رأي

صلاح دندراوي يكتب في نقطة ضوء: للذين يقفون على الرصيف..قطار الجزيرة يتحرك

نقطة ضوء

للذين يقفون على الرصيف..قطار الجزيرة يتحرك
بقلم صلاح دندراوي
من زار ود مدني لحظة إستردادها من براثن المليشيا لا يصدق ما يشاهده اليوم وقد دبت فيها الحياة، وتنفست طرقاتها، وتدفقت في أنابيبها المياه، والكهرباء جرى كثير  من تياراتها على الأسلاك، وراجت الأسواق وعاد لها ذاك الألق القديم.
فقد كنت من المبادرين بدخول ود مدني منذ الوهلة الأولى ورائحة البارود لم تنفك من الجو، وزخات الرصاص لا تنقطع، والمدينة وقتها كانت كالأشباح، لا حركة فيها ولا حياة، والطرقات تترامى عليها العربات المدمرة والجثث ملقية على جوانبها، والمحلات التجارية مشرعة الأبوب منهوبة المحتويات والباقي مرمي أمام ابوبها،وفوق ذلك فلا مياه ولا كهرباء، ولا حركة عربات أو مارة، ولا أدوات أمن إلا من جنودنا البواسل ومتحركاتهم التي دخلت المدينة عنوة وإقتدارا.
كان هذا حال مدني في أول يوم للتحرير ووالي الولاية الطاهر ابراهيم الخير ولجنته الأمنية وفريق الإعلام يأبون إلا أن يكونوا في مقدمة الحضور غير عابئين بأي مهددات أمنية، فقد كانت الفرحة الطاغية بدخول قواتنا المسلحة مدني هي الزاد والدافع، وحتى الإشتباك الذي حدث عند دخولنا مدني لم يزعزع الثقة في أفراد الوفد وعلى رأسهم الوالي فقابلوه بكل صلد وشجاعة لم يفر منهم إحد حتى تعاملت قواتنا مع العدو كما يلزم ليكون دخولنا لحاضرة الولاية مدني منذ الوهلة الأولى.
أردت من هذا السرد أن أضع صورة حية لما كان عليه الحال، ولم يمض شهرين حتى تبدل الحال إلى خلاف ذلك فكان الأمان والأمن يسكن أحشاء المدينة، وباتت الخدمات من مياه وصحة ومواصلات تنتظم، وبات العائدون لمنازلهم بالولاية يتوافدون وحكومة الولاية تقيم لهم الإستقبالات بسلامة العودة والتي شهدت مشاعر دفاقة وفرحة لا توصف.
ووالي الولاية ولجنته الأمنية ما تنفك تتحرك في كل الإتجاهات وتصل معظم القرى وكل المحليات تتحسس مشاكل الناس وتقدم لهم المعونة، وتقف على الخدمات، وتوجه بتكملة النواقص، فتمددت أقسام الشرطة، والنيابات، ووصلت المياه وعاودت المستشفيات والمراكز الصحية نشاطها، وأعملت النظافة وطهرت المدينة من الأوبئة وإزدحمت الأسواق، وحتى المدارس قد علت فيها أجراس الحصص، ليتبدل حال مدني في أقل من شهرين من حال إلى حال، رغم شح الموارد وغياب الميزانية والدعم.
فالذي يزور مدني اليوم وقد رآها من قبل يدرك حجم التحول الكبير الذي إعتراها، وهذا لم يأت من فراغ أو ضرب عشواء، وإنما همة كانت في والي الولاية وبعض وزراءحكومته ولجنته الأمنية، والذين لولا جهودهم بعد عون الله تعالى لما كان الحال مثل ما هو عليه.
لذا تجدني متعحبا من أولئك الذين يثيرون الغبار  ويحاولون أن ينتقدوا كل شئ، ويبدوا آراءهم في كل شئ. خلاف أصحاب الأجندة الذين لا يرضيهم هذا الإستقرار وهذا العمل الكبير الذي تضطلع به قيادة الولاية فيطلقون الشائعات ويهمزون ويلمزون، كانهم والإستقرار على طرفي نقيض.
أن الولاية الآن وفي هذا المنعطف تحتاج لتكامل الجهود،  ولتكاتف الأيدي، وأن يكون الجميع على قلب رجل واحد بدلا عن هذا التشرذم وضيق الأفق والتربص بكل عمل، ويكفي أن نتعظ من ما مر بنا من مآسي وأحزان خلفها فينا هذا العدو، ولولا إختلافنا وتعامل فئات منا مع الأعداء لما تمكنوا منا كل هذا التمكن..فيجب أن نصطف لنلحق بهذا القطار المنطلق نحو التعافي مما ألم بنا..
ولنا عودة.

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى