سياسة
أمريكا تفشل في محاصرة الوجود الروسي بالسودان والشرق الأوسط
أمريكا تفشل في محاصرة الوجود الروسي بالسودان والشرق الأوسط
الخرطوم: سودان بور
أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أن واشنطن لن تترك فراغاً في الشرق الأوسط لروسيا أو الصين. وأبدى خلال مشاركته في قمة جدة للأمن والتنمية قلقه من تمدد أزمة الغذاء في العالم جراء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا. وهدفت زيارة بايدن ومشاركته في قمة جدة إلى محاصرة الوجود الروسي في الشرق الأوسط والسودان على وجه الخصوص لما يمثله السودان من أهمية قصوى بحكم موقعه الإستراتيجي. وتحاول واشنطن ترميم علاقاتها بعد أن شعرت أنها فقدت السودان، وبدأت بالفعل في فقدان بلدان بالشرق الأوسط نتيجة لسياساتها الخاطئة ونظرتها الإستعلائية لتلك البلدان وشعوبها.
وأكد البيان الختامي لقمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والأردن ومصر والعراق والولايات المتحدة، دعم القادة المشاركين في القمة لجهود تحقيق الإستقرار في السودان، وإستكمال وإنجاح المرحلة الإنتقالية، وتشجيع التوافق بين الأطراف السودانية، والحفاظ على تماسك الدولة ومؤسساتها، ومساندة السودان في مواجهة التحديات الإقتصادية. وبشأن سد النهضة أكد القادة المشاركون على ضرورة التوصل لإتفاق بشأن ملء وتشغيل السد في أجل زمني معقول كما نص عليه البيان الرئاسي لرئيس مجلس الأمن الصادر في 15 سبتمبر 2021، ووفقاً للقانون الدولي. وعبروا عن دعمهم للأمن المائي المصري السوداني، ولحل دبلوماسي يحقق مصالح جميع الأطراف ويسهم في سلام وازدهار المنطقة.
ووصل بايدن إلى مطار الملك عبد العزيز بجدة الجمعة الماضي قادماً من إسرائيل، في إطار جولته الأولى بالشرق الأوسط منذ توليه السلطة بالبيت الأبيض في يناير 2021م. وإستقبل أمير منطقة مكة المكرمة، خالد الفيصل، الرئيس الأمريكي، لدى هبوطه من الطائرة الرئاسية في المطار بجدة . وهو الإستقبال الذي وصفه كثير من المراقبين بـ (الفاتر) خاصة وأن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إستقبل كل المشاركين في القمة بالمطار عدا بايدن. وأكمل ولي العهد الإستقبال الفاتر لبايدن عندما إلتقاه في قصر السلام بجدة وكان الترحيب به بقبضة اليد فقط، وبدون أية مشاعر ودية مما أثار الكثير من التساؤلات حول مستقبل العلاقات بين البلدين.
وكشف مسؤول سعودي رفيع، جانباً من تفاصيل المباحثات التي عقدها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والرئيس الأمريكي جو بايدن. وقال المسؤول في تصريحات لقناة (العربية)، إن بايدن تطرق لموضوع مقتل الصحفي السعودي – الأمريكي جمال خاشقجي بشكل سريع، وقد أكد ولي العهد أن ما حدث أمر مؤسف. وبحسب المسؤول، أوضح ولي العهد أنه تم إتخاذ جميع الإجراءات القانونية، ووضع إجراءات تمنع حدوث مثل هذه الأخطاء، وأكد أن مثل هذه الحادثة تحدث في أي مكان من العالم. ولفت ولي العهد إلى أن كل الدول لديها قيم تتفق عليها وأخرى تختلف حولها، مشدداً على أن محاولة فرض القيم بالقوة لها نتائج عكسية كبيرة كما حدث في العراق وأفغانستان.
وتابع المصدر بأن الأمير محمد بن سلمان قال لبايدن خلال المحادثات: (لكل دولة قيم مختلفة ويجب إحترامها، وعلينا التعايش فيما بيننا رغم الإختلافات). وأوضح المسؤول أن ولي العهد تحدث عن حادثة قتل الصحفية الفلسطينية – الأمريكية شيرين أبو عاقلة (التي إغتيلت برصاص جيش الإحتلال الإسرائيلي)، وتساءل الأمير محمد عما قامت به أمريكا والعالم بشأن مقتلها. وبحسب المسؤول، فإن ولي العهد السعودي أشار للرئيس بايدن إلى أن واشنطن إرتكبت عدداً من الأخطاء كحادثة سجن أبو غريب إبان إحتلال أمريكا للعراق، وأكد أن المطلوب أن تتعامل الدول مع هذه الأخطاء.
وأكد خبراء ومحللون سياسيون أن الإستقبال الفاتر لبايدن في السعودية والتحذيرات القوية لولي العهد محمد بن سلمان لأمريكا بعدم التدخل في شؤون الغير وإحترام الدول وعاداتها وتقاليدها، يشير إلى أن مسار الأحداث والتطورات الدولية يمضي في إتجاه تخشاه واشنطن وتحاول تفاديه. مشيرين إلى أن حديث بن سلمان عن إنتهاكات أمريكا في سجن أبوغريب وصمتها عن حادثة مقتل الصحفية شيرين أبوعاقلة عكس بصورة كبيرة مدى إستفاقة العالم من غفوته تجاه الأكاذيب الأمريكية وتصويرها وكأنها حامية العدالة وحقوق الإنسان في العالم، رغم أنها أكبر المنتهكين لهذه السياسات والدعوات.
وأكد الخبراء أن محاولة بايدن لمحاصرة الوجود الروسي في السودان ومنطقة الشرق الأوسط فشلت في قمة جدة، بعد أن إصطدمت بمواقف قوية من دول مشاركة رفضت المساس بسيادتها ورفضت الإملاءات والضغوط، مما يعني أن العالم يشهد تحولات كبيرة في موازين القوى السياسية والعسكرية، أفقدت واشنطن توازنها وريادتها المزعومة.
ونبه الخبراء إلى أن كثير من دول الشرق الأوسط بدأت في التحرك تجاه روسيا والصين بعد أن لمست صدق وعودها وجديتها في شراكات نظيفة تسهم في تنمية البلدان، كما حدث في السودان الذي عانى لعقود طويلة من الحصار الأمريكي، لكنه عبر بفضل شراكاته المتميزة مع روسيا والصين التي كانت بمثابة شريان نابض كفل الحياة الكريمة للسودان وشعبه طوال الفترة الماضية.