رأي

أحمد حسين يكتب في نافذة امان: برغم النزوح “رمضان أحلى في السودان”

رمضان استثنائي
يستقبل العالم الاسلامي بعد أيام شهر رمضان المبارك الذي ظلوا طوال نصف عام يدعون الله سبحانه أن يبلغهم اباه؛ لأن سلف الأمة الإسلامية كانوا بعد أن ينقضي شهر رمضان عندهم يظلون سنه أشهر كامله يسألون الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منهم الصيام ويكونوا منشغلين في الستة أشهر الأخرى بالالحاح على خالقهم أن يبلغهم رمضان.

وفي السودان يحل علينا الشهر الفضيل الكريم ونحن في ذات المحنة التي ألمت بنا في نهايات رمضان الماضي؛ إذ لاصوت يعلو فوق صوت المعركة والبندقية.

في السنوات السابقة “سنوات الدعة” كنا حين يقارب قدوم الشهر الفضيل تجدنا في السودان منشغلين بالتجهيز لهذا الضيف ايما تجهيز؛ فهذا يحضر لصناعة المشروب البلدي “الآبري” وذاك يعد العدة ويلملم أطرافه لشراء مستلزمات الشهر من ماكل ومشرب؛ وتلك تلك تحضر مالذ وطاب من أجل اهل زوجها ليتزامن ماتعده مع قدوم شهر رمضان المبارك؛ وتبدأ المساجد تتزين بالفرش والإضاءة وتهيئة الأجواء للصائمين؛ وكذا الكل في شغل واجتهاد يسابقون فجر بذوغ هلال الخير والبركة

اما شهر رمضان المبارك الذي سيطل علينا في السودان هذا العام غابت عنه اغلب او كل هذه المشاهد التي اعتدنا عليها طوال السنوات الماضية؛ فبدل التجهيز للشهر الكريم ظللنا نفكر في النزوح الذي بداناه العام الماضي؛ أصبح السودانيون في حالة شتات الأسرة الواحدة موزعة في أكثر من مدينة داخليا وخارجيا.

ياتي رمضان هذا العام والوطن ينزف جرحه؛ يئن تحت زخات الرصاص بدل المطر: يرزح تحت وطأة الجوع بدل الوفرة ؛ منقمسين في الخوف بدل الطمأنينة؛ وكذا انقلب حالنا رأسا على عقب؛ تبدل حال الناس ففي هذا التوقيت كنا تتفقد حال اخواننا وجيراننا واهلينا ننظر ماذا ينقصهم من مال ومؤنة ليتقووا على الصيام.

واليوم بالرغم من أنه يفترض ان تغيرنا الحرب والكرب وتجعلنا اكثر الفة ومودة ترى اغلبنا لم تؤثر عليه الحرب شيئا فتراه في غيه القديم لم تطرأ عليه أي تغييرات وانا على يقين تام بأن الحرب لن تقوم بالسودان الا بسبب الظلم والابتعاد عن الدين .

كنا قبل أن يأتينا رمضان في السابق نرجو الله تعالى أن يرزقنا رزقا واسعا من حيث نعلم ومن حيث لا نعلم؛ وكنا نركز على ” من حيث لا نعلم ” لان الذي نعلمه محدود نحو الراتب وماتعلمه من مال أنه سياتيك؛ اما ما لا نعلم فبابه واسع ياتيك على حين غرة من غير ميعاد سابق؛ فوالله نحن اليوم نفعل كما كنا نفعل ونعتقد فبرغم توقف الراتب والعمل نظن في ربنا الخير بأنه سيرزقنا مثلما رزقنا في الأزمنة السحيقة والسابقة؛ فنحن لن ناتي بالرزق بعلمنا وعملنا بل بقوة الله وقدرته.
أقول لاخواني السودانيين لا تحزنوا ولا تياسوا عن روح الله ولا تهنوا فالله تعالى الذي خلقكم قادر على أن يرزقكم في رمضان وفي غيره؛ وهو وحده القادر على تبديل حياتكم في لحظة فامره بين الكاف والنون؛ ولكنها ابتلاءات ليعرف الله الذي يصير من الذي يجزع.

مع ذلك ومع ظروف الحرب نرجو أن ينسى السودانيون إخوانهم وان يعينوهم خاصة عند دخول هذا الضيف الكريم؛ الظروف معروفة للكل فهناك أسر متعففة لا تسأل الناس الحافا؛ هذا لعمري هو الامتحان العسير للكل واعلموا أن الشهر سينقضي والحرب ستنتهي والعمر نفسه بل الدنيا ستكون يوما إلى زوال.

رمضان يأتينا هذه المرة في وضع مختلف ولكن عزاءنا الوحيد أن نقول برغم كل ذلك “رمضان احلى في السودان ” .

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى