تحقيقات وحوارات

حيدر التوم خليفة يكتب: ارتباط ما يجري في البحر الأحمر بأحداث السودان ، وخطط فرض الانتداب الدولي عليه

    *تأملات سياسية ..
    المخطط الأمريكي لأمركة البحر الأحمر ..

    *الدور الأمريكي البريطاني  في خلق التهديد الحوثي على السفن التجارية في البحر الاحمر* ..

    *ارتباط ما يجري في البحر الأحمر بأحداث السودان ، وخطط فرض الانتداب الدولي عليه ..*

    *حيدر التوم خليفة*

    *مدخل 1 ..*

    سؤال برئ ومباشر .. لماذ نجد أن كل السفن التي تم إستهدافها من الحوثيين هي تقريباً سفن امريكية وبريطانية وإسرائيلية ..؟

    ولماذا كان الرد الأمريكي بارداً تجاه ذلك … وهو يماثل أن يضربك أحد بالرصاص ، وانت تملك مدفعاً ، فترد عليه بالقذف بالحجارة …

    *مدخل 2 …*

    العجز العربي انتج *عقلاً طروباً وليس مفكرأَ* ، يقتات من *الموائد العنترية ، وتعجبه البطولات الوهمية* …! وهذا أوضح ما ما يكون لدى مثقفيه الذين يطلون علينا عبر القنوات العربية ، وهم يتباهون بالصواريخ الحوثية التي ستدك أمريكا ، من غير اي تحليل منطقي ، أو سبر غور وإدراك محركها الأساسي ، وأهدافها النهائية ، في مشهد يعكس كيف *يُصطاد العرب بأخطائهم* ، فإن مع كل صاروخ يُطلق ،
    هناك حبل يلتف حول العنق العربي جهالة أو عمالةً ..

    يعتقد كثير من المراقبين لسياسات أمريكا الخارجية ، أن الوهن والتخبط قد أصاب عمودها الفقري ، المتمثل في الفعل العسكري المصاحب غالباً لبناء وإدارة علاقتها الدولية  ، وخير َمثال على ذلك *فشلها الكبير في إدارة حربها مع الحوثيين ، وفشلها الأكبر في تأمين الملاحة والعبور البحري الآمن للسفن التجارية والعسكرية* في منطقة البحار الجنوبية للجزيرة العربية ، متمثلا ذلك في مضيقي هرمز وباب المندب ، اي مدخل الخليج ومدخل البحر الاحمر ، مما يجعلها منطقة صراع قادم ، ومطامع دولية ، وتنافس عسكري ربما يلهب كل المنطقة مستقبلا ..

    وهؤلاء مخطئون في ذلك ، فإن الصراع والتصعيد العسكري الحوثي المتمثل في إستهداف السفن ، هو أمر *مُدبر من ثلاثي الشر ، أمريكا وبريطانيا وإسرائيل* ، وذلك ضمن إطار *(التصعيد الموجه)* لتحقيق أهداف مخفية ، تشمل *جعل البحر الأحمر# بحيرة غربية بإمتياز* ،# وقفل الباب أمام اي *وجود روسي أو صيني## لإنشاء موانئ إمداد أو قواعد عسكرية على ساحليه* ، وهذا يتوافق مع سياساتها الرامية إلى *تطويق منطقة النفط العربي من جهة الجنوب والغرب* ، وتطويق *أفريقيا من جهة الشرق بوصفها منطقة صراع الموارد المستقبلي القادم* …
    ##
    وأستطيع المراهنة على انه ، ما هي إلا أسابيع قليلة وسوف نشهد *حشداً كثيفاً للقوات البحرية الغربية ولسفن الناتو وهي تجوب البحر الأحمر* ..

    ومن الواضح أن التصعيد الحوثي *(المتحكم فيه إستخباراتياً)* المدعوم إيرانيا ، تم بتخطيط *أمريكي بريطاني* ، ولا أرى أنه عمل منسق مع الحوثيين أو الإيرانيين (*كما لا أستبعده* في حده الأدنى ، ضمن صراع السيطرة على الخليج) ، ولكن الارجح انه تم *جرهم إلى الفخ* ، لتحقيق *هدفين هامين* يخدمان السياسة الأمريكية في المنطقة ..

