رأي

جدية عثمان تكتب: عندما سجد البرهان

مسافات .. جدية عثمان
٢٦ رمضان ٢٠٢٥
عندما سجد البرهان، لعمري إنها سجدة العرفان، للخالق الرحمن، سجدة من لم يخن الأوطان. كان المشهد جميلاً، وكان الخبر عظيماً: تحررت الخرطوم!
في هذه الأيام المباركة من شهر رمضان، أشرقت شمس الحرية على الخرطوم المدينة التي قاومت وصمدت حتى عادت إلى أحضان الوطن. لم يكن هذا التحرير مجرد استعادةٍ للعاصمة ، بل كان استعادةً للكرامة والعزة، وإعلانًا بأن السودان باقٍ بشعبه وجيشه، لا ينكسر ولا يُهزم.
منذ اندلاع الأزمة، ظل الشعب السوداني يترقب لحظة الفرج، لحظة الخلاص من الفوضى التي سادت، لحظة أن تعود الخرطوم خالية من “الكدايس” التي وعدنا بها حميدتي . واليوم، تحقق الحلم، وكتب التاريخ فصلاً جديدًا من فصول الصمود والتحدي.إنه ليس انتصارًا عسكريًا فقط، بل هو انتصار الإرادة الوطنية التي أبت أن تخضع للظلم، وانتصارٌ للعزيمة التي لم تفتر رغم المحن. فمنذ بداية الأحداث، كان أبناء السودان الشرفاء ، سواء في الداخل أو الخارج، يرفعون شعار الصبر والثبات، ويؤمنون بأن الخرطوم ستعود و يرفعون شعار شعب واحد جيش واحد ، وها هي تعود، في شهر الرحمة والانتصارات، حيث تتجلى بركات رمضان في أبهى صورها.
إن تحرير الخرطوم لم يكن ليحدث لولا تضافر جهود جميع أبناء السودان، جيشًا وشعبًا، رجالًا ونساءً، شيبًا وشبابًا. لقد كان درسًا للعالم في معنى الوحدة الوطنية، حيث اجتمع الجميع تحت راية واحدة، راية السودان الحر، السودان الذي لا يقبل الخضوع أو التفكك. لعمري انها لست مجرد لحظة عابرة، بل هى بداية لمرحلة جديدة، مرحلة بناء السودان من جديد، على أسس العدالة والحرية والسلام. السودان اليوم أقوى مما كان، وأكثر إصرارًا على تجاوز الأزمات والمضي قدمًا نحو مستقبل مشرق يليق بتاريخه العريق.
في كل بيت سوداني، في كل شارع وزقاق، ارتفعت الدعوات وشُكرت النعم. فالأمهات اللاتي فقدن أبناءهن في الصراع، وجدوا عزاءهن في هذا النصر، والشباب الذين حملوا همّ الوطن، تنفسوا الصعداء، والأطفال الذين لم يعرفوا سوى أصوات الرصاص، سيعرفون الآن معنى السلام.
إنها لحظة من لحظات الفخر والفرح، لحظة نُعيد فيها بناء ما تهدم، ونضمد الجراح، ونعاهد أنفسنا أن نحافظ على هذا الوطن الغالي، وألا نسمح لأي عدو، داخليًا كان أو خارجيًا، أن يعبث بأمنه واستقراره مرة أخرى.
مسافات .. جدية عثمان
٢٦ رمضان ٢٠٢٥
لندن

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى