رأي
د. ياسر يوسف يكتب: وإذا المؤسسة العسكرية سئلت
وإذا المؤسسة العسكرية سئلت
د. ياسر يوسف إبراهيم
بينما تتساقط أعمدة الفخار التي بنيت عليها دعاوي إستمرار الحبس الجائر لقادة النظام السابق يضرب قادة المكون العسكري صمتا مطبقا ومحيرا وهم يتابعون مسلسل إهدار قيم العدالة وذبحها علي أعتاب النيابة المسيسة والإجراءات الظالمة…
وبعدما تطاول هذا الحبس وتفننت النيابة ومن قبلها ناشطو قوي الحرية والتغيير والحزب الشيوعي في إبتداع الأساليب المهينة لحقوق الإنسان ، والتوغل في التشفي والإنتقام نرفع تساؤلاتنا لقيادة القوات المسلحة والتي لا نزال نري أنها الأحق بالإنتصاف للمظلومين ، أو في حد أدني القيام بواجب توفير الأجواء التي توفر للمتخاصمين فرص التقاضي العادل وذلك بعدما آلت إليها الأمور منذ إكتوبر من العام الماضي ، أقول ذلك وأنا متذكر يقينا أن هؤلاء النفر الكريم لم تعتقلهم قحت ونيابتها المسيسة ، وإنما ( قاموا بتسليم أنفسهم طواعية ) للمجلس العسكري بناء علي تعهداته بتوفير إجراءات التقاضي العادل…
نسأل قادة الجيش بأي منطق قانوني يستمرون في حبس قائدهم الذي عملوا تحت إمرته سنين متطاولة ، وقاد معهم أكبر ملحمة لبناء الجيش السوداني الذي كان يقاتل أفراده بالذخيرة ( الفشنك ) ويتسول أفراده ( الكوجة والكجيك) ، فإذا بالمؤسسة العسكرية تنتقل تحت قيادته إلي مصاف الجيوش المتقدمة التي تصنع آلياتها الحربية من ( الطلقة إلي الطائرة ) ، وقادة الجيش أدري بالميراث الصناعي الذي خلفه البشير قائدهم وما تركه لهم من مؤسسة محترمة وشركات ( جعلت قحت مهمتها المقدسة في تفكيكها وإحالة الجيش إلي ما كان عليه قبل ثورة التصنيع الحربي ) ، وكيف يرضي قادة الجيش أن يحاكم قائدهم من أحزاب سياسية ظلت عقيدتها السياسية هي محاربة الجيش وموالاة أعدائه في الداخل والخارج..
نسأل بأي مسوغ يوفر جيش السودان غطاء لإستمرار إنتهاك حقوق أبرياء بقوا خلف القضبان سنين عددا دون محاكمة ولا بلاغ حتي !! ، فذاك مما لا يليق بجيش لطالما تعلقت به الآمال أن يكون منصفا وعادلا ، محايدا في الصراع السياسي بين الأحزاب ، ومنحازا إلي قضايا البلد وناسه ومحافظا علي سيادة الأمة وهويتها ، فهل يعلم قادة الجيش أن أول ركن يحافظ علي وحدة البلاد وأمنها هو المحافظة على منظومتها الأمنية والعسكرية جنبا إلى جنب مع منظومتها العدلية والقضائية ، وهل يعلمون أن الحروب الأهلية تبدأ في الإنتشار في المجتمعات حين يتهاون الناس بالعدالة ويتخذون أجهزتها أداة لتصفية الخصومات السياسية ؟؟
والرسالة لقيادة الجيش أن تعي أن إستمرار إهدار حقوق هؤلاء المحبوسين ظلما إنما يؤسس لسابقة قد تطال آخرين فالأيام دول وكما تدين تدان ، والأخطر من ذلك أنه يشيع ثقافة إستسهال إنتهاك القوانين وازدرائها ، وحين يأتي الأمر من أعلي الجهات فلن تكون شيمة أهل البيت إلا الرقص والطرب ، ولكل ذلك يتجدد الطلب لقادة الجيش بضرورة الإسراع بإطلاق سراح المعتقلين وإغلاق هذا الملف الذي أثر علي صورة الجيش الذي تفرج كثيرا علي عدد من ضباطه العظام وهم يتعرضون للتشفي والإهانة ، وعلي عدد من القيادات السياسية التي أطلقت المحاكم سراح بعضها بينما يتواصل إعتقالهم بلا مبرر ، والأنكي أن من بين هؤلاء من لم توجه له تهمة طوال هذه السنوات وظل ينام علي وسادة الظلم ويتكئ علي جدران الصبر…