رأي
د. عبد الله فتحي يكتب: حرب السودان..جريمة العصر..البلاء العظيم
كتب: د.عبدالله فتحي
عمود صحفي بعنوان/ نصف كوب
حرب السودان..جريمة العصر..البلاء العظيم
رشفة أولى:
أذى عظيم ومريع لحق بالإنسان السوداني جراء هذه الحرب الفجيعة التي لم يستثني ضررها أي سوداني..حرب محرقة..حرب وحشية..حرب بلا أخلاق ولا قيم..حرب لم تفرق بين طفل رضيع ولا صاحب عاهة مشلول ولا عجوز يكابد المشي ولا مرضى القلب والكلى والسرطان.. حرب لم ترحم مجنون فقد عقله ولا صاحب زهايمر لا يعرف الطريق الى بيته ولا مرضى بغرف الانعاش في الرمق الآخير لاقوا حتفهم بسبب قساوة الحرب..وكم وكم من ضحايا مصابين ومرضى نعتهم الأسافير بسبب حاجتهم لعناية طبية عاجلة أو حقنة انسولين أو جرعة كيماوي أو جهاز غسيل كلى أو أنبوب أكسجين.
حرب خلفت تشويه قبيح فاق مخلفات قنبلة ( هيروشيما ونجازاكي ) على ملامح أطفال اليابان فذاك تشويه جسدي فقط.. حرب السودان شوهت ذاكرة وأحاسيس أطفال السودان..شوهت نفسية كل المغتصبات ومن شاهدهن من أهلهم..شوهت ذهنية كل رب أسرة نجا بإعجوبة مع أسرته من جحيم العذاب الموت الذي كان منه قاب قوسين أو أدنى..
ترى؟! هل فعل آل فرعون ببني إسرائيل..أسوأ مما فعل آل دقلو ببني السودان؟!..
( ..وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم).
رشفة ثانية:
البيوت المطمئنة تحولت إلى سجون ومشانق وغرف تعذيب تغطت جدرانها بالدماء وداخلها المدافن دون (ود أحد)..
مواطنين بسطاء عزل خرجوا من ديارهم على عجل وعلى وجل والخيبة ومرارة فراق الأهل والجيران والحبان والأبناء والأمهات والآباء تلازمهم غصة في حلوقهم خرجوا وهم مكرهين مرعوبين يخشون على حياتهم و أعراضهم ومن خلفهم أغراضهم وممتلكاتهم ووثائقهم وتوثيق حياتهم وقد صار رمادا تحت الركام.
حرب قتلت أبرياء دون ذنب ارتكبوه..مسيرات تستهدف مدنيين عزل..اغتصاب جماعي مقرف وسادي طابعه الحقد الأسود وليس الشهوة الحيوانية فقط.. نساء وفتيات كريمات طاهرات نزل بهم الزناة الفاجرين فأكرههوهن على الفعل الشنيع ومنهم من أخذن سبايا وهم من بعد الحرب آيبات تائبات يعلم الله طهر قلوبهن..فيديوهات كثيفة مفبركة بذكاء تبث السموم وتفت العزائم وتزيف الحقائق وتنشر الخوف و الفشل وفقدان أمل العودة إلى الديار..
حرب أهلكت الضعاف والمرضى والأطفال..فكم من أطفال أيتام يهيمون بلا عائل بلا دواء بلا كساء بلا تعليم حتى الآن…
وأسوأ مافي هذه الحرب تلك الأصابع الخفية المتمرسة التي تعمل وفق خريطة دقيقة مدروسة!.. ليس خريطة لمواقع عسكرية بل لمؤسسات وطنية مدنية لا تشكل أي خطر ميداني في أرض المعركة.!
مجموعة مؤسسات علمية ثقافية ذات مساهمة حضارية قيمة في حياة إنسان السودان!!..
أصابع إستهدفت بدقة متناهية تخريب مكتسبات الأمة السودانية تحت ستار الحرب بتقنية ( G.B.S.)..مارست التخريب الحضاري الممنهج لأي مظهر يعبر عن وجدان الأمة تحت نيران آلات الدمار الحربية فقامت بهدم المتاحف وحرق المكتبات وإتلاف دار الوثائق القومية وقصف المؤسسات الجامعية والفنادق والوزارات والمحاكم وقصر الشباب والأطفال والمستشفيات وأسواق المواطنين واحتلت هيئة الإذاعة والتلفاز السودانية وحرقت القصر الجمهوري..ولا زالت الأصابع القذرة تعبث بمقدرات الأمة السودانية دون رقيب ونحن في عي وغي الخلاف سادرون ننتقم من بعضنا البعض وهم منا ينتقمون…
رشفة آخيرة:
من وراء هذا الجرم العظيم ؟!..كم الذين اتفقوا على جريمة العصر في السودان؟!..لماذا هذه الرغبة الجماعية الفظيعة في تشريد أهل السودان وإذلالهم وترك بلادهم جرداء هامدة جثة بلا حراك؟!..ماهى الخطة ( ب ) بعد فشل الخطة ( أ ) في احتلال السودان خاليا من سكانه الأصليين كما فعلوا بالهنود الحمر؟!..
جنود السودان الأشاوس هم ( البحر ) الذي انفلق وابتلع آل دقلو..ومن بعد عسر الحرب يأتي اليسر وتأتي رحمة الله على شعب السودان (..وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.)..و..معاكم سلامة.????