تحقيقات وحوارات

المؤتمر التأسيسي لتنسيقية لتقدُّم،، تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى..

المؤتمر التأسيسي لتنسيقية لتقدُّم،، تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى..

فاقد الشيء لا يعطيه، والخلافات لن تصنع السلام..

تقدُّم في طريقها لتتقدم خطوة أخرى نحو التشظِّي والانقسام..

إدانة لممثل المزارعين! لموقفه الرشيد بإدانة جرائم الجنجويد..

مواقف متناقضة، ولهث وراء استعادة الدولة المدنية للعودة إلى الحكم..

تقرير: إسماعيل جبريل تيسو

انطلقت بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا جلسات المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدُّم) وسط خلافات عاصفة بين منسوبي التحالف المتهم بكونه الظهير السياسي لميليشيا الدعم السريع المتمردة الإرهابية والتي أشعلت فتيل حرب الخامس عشر من أبريل ٢٠٢٣م، وتمارس أبشع صور الانتهاكات البربرية، وترتكب أفظع الجرائم في حق الإنسانية، وشهدت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر عدة مواقف تؤكد أن فاقد الشيء لا يعطيه، وأن مؤتمر تقدُّم لن يكون إلا تأخراً في مسيرة هذا التحالف المتهالك، وتحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى.

تناقض مواقف:
وتضم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدُّم) التي يرأس قيادتها دكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء المستقيل، كيانات سياسية ومدنية ولجان مقاومة، تقول إنها رافضة للحرب، رغم أن أصابع الاتهام تشير إلى ضلوع هذا التحالف بمسماه القديم ( تحالف قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي ) في إشعال فتيل هذه الحرب المندلعة في السودان منذ الخامس عشر من أبريل ٢٠٢٣م، حيث تشير البراهين وقرائن الأحوال إلى أن هذا التحالف سواءً كان ( قحت ) أو مسماه الجديد (تقدُّم)، كان مناصراً لميليشيا الدعم السريع، وداعماً رئيساً لمشروع تفكيك القوات المسلحة السودانية تحت فزَّاعة إصلاح المؤسسة العسكرية ( كلمة حق أرادوا بها باطل ).

خلافات عاصفة:
واستبقت انطلاق الجلسة الافتتاحية للمؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدُّم) رياح عاصفة من الخلافات التي تنذر بغرق سفينة هذا التحالف في بحيرة من التشظي والانقسامات خاصة بعد تقديم ياسر عرمان استقالته من المجلس المركزي للتنسيقية على خلفية مشادة كلامية مع رئيس التنسيقية عبد الله حمدوك بسبب اعتراض عرمان على دعوة رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال عبد العزيز الحلو كمراقب دون استشارة المجلس المركزي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية تقدم، هذا فضلاً عن مغاضبة عدد من أبرز قيادات تنسيقية تقدُّم مثل خالد سلك المتهم بتغييب عضوية التحالف في أوروبا، ومريم الصادق المهدي التي اعتذرت عن المشاركة، جراء خلافات تضرب بنية الحزب بسبب الموقف من الحرب ومن تنسيقية تقدُّم.

وميض نار:
ويبدو أن تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدُّم)التي تزعم أنها تسعى لإيقاف نار الحرب، ستكون مواجهة هي نفسها بحريق نيران ربما تأكل بنيتها المتهالكة أصلاً من خلال وميض النار الذي بدأ يتحرك تحت رماد الخلافات وتبادل الاتهامات، وفاقد الشيء لا يعطيه، نقول ذلك وشعار المؤتمر التأسيسي المطروح هو ( بوحدتنا نصنع السلام) ولكن الواضح أن تنسيقية تقدُّم تفقد إلى أبسط أبجديات وأسس الوحدة والتكاتف، وأنها لم تقرأ تأريخها جيداً ولم تستفد من الدروس والعظات والعبر التي أفرزتها تجربتها الفاشلة طوال أربع سنوات من الحكم، انتهت إلى تفكيك تحالف قوى الحرية والتغيير إلى الكتلة الديمقراطية والمجلس المركزي، وتحول الأخير إلى تنسيقية تقدُّم، ويبدو أن تقدُّم ستتقدم خطوة أخرى على طريق التشظي والانقسام.

شعار جذّاب ولكن:
على الرغم من أن المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدُّم) طرح شعاراً جذّاباً بالدعوة إلى صناعة السلام ونبذ الحرب، إلا أن الملاحظ أن معظم من صعد إلى منصة الخطاب السياسي تحاشى الحديث عن الحرب وأسبابها وكيفية الاستفادة من الدروس التي أفرزتها، وإنما قفز خطاب جلّ من تحدثوا مباشرة من فوق قضية الحرب، إلى ضرورة تكوين الدولة المدنية، متناسين مع سبق الإصرار والترصد الإشارة إلى مآسي الحرب الدائرة وتداعياتها الإنسانية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية، وانعكاسات الجرائم المرتكبة في حق المواطنين على مستقبل هذه الدولة المدنية المزعومة، وكأنما هذه المدنية ستُبنى في بلد آخر غير السودان، وأن المواطنين المعنيين بهذه المدنية ليسوا المواطنين السودانيين الذين يواجهون حالياً أصعب امتحان في تحمل الذل والهوان!
مقاطعة دارفي:
وكان حديث ممثل المزارعين ( إبراهيم درافي) بمثابة لحظة الحقيقة التي كشفت زيف القناع الذي ترتديه تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ( تقدُّم)، وتحاول جاهدة نفي ما يشاع عن صحة التحالف الذي يربطها بميليشيا الدعم السريع الإرهابية المتمردة، فقد أدان درافي الانتهاكات التي ظلت تمارسها مليشيا آل دقلو والجرائم التي ترتكبها في حق المواطنين الأبرياء والعزل وتدميرها الممنهج لمشروع الجزيرة والمناقل، فما كان من المؤتمرين ألا وأن قاموا بمقاطعة كلمة ممثل المزارعين احتجاجاً على إدانته لجرائم الدعم السريع، الأمر الذي دعا مذيعة المنصة إلى التدخل ومطالبة المؤتمرين بالصمت وعدم مقاطعة المتحدث ليكمل فكرته.

على كلٍّ حمل المؤتمر التأسيس لتنسيقية القوى الديمقراطية الوطنية ( تقدُّم) جينات فشله من قبل أن يبدأ، وما بين إجراءاته التحضيرية وانطلاق جلساته الحوارية، تدفقت مياه كثيرة من خلافات كبيرة، كشفت ضعف هذا التحالف الذي يبدو أوهن من بيت العنكبوت، ومع ذلك يحاول جاهداً العودة إلى السلطة بشتى الطرق حتى ولو كان عبر مصافحة أيدي من قتلوا الأبرياء والعزل، واستوطنوا في منازل المواطنين، ومارسوا أفظع الانتهاكات، وارتكبوا أبشع الجرائم التي أدانتها وشجبتها الأمم المتحدة ومنظماتها الحقوقية والإنسانية، ولكن أعين تقدُّم لا ترى ذلك، وكيف ترى؟ وهي تتلوى جوعاً إلى السلطة، متخذةً دعوتها إلى المدنية، مطية للوصول إلى بوابات القصر الجمهوري ومجلس الوزراء، ولكن هيهات، هيهات لما توعدون، رفعت الأقلام وجفت الصحف.

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق