تفاصيل خطبة الجمعة بمسجد السيول-القضارف للشيخ أحمد الجبراوي بعنوان “مَصًارِعُ الظّالِمٍينَ”
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الجمعة بمسجد السيول-القضارف
١٢ جمادى الآخرة ١٤٤٦ هـ -٢٠٢٤/١٢/١٣
مَصًارِعُ الظّالِمٍينَ
محتوى الخطبة
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فقد أمر الله بالعدل والإحسان وحرَّم الظلم والبغي والعدوان قال سبحانه :- “إِنَّ اللهَ يَأمُرُ بِالعَدلِ وَالإِحسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُربَى وَيَنهَى عَنِ الفَحشَاءِ وَالمُنكَرِ وَالبَغيِ يَعِظُكُم لَعَلَّكُم تَذَكَّرُونَ” ٩٠ النحل وقال الله سبحانه في الحديث القدسي: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا) رواه مسلم.
واقتضت سنة الله الكونية هلاك الظالمين ومحق المعتدين، وقطع دابر المفسدين، سواء أكان الظالم فردًا أم جماعة أم أمة من الأمم.
وكم رأينا في عصورنا المتأخرة من زوال دول الظلم وغروب شمس أهل الحيف غربا وشرقا وآخر الطغاة الظلمة ذلك العلوي البعثي البغيض والذي جثم وسلفه على صدر الشام ٥٠ عاما حسوماً ولا زلنا ننتظر زوال بغي وظلم هؤلاء المتمردين البغاة المغتصبين ويبقي أن المسلم يستلهم ويتأمل الدروس والعبر مما يمرّ به من أحداث ومما ينبغي التوقف عنده :
*عاقبة الظلم وخيمة* :
أيّاً كان الظلم للنفس كفراً وإلحاداً وابتداعا ام للغير بغيا وعدوانا على النفوس والدماء والحرمات والاموال والممتلكات فإن عاقبته شديدة وخيمة عاجلا أم آجلا .
*ان أزمة الأمور بيد الله* :
مهما استبدّ الطّغاة وحسبوا أن ّالدولة لهم وزادوا في الطغيان والمظالم فلابد أن يستقر في الأذهان أن الأمر بيد الله تعالي وان سلطانه محيط بالجميع لا يفلت منه أحد بالغاً ما بلغ وانظر إلى تاريخ الظلمة تجد أن أخذ الله لهم كان بين لحظة وأخرى دون أن يحسبوا حسابا أو يعدوا عدة وها هي بلاد الشام بعد كل ذلك العتوِّ والظّلم في لحظة تبدّل كلّ شئ وأصبحوا لا يرى منهم إلا الذّعر والفرار فليل الظالمين مهما طال فهو إلى زوال بعزّ عزيز أو بذلّ ذليل
*ميزان العدل لا يحابي* :
فمن زرع الخير حصده ومن فعل الشر وجد عاقبته إنّ سنن الله الكونية لا تجامل أحداً وإنّما هي قوانين منتظمة تسوس الحياة فمهما طال ليل الظلم فهو إلى زوال ومهما تعالى المستبدون فهم إلى هلاك وهو درس للجميع أن يسددوا ويقاربوا ويفعلوا الخير
*الأمم تبنى بالتسامح* :
لا بالانتقام فتنهض وترتقي بالتنازل لبعضها والاحتمال والتسامي على الجراحات وبالتفاهم والتعايش.. وبإعلاء القيم والكليات يزداد الترابط بين أفراد المجتمعات فيسودها الاستقرار والسلام، وتصل البلدان إلى أعلى درجات التقدم والرفاهية. فالتسامح ظلَّ ديدناً للعظماء لحظة الانتصار قال عليه الصلاةوالسلام ((يا أبا سفيان، اليوم يوم المرحمة، اليوم أعز الله فيه قريشًا” (عيون الآثار) وهكذا ضرب أهل سوريا أروع الأمثلة وهم يعلنون التسامح ويتسامون على جراحاتهم من أجل النهوض
*مآلات واحتمالات* :
إن زوال دولة البعث وأي ظالم هو بداية لفرحة عابرة، لكنه ليس نهاية الطريق.. فما ننتظر سوريا وبلادنا نظائرهما في المنطقة هو اختبار صعب يتطلب وعيًا سياسيّاً دقيقاً وبناء مؤسساتٍ قوية، وقبل كلّ شيء تجاوز التبعية للقوى الخارجية التي أصبح من الواضح أنها تتبادل الأدوار في المنطقة وذلك بسبب عدم تماسك الأمة وضعفها والخلافات العميقة بين أبناء الجسد الواحد الذي أنهكته الصراعات الداخلية والتجاذبات الخارجبة و الاستقطاب الحاد وزيادة حدة الاطلاع على مواردنا وضعف استراتيجياتنا في إدارة الصراع الجيوسياسي .
*وبالله يحسن الظن:*
(انا عند ظن عبدي بي فليكن بي ما يشاء ) فلنجدد ولنحسن ظننا بربنا فهو رب لطيف كريم تلحق عنايته بعباده وهم في أحلك المواقف وماهي سوريا شاهدة على كلأ الله وحسن تدبيره
جعل مآل الشام وبلادنا إلى خير ونصر وسؤدد
وبالله التوفيق
احمد الجبراوي
القضارف
١٢ جمادى الآخرة ١٤٤٦ هـ -٢٠٢٤/١٢/١٣