رأي

محجوب أبو القاسم يكتب: العشوائيات يا حكومة

*محجوب ابوالقاسم*

*يكتب*

*العشوائيات يا حكومة*

في ظل مايشهده السودان من تحولات سياسية وأمنية عاصفة تقف أزمة السكن العشوائي كأحد أكبر التحديات التي تهدد السلم الاجتماعي والأمن القومي لا سيما بعد ما أظهرته معركة الكرامة من وقائع صادمة حين انضم عدد كبير من سكان هذه المناطق إلى صفوف المليشيا المتمردة وسرعان ما تحولوا إلى أدوات للنهب والسلب والترويع حاملين معهم ثقافة العنف والغنيمة إلى قلب الأحياء والمدن.
لم تكن هذه الظاهرة وليدة اللحظة بل هي نتاج سنوات من الإهمال والتقاعس الحكومي حيث تعاقبت الحكومات دون أن تضع حل جذري لهذا الملف المتفجر مكتفية بالترقيع والتجاهل، بينما كانت العشوائيات تكبر وتتشكل في أطراف المدن كغابات من الفوضى تنمو فيها ثقافات دخيلة وسلوكيات غريبة على طبيعة المجتمع السوداني المتسامح.

السكن العشوائي لم يعد مجرد تشوه عمراني بل تحول إلى تهديد حقيقي لا سيما بعد أن تم تطهير مناطق واسعة من المليشيا بينما بقيت مجموعات من قاطني العشوائيات تمارس أعمال السرقة والنهب مستغلة حالة الانفلات وكأنها تحاول استكمال ما بدأته المليشيا تحت مرأى ومسمع الجميع “عينك يا تاجر”.
لكن رغم كل هذه الظلال القاتمة فإن الفرصة لا تزال مواتية لإطلاق مشروع نهضوي حقيقي يُعنى بإعادة بناء السودان على أسس متينة تبدأ من البنية التحتية وان تكون هناك عدالة اجتماعية وقد بدأت بالفعل العودة الطوعية للمواطنين الذين أجبروا على النزوح واللجوء بفعل الحرب وانتهاكات المليشيا وهؤلاء يستحقون أن يجدوا بلد آمن يحتضنهم ويعوضهم عن مرارة الفقد والخوف والتشريد.

العودة وحدها لا تكفي إن لم تكن مصحوبة بخطة شاملة لإعادة الإعمار تتطلب جهد جماعي من الدولة والمجتمع لكن لا يمكن لأي عملية بناء أن تنجح في ظل بيئة يغلب عليها شبح الخوف وانعدام الأمن وهو ما يحتم على الحكومة أن تتحرك بسرعة وبكل حسم لإزالة السكن العشوائي وتوفير البدائل السكنية الكريمة.
وفي ذات السياق لا بد من انتشار أمني واسع يعيد للشارع هيبته وللمواطن ثقته خاصة بعد أن أثبتت التجربة صعوبة تغطية كافة المناطق المحررة من قِبل الشرطة وحدها، وهنا تبرز أهمية عودة الشرطة المجتمعية وإعادة المفصولين ظلما وجورا من قبل لجنة التمكين سئية الذكر وتفعيل دور الأهالي في حماية أحيائهم والتبليغ عن أي مظاهر شذوذ أو خطر.

إن المعركة ضد الفوضى لا تقل أهمية عن المعركة ضد التمرد وربما تكون أصعب لأنها تتطلب مواجهة تراكمات طويلة من الإهمال والتقصير لكنها معركة لا خيار سوى خوضها لأن أمن الوطن واستقراره يبدأ من أمن الأحياء ومن إعادة ترتيب البيت الداخلي قبل الحديث عن أي بناء أو مستقبل.
آن الأوان أن تلتفت الحكومة للعشوائيات
بجدية فالوطن لا يحتمل المزيد من القنابل الموقوتة والله من وراء القصد.

ولنا عودة

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى