رأي
د. عاصم محمود المحامي يكتب: معركة الكرامة ..محور المنظومة العدلية…
*معركة الكرامة ..محور المنظومة العدلية…*
*د عاصم محمود.. المحامي*
المنظومة القضائية في السودان والجهات ذات الصلة بالعدالة في السودان ظلت مكان تقدير واحترام من الجميع وذلك لما ظلت تقوم به من أدوار عظيمة في مصفوفة القوانين الموضوعية والاجرائية ومواكبة التحديثات في القوانين والتشريعات واحقاق الحق وصولا للعدالة بين المتخاصمين ارساءا لقيمة العدل والحق وتحقيقا للردع العام والخاص والاقتصاص من المجرمين .
إن التحدي الماثل أمام المنظومة العدلية والقضائية لا يقل عن تحدي القابضين على الزناد في ميدان المعركة نسبة لأهميته وارتباطه بالمصلحة العليا للبلاد لأن العدل اساس الحكم .
ونثمن جهد السلطة القضائية بانشاء دوائر للمحكمة العليا في الولايات الامنة تيسيرا للتقاضي ومنافذ التوثيقات تسهيلا للإجراءات ونتمنى أن يتكامل الجهد في استرجاع بيانات تسجيلات الأراضي حفظا للحقوق ، واستنادا لما سردنا كنا نأمل من رئيس القضاء ان يكون أول الحادبين على تطبيق القانون إلا أن التوجيه الصادر من سعادته قبل فترة والذي يتعلق باستمرار التعامل مع تسيرية المحامين المحلولة فيه نوع من الغرابة والاستفهام وقد سبق أن صدر قرار من رئيس مجلس السيادة بحل جميع لجان التسيير بما فيها تيسيرية المحامين ، بالإضافة إلى الحكم الصادر من المحكمة العليا باستعادة نقابة المحامين الشرعية مع العلم أن تسيرية المحامين التي ما زال يتعامل معها رئيس القضاء تم تكوينها بواسطة لجنة التمكين سيئة الذكر لمدة ثلاثة أشهر ثم تم التجديد لها لثلاثة أشهر أخرى ثم استمرت في عملها دون سند ودون الاستجابة لقرار رئيس مجلس السيادة بحل التسييريات ولا قرار المحكمة العليا بإلغاء قرار لجنة التمكين القاضي بحل نقابة المحامين!!!
ونود أن نذكِّر معالي رئيس القضاء الموقر أن هذه التسيرية هي ذاتها التي أعدت مسودة الدستور والذي تمخض عنه الاتفاق الإطاري الذي كان سببا لهذه الحرب التي شردت كرماء السودان !!! فكيف بعد كل هذا يريد رئيس القضاء ان يتعامل المحامون مع هذه التسيرية التي تمثل سياسات وتوجهات قحت (تقدم) الجناح السياسي للمليشيا المتمردة.
أما النائب العام فإن جهوده متواضعة في معركة الكرامة تمثلت في إنشاء بعض النيابات المتخصصة وبعض المنشورات المنظمة لأعمال النيابة وهي لا تعدو أن تكون جهد روتيني في ظل وضع طبيعي ، أما المأمول والواجب علي النائب العام كان تفعيل لجنة انتهاكات المليشيا بصورة أفضل من الطريقة البطيئة والرتيبة التي تعمل بها حاليا على الرغم من ما تم رصده لها من ميزانيات وإمكانات وسلطات وكان من باب أولى أن يبدأ بأعضاء النيابة الموالين للمليشيا والداعمين للجناح السياسي لها والذين لا زالو يتحكمون في النيابة العامة وهو ما صرح به مساعد القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن ياسر العطا فما زالت النيابة العامة تحتشد بأعضاء نادي النيابة ذوي التوجه المعلوم وهي من معيقات عمل النيابة كما أن الخلط بين ادوار النيابة ووزارة العدل بات حاضرا فلا معنى لتمثيل النائب العام للسودان في المحافل الدولية والذي هو من صميم عمل الوزارة ، إن الواقع يستلزم إيلاء منسوبي النيابة على المستويات الدنيا الاهتمام خاصة الكادر الذي فضل العمل والبقاء في السودان عن الهجرة في هذه الظروف المعقدة وتمييزهم عن الآخرين ، وتفعيل قانون النائب العام ولائحته لترسيخ التجربة وتحقيق الهدف من انشاء النائب العام كجهة عدلية مستقلة .
أما وزارة العدل فحجم التحدي امامها كبير في مجابهة سيناريوهات المحافل الدولية ومجلس حقوق الإنسان وغيرها من واجهات محاور الضغط العالمية ، و أن تحذو حذو جنوب افريقيا في رفع دعوى جنائية تتعلق بالابادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية لدى المحكمة الجنائية الدولية ضد المليشيا كما عليها أن تتقدم بدعوى أمام محكمة العدل الدولية في مواجهة الدول الداعمة للمليشيا ، كما أن على وزارة العدل خلق وإيجاد منابر ومحافل لتمليك الحقائق حول جرائم المليشيا ومعاونيها ، وهذا كان سيساهم في تخفيف العبء على بعثة السودان في الأمم المتحدة فيما يتعلق بفضح وتكييف تلك الجرائم والانتهاكات من الناحية القانونية استنادا للقانون الوطني والقانون الدولي الإنساني ، ولكن أن تظل الوزارة في بورسودان بمجمع الوزارات تنتظر رقاع الدعوة لتمثيل السودان في الورش والمؤتمرات دون مبادرة فهذا لا يتناسب مع معركة الكرامة التي تتعدد محاورها وجبهاتها بين الفينة والأخرى .
على كلٍ فإن أجهزة العدالة الوطنية في هذا الظرف الحرج يتطلب أن تكون على قدر تحديات معركة الكرامة وفي المحور الذي يليها …