رأي

أحمد حسين يكتب في نافذة أمان : إحتفال منظمة الخندق الخيرية بالأم السودانية المثالية بالقاهرة…. من رأى ليس كمن سمع

لعله بسبب ارتفاع صوت البندقية في بلادي حدث لنا مايشبه التبلد العاطفي وعدم الإحساس بالآخر؛ فقدنا الإحساس بكل ماهو جميل؛ وأصبح تفكيرنا كلنا كسودانيين ينصب في كيفية إيجاد طوق النجاة لنا ولعيالنا ؛ توقفت عندنا خاصية الإبداع الكتابي والنظرة المستقبلية والطموح بأن نكون بشرا فاعلين في مجتمعنا؛ صعبت علينا الشقة في أن ننظر للحياة بمنظار المتفائل المترقب لغد أفضل ولحياة تسر الناظرين.

انحصر تفكيرنا في ذاتنا بشكل مخجل ومخيف من أن تزول عننا قيمتا السمحاء التي عرفنا يها منذ ازل الأزلين؛ تباعدت بيننا الشقة في النظر إلى الطريق القويم الموصل لمرضاة الله عز وجل.

كل هذا حدث ويحدث واننا نرى بأم أعيننا وطنا ينهار أمام ناظرينا ونحن نستمع الى آهاته وانينه الذي يملأ الارجاء؛

كصحفي غابت عني المفردات الجميلة التي كنت أرسم بها مايجيش في خلدي حتى اوصل السعادة للاخرين؛ وكأني لم أكن أعرف هذه المفردات ولم تكن في قاموس لغتي العربية التي اتباها بها دوما وأقول أنا عربي الهوى والهوية.

تغيرت عندي كل هذه المفاهيم برغم اجترار ذكرياتي مع لغة الضاد التي كنت يوما عبثا أظن انني كنت أمتلك ناصيتها.

ماجعلني أسطر هذه الحروف الباكية _ سمها إن شئت _ مشاهدتي عن كثب لما قامت به منظمة الخندق الخيرية وهي تحتضن نساء وحرائر السودان بجانب اختواتهن المصريات بنات النيل وهي تختفي بهن جميعا في يوم عيدهن؛ لعمري هي لفتة بارعة تحسب للمنظمة ولراعيها د. صابر شريف الخندقاوي الرجل النبيل بهذا الفعل.

الإحساس الحزين الذي صدرت به هذه المقالة ليس احساسي وحدي على ما أظن؛ بل هو داخل كل سوداني وسودانية جراء الحرب اللعينة التي خربت بلادي.

مشاهدتي للحفل عن كثب ولاجواء هذا المحفل اعادت الى الثقة والفرح والحبور؛ فكان الوضع مختلفا جدا حيث ازدانت القاعة بصالة لامور بالقاهرة بحمهورية مصر العربية بالمرأة السودانية والمصرية في صورة مشرفة حققت انتماءنا لهذا النيل الذي نرتوي منه جميعا.

تنظيم الحفل كان غاية في الدقة والبساطة والفخامة في آن؛ أظهر معدن الإنسان السوداني المتمثل في المنظمة والسيد الخندقاوي الذي أصر على قيام هذا العمل بمشاورة بعض نساء بلادي اللاتي يعلمن كيف أن المرأة السودانية أكثر المتضررات من الحرب فقدت الزوج والأب والابن وأصبحت تجتهد في رعاية من تبقى لها من الاهل والولد في صبر وجلد يفوق حد التصور والاحتمال وفي ظرف مختلف واستثنائي.

التنظيم الجيد والكلمات الطيبة التي قيلت في الحفل أزالت عن تفكيري غشاوة كانت قد خلفتها آثار الحرب والنزوح؛ وعلمت أن ثمة رجال يمكنهم مسح آثار الحزن والألم والضيق.

جبر الخواطر أمر مهم لكل الذين شردتهم الحرب وقذفت بهم الأقدار خارج بلدانهم ولم تبد لهم الاشياء كما هي؛ نحتاج أكيد لمثل هذه الجرعات لمثل اولائي وهولائي النساء والأطفال الذين خلدت الحرب في ازهانهم صور صادمة لا يمحوها الدهر.

جزا الله سبحانه وتعالى منظمة الخندق الخيرية ولسان حالها يقول نحن السودانبون نستطيع ان نقوم من تحت الركام مرة أخرى؛ ونعيد البسمة للشفاه مرات ومرات ونجعل من المستحيل واقعا معايشا؛ والشكر من بعد الله عز وجل للاخ الدكتور صابر شريف الخندقاوي على صنيعه هذا ونسأل الله أن يجعله في ميزان حسناته وكل من عمل معه لإخراج هذا المحفل بالطريقة التي تعيد للمرأة السودانية ثقتها في نفسها وتعيد عندها الأمل لمزيد من البزل لقادمات الأيام.

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق