صلاح دندراوي يكتب في نقطة ضوء: الجزيرة.. هل نجحت في إدارة الإزمة؟

نقطة ضوء
الجزيرة.. هل نجحت في إدارة الإزمة
بقلم/ صلاح دندراوي
ولاية الجزيرة تعد أكثر ولاية شهدت إستهدافا وتدميرا من قبل المليشيا، سواء في البنية التحتية، أو إنسان الولاية الذي تعرض للتقتيل والتشريد والنهب والسلب، أو في تأثر الخدمات من مياه وصحة وزراعة وخلافه.
ولكن كانت المعالجة على قدر الحدث فأعملت القيم السودانية في للتكافل والتراحم، فأفردت كثير من البيوت أبوابها في وجه هؤلاء النازحين يتقاسمون معهم الفراش ولقمة العيش،فضلا عن جهود كثير من الخيرين الذين إخذوا على عاتقهم أن يسهموا في فتح التكايا وتوزيع المواد الغذائية، ومعاونة الحكومة في توفير العلاج والأدوية.
أما على الجانب الرسمي فكان لحكومة الولاية والتي إتخذت من المناقل مقرا لها بعد سقوط مدني، كان لها دور فاعل في إمتصاص هذه الصدمة وإسكان الطمأنينة في نفوس هؤلاء في أن الوضع مقدور عليه، وأحسب أن أكبر عوامل إنجاح هذه الإستراتيجية،كان هو بقاء الوالي الطاهر ابراهيم الخير في الولاية وعدم الخروج منها وهو يرتدي تلك البزة العسكرية على الدوام، مما أيقن الناس بأنهم يعيشون في كنف الدولة، وهو لعمري قرار حكيم من والي الولاية في أن يكون وسط مواطنيه رغم المهددات الأمنية الكبيرة حينها، وكان أكبر عون له تلك اللجنة الأمنية التي تتكون من قادة الفرقة الإولى مشاه، والشرطة، والمخابرات، و هيئة العمليات، والمقاومة الشعبية، ولجنة الإسناد، مما شكلوا مظلة كبيرة تغطي كل الأحداث حيث كان الإجتماع يوميا لتقييم الأوضاع ووضع المعالجات الفورية،
ورغم أن الولاية قد فقدت معظم مواردها بتعطل كل الإنشطة الإيرادية وغيرها جراء هذا العدوان ، ورغم أن الولاية جعلت من الميزانية ميزانية حرب، إلا أنها لم تغفل جانب المواطن فجعلت اللجنة الأمنية بقيادة الوالي تعمل على توفير النواقص من أغذية ومتطلبات علاجية وصحية ومياه، بل حتى تفقد المشاريع الزراعية وحث المزارعين على الإستزراع، فضلا عن مجابتها ظروف الخريف وتغلبها على إشكالاته، وموجة مرض الكوليرا والتي أحسنت التعامل معها حتى بددتها، والنجاح في إخراج معركة إمتحانات الشهادة وكيف أستطاعت العبور بها إلى بر الأمان، وهذه حكاية تحتاج لمجلدات، وفي كل فقد نجحت حكومة الولاية كثيرا في مساعيها تلك بحيث لم يشعر المواطن بأي فجوة، فكان الأمن مستتب، وكانت السلع متوفرة، رغم أن كل الطرق المؤدية إلى الولاية كانت مغلقة، فضلا عن الجهد العسكري في فتح المعسكرات للمستنفرين، وتقديم دورات متقدمة للعسكريين في فنون القتال، فكان لكل هذا الترتيب فعل السحر في أن تتخطى الولاية هذا الكابوس وتخرج من تلك التجربة بهذا النجاح الكبير، وإن كان التحدي ما زال قائما في الإعمار والتعمير وعودة الحياة إلى طبيعتها لا سيما بعد أن نعمت كل أرجاء الولاية بالأمن والإستقرار…
ولنا عودة…