مهند خبير يكتب: البرهان والشأن العظيم… هل يحقق رؤية والده ويصبح الزعيم الوطني؟

البرهان والشأن العظيم: هل يحقق رؤية والده ويصبح الزعيم الوطني؟
بقلم *مهند خبير*
في خضم الأحداث التي شهدتها بلازدنا، أصبح اسم الفريق أول عبد الفتاح البرهان يتردد في كل زاوية من زوايا السودان، متأرجحاً بين دعم جماهيري من جهة، وتحديات كبيرة من جهة أخرى. والبرهان، الذي وُلِدَ في قلب السودان، يمكنه أن يصبح شخصية ذات شأن عظيم في تاريخ البلاد، بشرط واحد فقط: أن يستجيب لمطالب الشباب الطموحة في الحرية والسلام والعدالة الاجتماعية.
هل يحقق البرهان رؤية والده؟
الحديث هنا لا يتوقف فقط عند إنجازات البرهان العسكرية والسياسية، بل يتناول رؤيته الشخصية ورؤية والده، الذي كانت له تجارب متعددة في الحياة السياسية. للبرهان، كما نعلم، فرصة ذهبية لتحقيق ما لم يتمكن غيره من تحقيقه: أن يصبح زعيمًا وطنيًا حقيقيًا، ليس فقط لجزء من الشعب، بل لجميع السودانيين، من كل الأعراق والأديان والمناطق.
ولتحقيق ذلك، عليه أن يدرك أن الجيل الجديد، جيل الشباب، يرفع راية الحرية والسلام والعدالة الاجتماعية. هذا الجيل لا يريد أن يرى وعودًا فارغة أو خططًا قديمة تعيد إنتاج الفشل. هم يريدون دولة جديدة، دولة تجسد آمالهم وطموحاتهم، دولة تؤمن بالمساواة وتقدم لهم الفرص المتساوية.
ما يربده الشباب؟
يجب أن ندرك أن ما يربده الشعب السوداني، وخاصة الشباب، هو دولة ذات قيم عظيمة:
دولة قائمة على العدالة والنزاهة والشفافية، دولة لا تسود فيها المحسوبية ولا يتم فيها تمييز بين أبناء الشعب على أساس الدين أو العرق أو المنطقة.
دولة تقدر التنوع الثقافي، تفتح ذراعيها لجميع السودانيين، وتقبل الآخر وتحتضن التعدد العرقي واللغوي وتجعله مصدر قوة لا سببًا للتفرقة.
دولة يقودها أهل العلم والمعرفة، حيث لا مكان للمناصب التي تمنح على أساس الولاء أو المحسوبية، بل تعتمد على الكفاءة والقدرة الحقيقية.
دولة خالية من الفساد والمحسوبية والرشوة، حيث لا يسمح للمال العام بالسرقة أو التلاعب، وتتم محاسبة كل من يتجاوز القانون.
دولة تحارب الفساد بكل قوّتها، دولة يحاسب فيها الفاسد والسارق كما يحاسب المواطن الذي يلتزم بالقانون.
دولة سيادة القانون والحكم الرشيد
من المهم أن نتساءل: هل سيتبنى البرهان هذه الرؤية؟ هل سيؤسس لدولة قوية تسود فيها سيادة القانون وتلتزم فيه الحكومة بتطبيقه على الجميع بلا استثناء؟ وهل سيعمل على أن تكون الحكومة نموذجًا يحتذى به في الحكم الرشيد، حيث تُحترم الحقوق، وتُدار الموارد العامة بشفافية تامة؟
لدى البرهان فرصة تاريخية ليقود السودان نحو دولة حديثة تتكافأ فيها الفرص، دولة يَرى فيها كل سوداني نفسه في منصب ما، سواء في الوظائف العامة أو في فرص الترقية، دون أي تمييز. إنه بحاجة إلى أن يُظهر القيادة الحكيمة التي لا تعزز من الطبقية ولا تجعل الفقراء يشعرون بالعزلة.
حكومة تمثل الجميع
إن الحكومة التي تُمثل جميع السودانيين يجب أن تكون حكومة حقيقية، لا تقف مع فئة على حساب أخرى، ولا تحابي جهة على حساب آخر. حكومة تعمل بشمولية، تلتزم برؤية الوطن الواحد، وتضمن التعايش السلمي بين مختلف مكونات المجتمع السوداني.
إن الأجيال القادمة ستكون هي الحكم الأخير في ما إذا كان البرهان قد نجح في تحقيق تلك الرؤية أم لا. إنهم الشباب الذين يتطلعون إلى وطن يحتضنهم بفرص متساوية، لا ينظر إليهم بعين الشك أو التهميش. هم يريدون وطنًا لا يُحكم فيه بالعاطفة أو بالمصالح الشخصية، بل بحكمة وحسم وعدالة.
هل يحقق البرهان الشأن العظيم؟
إن كان البرهان عازمًا على تحقيق رؤية عظيمة كما خطط والده، فلديه الآن الفرصة ليصبح زعيمًا حقيقيًا، ليس بالسلطة العسكرية أو البيروقراطية، بل بالأخلاق، بالقيم، وبإظهار الالتزام بتطلعات هذا الشعب العظيم. إن كانت هذه الفرصة ستضيع، فهذا لن يكون فقط فشلًا شخصيًا، بل فشلًا لكل الأجيال القادمة.
ختامًا: الشأن العظيم الذي يمكن أن يحقق البرهان يكمن في تحقيق السلام، العدالة الاجتماعية، والمساواة بين جميع السودانيين. هذا هو الشأن الذي سيتذكره التاريخ، وستذكره الأجيال القادمة بكل فخر.
إن كان البرهان قادرًا على استيعاب هذه الرؤية والعمل على تحقيقها، فإنه قد يصبح الزعيم الذي سيُذكر بفخر في صفحات تاريخ السودان الحديث.