رأي

صلاح دندراوي يكتب في نقطة ضوء: الإستقلال.. التاريخ يعيد نفسه

نقطة ضوء..
الإستقلال.. التاريخ يعيد نفسه

صلاح دندراوي

اللغة العربية مفعمة بالمعاني  والمترادفات وأيضا المتناقضات ، فقد تجد للكلمة عشرات المعاني وقد تجد للمعنى عشرات الكلمات،
والقريحة السودانية تميزت في هذا الجانب فتجدها ما فتئت تنظم الكلمات الجزلة في التعبير عما يجري شعرا كان أو نثرا..
وواحد من المعالم كان ذاك الإستقلال المجيد والذي إنفك فيه السودان من أسر الإستعمار وكانت تلك الفرحة في الفاتح من يناير عام 1956 م  عندما تم إنزال علم المستعمر مطأطأ الرأس ليرتفع علم السودان عاليا خفاقا يرفرف في سماوات الإنعتاق  والإنفكاك من ذاك الأسر البغيض. ومغنينا فرحا بتلك اللحظة الفارقة ينشد:
اليوم نرفع راية إستقلالنا
ويسطر التاريخ مولد شعبنا
وبالفعل كان ذاك الحدث وذاك اليوم المشهود الذي سالت فيه دموع الرجال فرحة وتعالت فيه زغاريد النساء طربا..
كانوا رجالا بحق صنعوا هذا التاريخ بعد جهاد طويل أثمر عن هذا الواقع الذي تتجدد ذكراه كل عام.
ورغم مرور كل تلك السنين ومجريات الأيام وإحتفالنا الذي يتجدد كل عام بهذا الحدث العظيم إلا أن الواقع تراه يتساءل هل نحن نعيش إستقلالا حقيقيا، والسودان يراوح بين الإستقلال والإستغلال، وشتان ما بينهما ونحن نري ما زالت مطامع الأعداء تحوم حولنا تستهدف ثرواتنا وهويتنا وديننا وأخلاقنا وللأسف تجد من يعينهم على ذلك من بني جلدتنا، ويكفي أن ننظر لما نعيشه اليوم من تكالب الأعداء ومطامع الدول وهم يمتطون ظهر بعض هؤلاء الذين باعوا ضمائرهم مقابل حفنة من المال أو السلطة وعرض دنيا زائل، ولكن مهما تغير حال البعض وغرتهم الأماني،فتجد دوما هناك الخلص من أبناء الوطن الذين نذروا أنفسهم وأرواحهم فداء لهذا الوطن، وها هم اراهم يعيدون التاريخ ويكتبون في صحائفه البيضاء سفر من نضال، ليبقى هذا الوطن عزيز شامخ ولينطبق عليهم قول شادينا:
خاضوا اللهيب وشتتو
كتل الغزاة الباغية
وها هو فجر الخلاص قد دنا وشمس الحرية قد لاح ونصال العدو قد تكسرت على صخرة هذا الجيل الذي جدد ذكر إجداده وعملوا بالوصية التي أودعوها فيهم وصاغها المغني:
جدودنا زمان وصونا على الوطن
علي التراب الغالي المالية ثمن
أن الزمان يستدير دورته، والتاريخ يعيد نفسه وتتجدد المطامع وتظهر معادن الرجال وتنجلي الحقائق، وها نحن مع بشريات هذا العام وتجدد تلك الذكرى العطرة يتجدد الإستقلال، وينجلى ظلام هذا التآمر الذي أراد إن يستحكم فينا من جديد، ولكن هيهات طالما هناك رجال تنبض في عروقهم دماء الوطنية وحب هذا الوطن.فليعش مجد هذه الأمة ولتعش بيننا سيرة الشهداء وبطولاتهم وليعد سوداننا عاليا بين الأمم.

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى