رأي

حيدر التوم خليفة يكتب: *عملية طوفان الأقصى .. هل تطيح بمشروع السلام الإبراهيمي…؟* *وهل توقف خطوات التطبيع السعودي الإسرائيلي ..؟*

*عملية طوفان الأقصى .. هل تطيح بمشروع السلام الإبراهيمي…؟*
*وهل توقف خطوات التطبيع السعودي الإسرائيلي ..؟*

حيدر التوم خليفة
تفاجأ العالم أجمع ، وكل *أجهزة إستخبارات الدول الكبرى* في أمريكا وإسرائيل وبريطانيا وفرنسا ووحدة َإستخبارات الناتو القوية جدا ، وباقي أجهزة الاستخبارات في الدول العربية والغربية الداعمة لاسرائيل سرا أو علنا ، تفاجأت من *حجم عملية طوفان الأقصى ، والتي نفذتها كتائب القسام* التابعة لحركة حماس ، بإسناد من *الفصائل الفلسطينية الأخرى* ، ويتبدي ذلك في *دقة توقيتها ، وسريتها العالية ، وغرابة أساليب خططها* ، والتي لم تخطر على *بال الإسرائيلي عندما خطط لامن وسلامة إسرائيل* ، إضافة لجرأتها وإتساعها وكفاءة تنفيذها ، وشجاعة المشاركين فيها ..

وبغض النظر عن ما ستقود إليه من *نتائج عسكرية* ، والتي أرى أنه مهما بلغت فيها ، خسائر حماس أو مجمل الشعب الفلسطيني ، الا ان *المكسب الحقيقي هو نتائجها السياسية* التي سوف يحصدها الفلسطينيون لاحقا ..

وهذا لا يسقط *المردود العسكري الإيجابي* لهذه العملية ، والتي جعلت إسرائيل لا تجد لها توصيفا من شدتها العسكرية ، وحجم خسائرها ، وإتساع رقعتها ومساحتها ، غير مقارنتها *بحرب العبور أي حرب أكتوبر 1973* ، الامر الذي دعى رئيسها ، ورئيس وزرائها بإطلاق وصف *الحرب* عليها ، متجاوزا التسميات السابقة على شاكلة ( إشتباك ، أو عملية عسكرية محدودة أو خاطفة ، أو واسعة النطاق) ، وانا على قناعة *بأن نتائجها* سوف تكون *أعظم* على الإسرائيليين من *نتائج حرب أكتوبر*  ، خاصة في ظل وجود مجتمع إسرائيلي مفكك سياسيا ، ومتداعي طائفيا …

ما إستوقفني هنا هو  *توقيتها ، وتأثيرها على جهود التطبيع* الحثيثة التي تقودها أمريكا وإسرائيل مع بعض الدول العربية ، تحت شعار *الأمن مقابل الأمن* ، بدلا عن الشعار المعتمد من الجامعة العربية ، *الأمن مقابل الأرض* ، في خطوة تهدف في مرحلتها النهائية إلى *تصفية القضية الفلسطينية ، وابتلاع ما تبقي من أراضي الضفة الغربية* ، والتضييق على العمدة أو الختيار ابو مازن ، وحصره في حدود مدينة رام الله ، *مع تهويد كامل للقدس*  ، كل هذا تحت مظلة *السلام الإبراهيمي* ( في جانبه السياسي) *والديانة الإبراهيمية* (في بعدها العقدي لتجاوز الغيرة الإسلامية الشعبية ) …

وهو المشروع الذي *أُقتيد إليه العديد من الزعماء العرب المهددة كراسيهم* ، والآيل حكمهم للزوال لا محالة ، مُستغبََيين ، ومُستغلِين ظنهم الآثم بأن الانجرار وراء العملية التصفوية سوف يجلب لهم *الرضى الأمريكي والدعم الصهيوني* ، ويدرأ عنهم غضب شعوبهم …

ونعرف أن الأمريكيين والإسرائيليين يدركون تماما سر هرولة المطبعين ، ولكنهم أكثر إدراكا أن كل هذه الجهود *لا قيمة لها ، وسوف تذهب سدى ، من غير انضمام المملكة السعودية إلى جوقة المطبعين والمستسلمين* ، وذلك لمكانتها *الدينية الكبرى* ، بوصفها أرض الحرمين الشريفين ، *وثقلها الاقتصادي المتعاظم* ، لهذا كانت امريكا واسرائيل تحثان الخطى لإنجاز ( *سلام تاريخي*) بين السعودية وإسرائيل ، والذي كان إنجازه قاب قوسين أو أدنى ..

وهو الأمر الذي *عارضته إيران بشدة* ،  وجاهرت به ، وأرى أنه أحد الأسباب التي دفعتها إلى تقديم العديد من التنازلات الغير معلنة لإعادة علاقاتها بالسعودية ، سعيا وراء إيقافه من جانب ، ومن جانب آخر ، هو ما دفعها إلى  زيادة حجم ونوعية دعمها المادي والتقني التسليحي لحليفيها حماس وحزب الله ، رغم نفي بلينكن وزير الخارجية الأمريكي بوجود دور لإيران في عملية طوفان الأقصى ..

إن احساس إسرائيل *بكسبها المعركة مع العرب ، لأنها صارت على بُعد خطوتين من توقيع اتفاقية سلام مع السعودية* ، جعلها تستعجل النتائج *وحصد الثمار* ، خاصة مع وجود حكومة يمينية متطرفة متنفذة في تل أبيب ، وهو الأمر الذي اسبغ عليهم *نصراً  زائفا جعلهم يتصرفون كأنهم  مالكون لكل فلسطين* ، فزادت وتيرة الإستيطان والقضم اليومي للأراضي العربية المنصوص عليها في اتفاقية أوسلو للسلام بين الطرفين  ، كما قادهم هذا الي زيادة *الاحتكاكات والتعديات على المسجد الأقصى* ، والتي صارت شبه يومية ، وبرعاية وحماية وقيادة من وزراء اليمين المتطرف في حكومة نتنياهو ..

لهذا جاءت عملية طوفان الأقصى في بُعدها السياسي  تحمل *بندا واحدا مزلزلا لنظرية الأمن الإسرائيلي ، ناسفا لمشروع السلام الإبراهيمي ، مبعثرا لأوراق اتفاقية السلام السعودي الإسرائيلي المرتقب* ، معلنا *بالصوت الجهير بأن الأمر أمرنا نحن* ، منادياً بالآتي ..

… هذه الاتفاقيات *لا تعنينا* ، ونحن لسنا طرفا فيها ، بل قادرون على توظيفها ضد أنظمة التطبيع العربية ..

… هذه الاتفاقيات لن *تغير من الواقع الميداني* ولن تستفيد منها إسرائيل ، أو محور التطببع ..

… *مفاتيح حل الصراع الحالي .. وهو هدف عملية الأقصى .. بيد الفلسطينين ولا أحد سواهم من التصفويين* ، المرتبطين بكارتيلات المال العالمية ، سواء أن كان من *حراس المال الصهيوني* في دويلة اولاد زايد ، أو *حراس الكعبة* من اولاد سعود ، أو *التابعين من لا قرار لهم ، من المنتفعين المردوفين على السرجين السعودي والإماراتي* ، من قادة الدول الأخرى المهتزة كراسيهم ..

*فأبناء فلسطين وشرفاء الأمة الإسلامية والعربية هم من يقررون مصير دولة فلسطين ، بل يرسمون أمن المنطقة بما فيها إسرائيل ، وان أمن المواطن الفلسطيني بأيديهم ، وأن السلام والأمن المنشود يجب أن يكون للطرفين ، وان الطفل الفلسطيني لديه الحق في الحياة الآمنة كما للطفل الإسرائيلي*  ..

إجمالا ، فرسالتها واضحة ، فمن يريد *سلاما عن طريق اتفاقيات تطبيع مع قادة مرفوضين من شعوبهم فلن يحصل عليه* ..

ومن أراد *أمنا عبر اتفاقيات منفردة مع دول أخرى مهما كان حجمها فهو واهم*  ..

ومن أراد *السلام الحقيقي فعليه بممثلي الشعب الفلسطيني الشرفاء المالكين لقرارهم ، الحاملين لسلاحهم ، الفارضين كلمتهم في ميدان المعركة* ، وليس البائعين لضمائرهم ، من سماسرة السياسة وأرزقيتها ..

إن هذه العملية كشفت *هشاشة هذه الدويلة المُصطنعة* ، واساسها المتهالك الذي تقوم عليه ..
وأبانت أن المجتمع الإسرائيلي اليوم *يتفكك بوتيرة متسارعة* ، الامر الذي جعل كثيراً من خبرائهم يحذرون من *إنهيار الدويلة الوظيفية* ، ويبشرون بقرب نهايتها ، ويعلنون ان *نُذر الحرب الأهلية الإسرائيلية تلوح في الأفق* ، وهذه النقطة تحديدا قد أخذت حيزاً واسعا عريضا من *نقاشاتهم في اللقاءات والمقابلات التلفزيونية في الأشهر الأخيرة* ، خاصة بعد تفجر مشكلة ما يسمى بمشروع *الإصلاحات القانونية* …

ختاما نعيد السؤال مرة اخري … *هل توقف عملية طوفان الأقصى خطوات توقيع اتفاقية السلام المخطط لها بين السعودية وإسرائيل ، وهل تعرقل خطوات ما يسمى بالسلام الإبراهيمي ..؟*

نقول .. *قد تقود إلى إيقافها ، وقد لا تقود* …

ولكن الأمر المؤكد هو أنها قد *افرغتها من محتواها ، وجردتها من قوتها ، وأضعفت تأثيرها المتوقع* ، وهو *المطلوب* ، ولكن الأخطر انها قد جعلت منها حال إبرامها *قنبلة موقوتة قد تنفجر لاحقا في سوح النظام السعودي ، والأنظمة الأخرى ، وربما تكون أحد أسباب ذهابها* ..

*حيدر التوم خليفة*

8 أكتوبر 2023

الوسوم

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق