تحقيقات وحوارات
المنطاد الصيني.. هل أسدل مطلقيه الستار على خيبته؟
وكالات: سودان بور
إجتهدت بعض الصحف الصادرة باللغة الفرنسية أن تجد إجابات حول إستخدام المنطاد في عمليات التجسس في ظل وجود إجهزة حديثة للقيام بذلك، ثم دلفت الى طرح أسئلة أخرى منها ما الذي كان يفعله المنطاد هناك؟ وما الذي يقوله القانون الدولي حول هذا الموضوع؟
أسئلة حاولت 3 صحف صادرة بالفرنسية الإجابة عنها، فقد نسبت صحيفة لوتان Le Temps السويسرية للخبير الأميركي المتخصص في مناطيد المراقبة ويليام كيم وصفه للمنطاد الصيني المذكور بأنه أداة تسترشد بالذكاء الاصطناعي، وهي أدوات مراقبة قوية يصعب إسقاطها.
ووفقا لهذا الخبير، فإن الأقمار الاصطناعية معرضة بشكل متزايد للهجمات الأرضية والفضائية، أما المناطيد فإنها تتمتع بالعديد من المزايا، بدءًا من قدرتها على التخفي من الرادار لأنها مصنوعة من مواد غير معدنية لا تعكس الضوء، لذلك رغم أنها يمكن أن تكون كبيرة جدا، فإن اكتشافها يمثل تحديا، أما إذا كانت صغيرة، فقد تمر في الأجواء دون أن يلاحظها أحد.
لكن هل يمكن أن يكون المنطاد وصل إلى الولايات المتحدة عن طريق الخطأ؟ هذا ما يرى وليام كيم أنه “احتمال حقيقي” إذ إن “هذه المناطيد لا تعمل دائما بشكل مثالي”، كما يقول، مشيرا إلى أن الجهاز الصيني طار حوالي 14 ألف متر فوق سطح الأرض، مقارنة بـ 19 ألفا إلى 30 ألف متر التي عادة ما يطير عليها مثل هذا النوع من الأجهزة.
ورغم أن الجيش الأميركي أسقط الآن هذا المنطاد، فإن ويليام كيم لفت إلى أن تلك المهمة ليست بالسهلة، فسلاح الجو الكندي أرسل في عام 1998 طائرة مقاتلة من طراز إف-18 (F-18) لمحاولة إسقاط منطاد طقس اعتبر خارجا عن السيطرة، ولم يتمكن من إسقاطه إلا بعد إمطاره بألف طلقة من عيار 20 ملم، واستغرق الأمر 6 أيام قبل أن يسقط كليا.
وبدورها، ذكرت صحيفة لوفيغارو Le Figaro الفرنسية أن استخدام المناطيد العابرة للقارات على ارتفاعات عالية للتجسس أو تنفيذ هجوم ليس بالأمر الجديد، مشيرة إلى أن العلماء اليابانيين كانوا أول من استخدمها لأغراض عسكرية في عام 1944، وفقا لمجلة بوبيلار ميكانيكس Popular Mechanics العلمية والتكنولوجية، ثم تم استخدامها لإلقاء قنابل حارقة، واستغلت كذلك خلال الحرب الباردة لجمع المعلومات عن الخصم، لا سيما في سياق الترسانات البالستية.
الصحيفة قالت إن لدى هذه المناطيد مزايا تتفوق بها على الأقمار الاصطناعية، فهي أكثر قدرة على الحركة في المدار المنخفض والمدار الثابت بالنسبة للأرض، فتلك الأقمار تدور وفقًا لإيقاع الأرض ولكنها تركز فقط على نقطة معينة، ناهيك عن كون هذه المناطيد يمكن أن تثبت في مكان معين حتى تجمع ما تراقبه ببطء نسبي.
أما صحيفة لاكروا La Croix الفرنسية فقد اهتمت بالناحية القانونية لما حصل بين الولايات المتحدة والصين، قائلة إن القانون الدولي والقانون الأميركي لا يسمحان بدخول مثل هذا الأجهزة في المجال الجوي لدولة دون موافقتها، ويعد عدم القيام بذلك انتهاكا لسيادة تلك الدولة.
كما تنص القوانين الأميركية على أن “حكومة الولايات المتحدة لها سيادة حصرية” على مجالها الجوي، وأن طائرات القوات المسلحة للدول الأجنبية لا يمكنها عبور المجال الجوي الأميركي دون موافقة خطية من وزير الخارجية الأميركية.
وأوضحت لاكروا أن كون المنطاد مجرد طائر مسير لا يغير شيئا في الأمر، فوفقا للمادة 8 من اتفاقية شيكاغو لعام 1944 (المعدلة في عام 1984)، “لا يجوز لأي طائرة قادرة على الطيران دون طيار أن تطير فوق أراضي إحدى الدول المتعاقدة، إلا بموجب تفويض خاص من تلك الدولة ووفقًا لشروطها”، وفي مثل هذه الحالة، قد تقرر الدولة إسقاط مثل هذا الشيء إذا كان جهازا له غرض عسكري، وفقا لما جاء في لاكروا.