    *أولهما* .. إلهاب المنطقة وإشعالها بالفوضى ، *ورفع درجة تهديد حرية الملاحة البحرية وسلامة السفن* ، الامر الذي يستدعي حتما التدخل العسكري لتأمين مدخل البحر الأحمر الجنوبي  ، بوصفه واحداً من أهم الممرات البحرية العالمية ، لوجود قناة السويس في جزءه الشمالي ، والتي يمر عبرها حوالي 12% من التجارة الدولية ، ورفع *درجة التهديد على سلامة السفن هو ما يستدعيه التبرير للتدخل العسكري لقوات هذه الدول لدى برلماناتها داخلياً* ..

    كما يهدف إلى إقناع العالم الخارجي *بصواب هذا التدخل والإنتشار العسكري ، وأنه يخدم السلام والأمن الدوليين* ، ويُضعِف اي معارضة دولية له من روسيا والصين خارجياً ..

    وعلى ذات المنهج يرمي إلى *إقناع دولة مصر به ، وإزالة مخاوفها* ، خاصة بعد أن يتم تصعيد العمل المصاحب له لخنق مصر إقتصادياَ ، ويرمي ذلك إلى إنقاص عدد السفن العابرة للقناة ، مع الإيعاز لشركات التأمين برفع رسوم التأمين للسفن المبحرة عبر باب المندب إلى مستويات قياسية ، تجعل  شركات الشحن البحري تغير من خطوط سيرها *بالعبور حول أفريقيا بدلاً عن قناة السويس* ، الامر الذي يضع ضغوطاً وحمولة زائدة على إقتصاد مصر المترنح أصلاً ، مما يدفعها إلى تأييد اي تدخل عسكري ، بل *وتراه لازما لإزالة الخطر والتهديد الحوثي* علي مضيق باب المندب ، سعياً لعودة الأمور إلى سابق عهدها ..

    *ثانيها* .. خلق الاسباب الكافية لإنهاء وجود الحوثيين وإجتثاث خطرهم ، أو إضعافهم إلى مستوى متدني قياسي ، يجعلهم يقبلون بأي تسوية سياسية ، وذلك بإستعمال القوة القصوى المميتة المبررة ، وهو امر سوف يجد الدعم من السعودية والإمارات والدول الدائرة في فلكهم ، لأن ضرب الحوثيين مَعنيُُ به في المقام الأول *ضرب الاذرع الإيرانية الشيعية المنتشرة في المنطقة* ، المتمثلة في حزب الله اللبناني والعراقي وأنصار الله الحوثيين ، إضافة *إلى إجتثاث المنظمات السنية المدعومة من إيران وعلى رأسها حماس والجهاد الإسلامي* ، وقد بدأ تنفيذ خطة التخلص من المقاومة الإسلامية في قطاع غزة بالعدوان الرباعي ، الإسرائيلي الامريكي الإماراتي السعودي ، وإن بدأت السلطات السعودية تأخذ *خطوة تكتيكية للوراء ، وليس إستراتيجية* ، بعد الفظائع الإسرائيلية وجرائم الابادة الجماعية التي إرتكبتها ، والتنديد والادانات الشعبية والرسمية حول العالم لها لها ..

    وهنا يبرز سؤال مهم .. *ما هو موقع السودان في كل هذه الاحداث ..؟*

    مؤكد أنه أحد الأعمدة الحاملة للمشروع الأمريكي البريطاني الذي لا يدرك تفاصيله أحد ، وذلك بإعتبار أن السودان يمثل بوابة أفريقيا الشرقية لداخلها ، عبر *حزام السودان ، الممتد من بورتسودان على البحر الأحمر شرقاً ، إلى داكار على المحيط الأطلسي غرباً* ..

    وقد فطن الروس مبكرا لأهمية هذا الحزام ، فبدأوا في *تنظيف المنطقة من الوجود الفرنسي* ، بواسطة الدبلوماسية من جانب ، *ودعم الانقلابات المعادية لفرنسا* في بلدان الحزام ، عبر ذراعهم العسكري الجوال المتمثل في *شركة فاغنر* من جانب آخر ، ودعموا العمل الهادف إلى تغيير خارطة المنطقة الديموغرافية ..

