وربما تغلبنا عليها مع انشغالنا بأمور الحياة هنا وهناك؛ وانتي في هذه العجالة مؤمن بأن الامتحان والبلاء من الله سبحانه وتعالى على عباده يكون بقدر ما عندك من إيمان.
كنا في السابق نمر على الآيات القرآنية التي تتحدث عن الابتلاء لدى الأمم السابقة سريعا كأنها لاتعنينا وكانه أمر انقضى وولى؛ لانلقي لها كثير بال وحتى لانتورع ونتعظ من مالات من حدثنا عنهم ربنا في القرآن الكريم وحكى لنا قصصهم برغم علمنا أن القصة في سياق القران الكريم تورد من أجل العظة والاعتبار لكننا شغلتنا أموالنا واهلونا عن التمعن في هذا الاتعاظ واخذ العظة.
واليوم الشعب السوداني يمر بهذا الإمتحان والبلاء؛ ومن خلال تجربتي الشخصية في ظل الحرب التي ندور رحاها البوم في بلادي عرفت الكثير واقعا معايشا وليس نصوص تقرا فقط؛ عرفت ان هذا البلاء صعب جدا احتماله على الناس الذين هم ابعد مايكونوا من الله سبحانه وتعالى الذين لا تصحبهم معية الله أينما حلوا وارتحلوا؛ فوالله أن الله غالب على أمره وهو وحده المطلع على أمور كافة المخلوقات؛ فقبل الحرب مثلا أن ام تدخر منذ يوم الخميس مايبلغك الجمعة والسبت وبداية يوم الأحد فإنك تخشى على نفسك وابناءك الفقر والعوز والحاجة؛ واليوم والحرب تقارب أن تتمم عامها ونحن بلا عمل ولا وظيفة يرزقنا الله سبحانه بلا حول لنا ولا قوة.
يجب أن نتعلم من ظروف الحرب – التي نسأل الله جل في علاه ببركة شهر رمضان المبارك العظيم ان تنجلي ويعود التاس لحياتهم وقراهم وأعمالهم – يجب أن نتعلم بأن الرزق بيد الله وحده يرزقنا كيف يشاء وان نتقرب الى الله في كل وقت وحين؛ لأن ان تقربت إلى الله وقت الرخاء يتعرف هو عليك وقت الشدة؛ ونعلم كذلك أن اي مكروه ومعصية نفعلها يحاسبنا عليها عاجلا أم آجلا؛ فلا ملجأ من الله الا اليه.
اول خطبه لنا بعد اندلاع الحرب قال فيها خطيبنا في المسجد وقتئذ ” أن الحرب قامت باذن الله وبامره وستقف بإذن الله وبامره ” فأذن وقوف الحرب بيد الله وحده وهذا يعني أن كنا نربد إيقافها يجب أن تلجأ اليه وحده.
وقت الضيق يعرف الناس بعضهم بعضا على حقائقهم؛ فكم من الذين تبدلت أحوالهم ومعاملتهم مع زويهم ابان الحرب؛ وكم من الناس تنكر حتى على الذين ساندوه في أوقات سابقة كل يقول نفسي نفسي ربما يكون هذا المشهد أقرب لتفسير قوله تعالى” يوم يفر المرء من أخيه ” .
مشاهد كثيرة ستظل عالقة لبعض الناس في ازهانهم بعد انجلاء الحرب ومرارات قاسية تجرعوها بسبب التشرد والنزوح والفاقة والعوز.
اخيرا الصبر على البلاء والامتحان أمر صعب للناس ولا يتاتى الا للذين يعرفون الله حق المعرفة تتمنى ان نكون منهم؛ ولكن ختاما نقول ستزول هذه الغمة يوما ما وستصبح ذكرى للناس وخلاصة القول هي أن يرجع السودانيون الى الله سبحانه وتعالى بكلياتهم وان يستفيدوا من شهر رمضان المبارك ليكون صافرة البداية للعودة الى الله قبل العودة لبيوتهم لله المشتكى وهو عليه التكلان.