تفاصيل خطبة الجمعة للشيخ الجبراوي بمسجد عمار بن ياسر القضارف *عَبقريةُ القِيادَةِ*
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الجمعة بمسجد عمار بن ياسر القضارف
٢٦ جمادى الآخرة ١٤٤٦ هـ – ٢٠٢٤/١٢/٢٧
*عَبقريةُ القِيادَةِ*
محتوى الخطبة:
عظَّمتْ الخطبة من أهميّة القيادة تطويرا للذات وتنمية للأمم والشعوب مُلمِّحةً إلى أنّ أزمة السودان وشعوب العالم الإسلامي هو معاناتها الدائمة من فشل النخب في انتاج المعرفة وإدارة وتوظيف استطاعات الأمة ومقدراتها نحو السمو الحضاري والعلو التنموي مع ما تحظى به من الموارد والامكانات
وألمحت الخطبة الى أنه بعد تسع وستين سنة من أستقلال السودان الذي يتميز بعبقرية الموقع وثراء الموارد وعمق التاريخ وتعدد الأثنيات وتنوع المناخات لا يزال يعاني من التخلف والفقر والاحتراب وتفشي الأثنية والأنانية وتقديم الأنا والخاص على العام مما يقتضي معه إيجاد قيادة عبقرية تقود سفينة الوطن على اجنحة الامل وسماوات الأمنيات
ولقد أصبح واضحا أن واحدة من أزماتنا التي نعاني منها على مختلف الصعد هي أزمة عدم وجود نخب يتحقق بها ذلك من خلال المرجعية الشرعية و التخصصات المعرفية المختلفة بحيث تصبح الامة قادرة على إحياء فروض الكفايات واستردادها و استدعائها إلى ساحة المسئولية وهم النماء والريادة كما تعاود تشكيل رؤيتها القيادية المنطلق من فقهها المتسع المرن للمزيد من التأثير والايجابية في الحياة
ان عبقرية القيادة والتي تعني القدرة على الجمع بين الرؤية، والإلهام، والقدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة لتحقيق أهداف استراتيجية طويلة الأمد في إطار بناء النفس وقيادتها وايجاد المجتمع والأمة وتفجير طاقاتها فالقيادة العبقرية تتطلب مهارات ومميزات اتصفت بها قدواتنا الصالحة من أنبياء وصالحين وفاتحين
منها:
١/العلم والمعرفة:
فالقائد الملهم يتميز بامتلاك آلة العلم المؤهلة له للعطاء والقيادة والإنجاز
﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا ۖ وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ١٥ النمل بل جعلنا الله من امة العلم فكان اول ما نزل :﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ ١-٥ا العلق وقال : {إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} ٢٤٧ البقرة
وغني عن البيان أن العلاقة طردية ببن العلم والنهضة والتطور فالفرد كما الامة كلما زادت درجة العلم والتفكير زادت درجةُ التعليم ودرجة الوعي العلمي والثقافي والعطاء والعروج الحضاري والتأثير الفعال
ومما ينبغي أن يعلم أن ولاية انر الناش وقيادتهم أمانة ومسؤولية (إنَّها أَمانَةٌ، وإِنَّها يومَ القيَامَة خِزيٌ ونَدَامةٌ، إلا من أخذَها بِحقّها، وأدَّى الذي عليه فيهما) رَوَاهُ مُسْلِمٌ
كما عليه ان يعلم ان مقصود الولاية انويكون الناس أقرب إلى الصلاح وابعد من الفساد كماوقال ابن الصلاح رحمه الله .
٢/القوة والامانة ركنا مهمان للولاية وينبغي أن يعرف الأصلح في كل منصب، كما قال تعالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} ٢٦القصص: وقال صاحب مصر ليوسف عليه الصلاة والسلام: {إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ} ٥٤ يوسف وقال: “قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ” ٥٥ يوسف
٣/ الرؤية الواضحة: فكلما تكامل العلم للقيادة أدى الى وضوح التصورات وبالتالي القدرة على تصور مستقبل واضح واتجاه محدد، مما يعزز من النجاح في تحفيز محيط من يقودهم ولذلك فشلنا في إيجاد رؤية قومية للوطن ندير بها تنوعنا ومواردنا ونحافظ بها على أمننا القومي.
٤/القدرة على التأثير والإلهام:
فلا قيادة ناجحة إلّا باستخدام مهارات التواصل لإلهام وتحفيز الأمة وأفرادها لتحقيق أقصى إمكاناتهم وانظر كيف قاد الرسول عليه الصلاة والسلام أمة كانت في ذيل الأمم لتكون قائدة وحاضرة في صفحات التاريخ البشري مجدا وعطاء وتقدما .
٥/ المرونة والتكيف: والذي يعني الاستجابة السريعة والفاعلة للتغيرات والظروف المتجددة واستيعاب التغيرات موازنة ما بين تأصيلات الشرع ومطلوبات العصر بلا قطيعة بينهما .
٦/ القدرة على اتخاذ القرارات الحكيمة: الموازنة بين الامكانيات و المطلوبات والمخاطر والفرص خدمة للصالح والنفع العام .
٧/ تثببت وترسيخ القيم والكلياتةالقطعية التزاما بالمبادئ اليقينبى والأخلاقية والمهنية في كل الأوقات وعدم التنازل منها مهما كانت المغريات.
٨/ القدرة على التأثير والإقناع والبصيرة المنفعلة، وحسن تقدير العواقب والمآلات وإدارة الأزمات وإشراك الأمة في هذه تلك البصارة وإدماجها جميعا في مشروع النهوض، ووضعها على جادته، وترشيد خطاها في ضوء الاستطاعات مناط التكليف الشرعي
٩/النجاح في قيادة الذات، فإذا أردت ان تكون قائدا لغيرك يجب ان تقود نفسك بالعلم والصلاح والتقوى والالتزام (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُواْ ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلْءَاخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيرًا) ٢١ الأحزاب
١٠/إيجاد البيئات المحفزة وصناعة الايجاببة التي تمكن الجميع من الابتكار والتميز والنهوض بالكلمة والقدرة وجودة التعليم ومواكبته لمطلوبات التنمية وتعزيزه للمقدرات والتوجيه الأمثل وحين التوظيف
١١/ القدرة على تحقيق التوافق والانسجام بين مكونات الأمة ولنا في وثيقة المدينة شاهد على نجاح قيادة الرسول لمجتمع المدينة بتحقيق ذلك التوافق ونحن أحوج ما نكون لمثله وقد بدأ للناظر أن حربنا إلى نهايات مما يعني ان التوافق مطلوب لإعادة إعمار الوطن والنهضة به
١٣/لا تتحقق الأمنيات والغايات الا على جسر الاستعانة بالرب سبحانه فهو المأمول سبحانه لتحقيق الغايات والمقاصد
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ” ٥ النور
فالله هو الموفق والمستعان وعلبه التكلان والحمدلله رب العالمين .
احمد حامد الجبراوي
القضارف
٢٦ جمادى الآخرة ١٤٤٦ هـ – ٢٠٢٤/١٢/٢٧م