    ويخطط الروس ولربط البحر الأحمر بالاطلسي ، علي مد خطوط ما يسمونها بالقطارات السوبر التي يعمل على تصنيعها الخبراء الروس والصينيين ، بالإستفادة من ما يُعرف بتقنية المحرك العظيم ، والذي تحدث عنه الرئيس بوتين في مؤتمر سابق ، وأفادت بعض المعلومات ، بأن حمولة وقوة سحب القطار الواحد تبلغ ثلاثمائة ألف طن  ، مما يعني *سيطرة كاملة على تجارة هذا الحزام الغني بالموارد الطبيعية ، خاصة المعادن الهامة والنادرة ، مثل الذهب والنحاس واليورانيوم ، إضافة إلى النفط* …

    كل هذا يحتم على أمريكا، تغيير سياساتها تجاه السودان ، والعمل على إستقراره *(وفقا لرؤاهم ومصالحهم)* ، وقطع الطريق أمام روسيا لامتلاك مدخل على البحر الأحمر ، يمتد من الشرق إلى الغرب الأفريقي عبر الأراضي السودانية  ..

    لهذا فإن نجاح كل السياسة الأمريكية الحالية في منطقة البحر الأحمر يعتمد على *طرد روسيا من السودان* ، وحرمانها من اي موطئ قدم لها على سواحله ، *ويشمل ذلك إيران* ، والتي إعتادت سفنها الحربية من الرسو والتموين من ميناء بورتسودان البحري …

    واتوقع أن *تنحي السياسة الأمريكية منحيً جديداً ونهجاً مغايراً للنهج السابق* ، بعد أن وضح لخبراء ولمخططي البنتاجون أن مسك العصا من المنتصف لا يفيد ، وأن الإنجرار *وراء الرؤية الإماراتية بتمكين الدعم السريع من حكم السودان لا يجدي* ، وأنهم حقيقة بهذه السياسة إنما يساعدون روسيا على تنفيذ مخططاتها وتحقيق أطماعها من التمكين لنفسها ، *لقوة العلاقات بين حميدتي وروسيا* المتغلغلة في قوات الدعم السريع عبر ذراعها العسكري فاغنر ، ويدفعون سلطات الخرطوم قسراً ، وجهلاً منهم *للوقوع في الحضن الإيراني بحثاً عن السلاح* ، وما تحليق طائرات مهاجر 2 الإيرانية في سماء الخرطوم الا تأكيداً على ذلك ، أو يجعلهم *يطرحون نفسهم كبديل واقعي للدعم بالنسبة لروسيا* ، ويوقعون معها إتفاقيات متعددة تشمل الموافقة على قاعدة فلمنكو البحرية ، وبناء ميناء جديد بمواصفات عالمية ، مما يعني لأمريكا فشل خططهم الرامية إلى *(امركة وغربنة)* البحر الأحمر ..

    لهذا ولضمان تنفيذ امريكا لخططها المذكورة أعلاه ، فسوف يعيد مسؤولوها *النظر في موقفهم الحالي والتصرف وفقاً لمشهدين* ..

    … *كف يد الإمارات عن ما يحدث في السودان ، مع تقديم دعم عسكري عاجل للجيش السوداني لهزيمة الدعم* ، وإعادة الاستقرار إلى البلاد ، وذلك وفقاً *لترتيبات معينة تفرض على السلطات الحاكمة اليوم* ..

    .. دفع الأمور إلى أبعد مدى ، أي *تعميم الحرب الأهلية الشاملة في السودان* ، وتغذية الفظائع المصاحبة لها ، *مما يخلق المبرر الكافي للتدخل الدولي بقيادة أمريكية* بدعوى حماية المدنيين ، وصيانة السلم والأمن الدوليين ، وهذا يعني *فرض الإنتداب الأممي على السودان وفقا للبند السابع من ميثاق الأمم المتحدة* .. وهذا ما أرجحه ، لأنه يعني حل الجيش والمؤسسات الشرطية والأمنية والدعم السريع والحركات المسلحة  ، والايام حبلى …

    *حيدر التوم خليفة*
    اول فبراير 2024

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق