رأي

واصلة عباس تكتب في رؤى: الي النيًل والنعمان والبراؤون وإخوانهم هنيئا لنا بكم

رؤي

واصله عباس

الي النيًل والنعمان والبراؤون وإخوانهم هنيئا لنا بكم

حمي الوطيس ،، وبلغت القلوب الحناجر ،، وأذن مؤذن في الناس أن الأرض أُستبيحت ،، وأن العروض تعدي عليها من لا شرف ولا أمان لهم ،، وأن المآذن قد قُتل مؤذنها ، فتوقف نداء حي الفلاح ،، حي علي الصلاة ،، وأن الدماء اليافعة واليانعة قد أُريقت دون وجه حق ،،، ووجدانها الغض كان يتوق الي مستقبل زاهر وأخضر ،، ، ومن رحم هذا الوجع جاء النداء أن يا خيل الله أركبي ،، وعلا الصوت فوق رؤوس الأشهاد حي علي الجهاد .. حي علي الجهاد ،، نادي المنادي أن من كان يؤمن بالله ورسوله فلايصلين العصر إلا مجاهدا ،، وإتسعت دائرة الوجع ،، وزاد الوجع ، والحزن ، والألم ، والخوف ،، ولهذا كان لابد من فرسان يتقدمون الصفوف ليكون حصنا منيعا ،، وسدا يحجب استمرار هذا الغزو البربري الهمجي ،، كان لابد من الفارس المدجج بحب الوطن ، يحمل علي عاتقه راية (أن الحرية نور ونار فمن أراد نورها فليصطلي بنارها ) ، وإحتشدت الصفوف بالشباب النواضر ،، فخرج من رحم الوطن البراوؤن هولاء الفرسان الذين يصعب تتويج جباهم بأي تاج ،، لان جباهم تحاكي الثريا في علياءها ،، وصدورهم التي لم تتحصن بالدروع ،، بل خرجت عارية الا من قماش لايصد سهما ولا مقذوف ،، فكانوا قدوة لكل الشباب ،، وإرتفعت مقاماتهم بين الأشهاد ،، يسطرون أسماءهم بحروف من ذهب مجمر في سٍفر الشجاعة والجسارة أننا (براؤون ويشهدون خير الآنام علي ذلك ) ، إنهم أبناء وطني السودان تلك البقعة السمراء صاحبة التاريخ الحافل بالبطولات ، لانهم من صلب الأبطال الذين أطاحوا برؤوس الطغاة من أمثال الإنجليزي غردون باشا الحاكم العام ، والمتعجرف اسماعيل باشا ، وهكس باشا ونيازي باشا ، اللذان تقف شجرة البروجي بفخر كشاهدا علي مصرعها علي ايدي الاجداد ، من لم يقرأ التاريخ السوداني فلا ضير أن يبدأ من هذه الملحمة (ملحمة الكرامة )، التي تحكي روعة الشعب السوداني ،، وصمود الجيش السوداني مصنع الرجال وعرين الأبطال ،، وجسارة الفدائيون وقوة قلوبهم التي لم تدخلها أشعة الخوف ، فالموت في الأدغال أَضحي حلمهم ،، ولهذا هم يطالبون أمهاتهم بعدم الجزع والخوف لآن الحافظ هو الله.
في عهد سابق كانت جحافل الدبابيين من فصيلة شباب نادر تركوا مقاعد الدراسة الجامعية ،، ونظروا الي الدنيا وزُخرفها ،، نظرة إزدراء ، تاركين نعيمها ، وهم يأممون وجوهم شطر الخنادق والبنادق ،، من أجل وطن معافي وآمن ،، وبالمقابل وُريت أجسادهم ثري المعركة ولم تضع الشواهد عليها ليعرف صاحبه ،، ولكن كان الشاهد عليهم أنهم أبطال الميل أربعين والدبابين أصحاب العٌصابة الحمراء ، التي تزين رؤوسهم ،، وتزين جبين الوطن.
وفي كل الفيديوهات التي تعكس مايدور في ملحمة الكرامة ، كنت أتطلع الي خلفاء علي عبدالفتاح والمزمل والمكحل بالشطة ، ومجيب الرحمن وعلي كاكتلا ،، ولم يخب ظني كثيرا بأن لواءهم لن يسقط ،، عندما رأيت خلفاءهم من بعدهم ، فكان منهم علي سبيل المثال لا الحصر الشاب النعمان عبدالحليم (ابوجود) ، والأستاذ الجامعي الذي لايخشي النزال ، ولم تلن عريكته ، ونحن نشهد له بالثبات في معركة قحت ،، وعندما إلتقيته في قضروف ود سعد باغته بسؤالي عن من يدعم مشاركاته في المعارك ، سيما وهو يصول ويجول في محاور الخرطوم وسنار ، والقضارف ، فكان رده : أنه لا أحد ،، وهو مسئول عن ميزانية كل تحركاته ، فكان رده لي مثار فخر وإعزاز أن من أبناء الوطن من يبذل المال والروح فداء له ، واردفت سؤالا بسؤالا آخر : أين البقية من إخوتك ؟ ، فقال لي لاشأن لي بأحد أنا أحب هذا الوطن ،، وأفديه بنفسي وبمالي . وافترقنا وفي مخيلتي صورته و غبار المعركةيعلو وجهه.
ظللت في متابعة دائمة لتطورات المعركة العظيمة ، لنزداد فخرا بأبطالها ، وهم يجسدون الصمود والفداء ، وزادتنا الوسائط معرفة بكسبهم وهي تحمل الوجوه النيرة التي تشعرنا بالفخر والإعزاز ، سيما وإن فيهم إخوتنا الفوارس ،، و في محور سنار تجلي إبنها الكادر الطلابي ، قائد ركب الطلاب في مرحلة ما النًيل الفاضل منذ بدء المعركة وهو يجسد دورا كبيرا كنائبا لآمير المجاهدين دون كلل وملل ،، بل تعد دوره لآن يكون مراسلا حربيا يحكي عظمة ابطال معركة الكرامة من محور سنار حتي تخوم الخرطوم ،، وظللت عند كل مقطع فيديو أشاهده أتطلع لتلك الوجوه التي أعرفها يامرحي بهم ،، وي كأني ألمحهم ،، فذاك الخطيب المفوه الناجي عبدالله ، وهذا الصنديد قيس فضل ، وذاك صدام كركون ، تلك وجوه خبرتها قديما ، وأسعدتني طلتها حديثا ،، فهنيئا لهم بهذا الشرف ،، وخاب من تخلف عن معركة الكرامة فأصحبوا كالمخلفون من الأعراب الذين شغلتهم أموالهم وأنفسهم عن نداء الله ورسوله والوطن.

*رؤي أخيرة :_*

الي كل من سطر أسمه ورسمه في خضم معركة الكرامة ،، نحن فخورين بكم ،، لأنكم مصدر عزنا

أنتم الذين ضمدتم جراحات الخذلان ، من الذين تقاعسوا عن النداء ، الذين كانوا في السابق تضج بهم ساحات القاعات المكيفة والهنكر الكبير ،، كانوا حضورا طاغيا ، وهم يرتدون رباطات العنق الانيقة ، ويحملون الهواتف الذكية عالية الجودة ، ويمتطون فارهة المركبات ،، ولكنهم غابوا دون عذر عن أعظم الملاحم فقد خاب مسعاهم.

شكرررا لكل الذين حضروا حين غاب الكثيرين حين حمي الوطيس ،، الذين ولوا الادبار ،، ،، فأصبحتم أنتم شرفاء الوطن ،، بكم نباهي ونفتخر.

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى