رأي
صلاح دندراوي يكتب: رغم الجراح…!
نقطة ضوء
رغم الجراح…!!
بقلم/صلاح دندراوي
نعم الحرب كلها مآسي لا سيما عندما ترتبط بالأمن والإستقرار النفسي والموت والدمار والزعزعة في المعيشة والصحة وهلما جرا… إلا أنه حتما لا تخلو من بعض المحاسن التي تستل من براثن تلك الآثار..
وواحدة من تلك المكاسب الحميدة التي أفرزتها تلك الحرب المفروضة علينا أنها وحدت كيان الشعب السوداني وإلتفافه خلف قواته المسلحة ليتحقق شعار ( جيش واحد شعب واحد).
كما أنها استنهضت في الناس تلك الروح الجهادية، وكيف أن اهل السودان ما أن تناهى إلى مسامعهم نداء القائد العام أن هلموا إلى حماية دينكم وأرضكم ومالكم وعرضكم إلا وتسارعت الخطى وتحلق المجاهدون في معسكرات التدريب تأهبا لمقارعة الأعداء فأحيوا فينا هذه الفريضة الغائبة…
ومن الإفرازات الحميدة أيضا ما تجلى من إبراز قيم وأخلاق هذا الشعب من مروءة وكرم ونخوة فأعاد تلك السيرة الأولى، فرأينا كيف أن أهل الولايات الأخرى قد إستقبلوا الفارين من جحيم الحرب، وبذلوا لهم المطايا. وتحقق فيهم قول شاعرنا ود حد الزين:
يبدوا الغير علي ذاتهم
يقسموا اللقمة بيناتهم
حتى إكان مصيرهم جوع..
ديل أهلي..
ومنها ما شهدناه من إلتقاء للأسر في قراهم، حيث لم يجد الكثيرون إلا أن ييموا وجوههم قبل أهلهم في الولايات، وشهدنا كيف أن القرى قد إحتضنت كثير من الاهل الذين إنقطعوا عن قراهم لعدد سنين. وقد يكون البعض قد شاهد موطنه لأول مرة، ونحن نشاهد حالة الدهشة والإنبهار التي إعترت الكثيرين بفعل ما عايشوه من مشاهد وحفاوة وبشاشة وبساطة، وبفعل الأجواء التي تختلف عن أجواء المدن..
هذا فضلا عن إحساس الكثيرين بإمكانية قدرته على التعايش مع كافة الظروف من أجواء حرب ونقض غذاء ومسايرة الواقع المعاش.
فأمر المسلم كله خير .. والمولى سبحانه وتعالى يقول في محكم تنزيله:
( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم..).
صدق الله العظيم.