حيدر التوم خليفة يكتب: الترامبية تهز العالم 5 … بعد ان إستعرت الحرب التجارية بين الصين وامريكا ، لمن الفوز والغلبة؟ وهل ستقود هذه الحرب الي تحرير الصين سياسياً ، وعتقها من التكبيل الامريكي …؟

*الترامبية تهز العالم 5*
*بعد ان إستعرت الحرب التجارية بين الصين وامريكا ، لمن الفوز والغلبة؟*
*وهل ستقود هذه الحرب الي تحرير الصين سياسياً ، وعتقها من التكبيل الامريكي …؟*
*حيدر التوم خليفة*
*رب ضارة نافعة* ، هذا هو حال الصين مع قرارات ترامب الاقتصادية الأخيرة …
برسوم جمركية امريكية على الواردات الصينية بلغت *145٪* ، ورسوم جمركية صينية على صادرات أمريكا إليها بنسبة *125 ٪* ، *تجددت الحرب التجارية* بين البلدين ، في *نسختها الثانية في العهد الترامبي الثاني* …
الاقتصاد الامريكي المتهاوي ، *المكبل بالدين المتعاظم ، يعاني ويكافح لتجنب الانهيار المحتوم بمعطيات الواقع الحالي* ، فقد أصيب *بداء تدني المقبولية* ، والذي من أهم مضاعفاته *تفشي عدم الثقة في محركاته الأولية* خاصة في قطاعه المالي (بوادر تضعضع الدولار) وقد ولي عهد *التغذي على ثروات الشعوب* …
وهو إقتصاد يدفع ثمن *تحول الثروة* فيه ، وهي “عصبه الرئيسي في الزمن الرقمي” ، من *ثروة مادية محسوسة الي ثروة ورقية مكافئة* ، ومن ثم الي *ثروة سحابية إفتراضية محكية غير منظورة* ، تمثل *ارقاماً* مبثوثة في الفضاء محمية بشفرة مستحدثة ، عبارة عن *فقاعة هوائية* ، يتوقع لها ان تنفجر في وجه صاحبها ، وتتبدد في اي لحظة ، وتنقله من *سكن القصور الفخيمة الي سكن الملاجئ الرطبة* ، فتبخر الثروة هنا أسرع من *تبخر الماء في اليوم القائظ* ، خاصة عند أول جائحة إقتصادية عاصفة …
وإذا كانت أمريكا تتخفي وراء اسلحتها الفتاكة ، فذلك لانها تسكن بيت *العنكبوت الواهي* ، بتخفيها وراء *اقتصاد فقاعي متلاشي* مفروض بسياسة الأمر الواقع ، فسر قوتها *في دولارها* ، ومن *أجل الدفاع عنه بُنيت الجيوش والقواعد الثابتة والعائمة* ، فمتى ما سقط ، سقطت كل الاكذوبة المنمقة المحكية ، وإنكشف وبان ما وراء الاستار المخملية من حقائق صادمة ..
وامريكا والتي كانت *تنتج وتصدر كل شئ* ، صارت اليوم *تستورد كل شئ* ، وذلك لطبيعة نظامها *القائم على الاستهلاك المتعاظم* ، وفق مبدأ :
ان *زيادة الاستهلاك* سوف تدفع الي *زيادة الطلب* ، والذي بدوره سيدفع المنتجين الي *زيادة إستثماراتهم لزيادة الإنتاج لمقابلة التوسع الاستهلاكي* ، ومن ثم عمل إضافة حقيقية في سوق العمل والتوظيف ، وبالتالي *زيادة العوائد والضرائب* ، وهذا بدوره سوف ينعكس ايجاباً على *حزمة الخدمات المطلوبة لتحقيق الرفاه الاجتماعي* …
ولكن هذا لم يحدث ، إذ بدلاً من أن يتجه الاقتصاد الي *حماية نفسه من المخاطر الخارجية باللجوء إلى الإنتاج المحلي* ، تبعاً للالية المذكورة ، سعياً لردم *الفجوة بين الإنتاج المحدود والاستهلاك المتعاظم* ، اتجه السوق الي *الاستيراد لسد الفجوة* كخيار سهل ، والسر في ذلك هو *دالة السعر* التي تميل لصالح الأجنبي ، والتي يعمل *ترامب على ردمها* حالياً ، ولكن هل ينجح ذلك من غير أثمان يجب على الشعب والحكومة دفعها ، أهمها إيقاف *هروب راس المال المتوقع الي أسواق اخري* ، فراس المال *لا وطن له* كما يقال ، وهو مثل *البوصلة يتجه ويميل حيث يميل الربح*..
وفي ذات الإطار وكآلية طبيعية لتصرف رأس المال الباحث عن *تعظيم الربح* ، كانت *وجهة سد الفجوة الحادثة هي الصين* ذات الإنتاج الضخم *والسعر المتدني* …
وبالمقابل وجد الإنتاج الصيني الرخيص *بغيته في سوق إستهلاكي شره* ، متعدد درجات الجودة ، وبالتالي الزبون او المستهلك ، فتم *إغراق السوق الأمريكي بالمنتجات الصينية الرخيصة ، على حساب المنتج المحلي* ، مما ساعد علي إعادة انتاج الأزمة وتعميقها ، الأمر الذي قاد الي *اختلال الميزان التجاري* بين البلدين لصالح الصين بما يقارب ال 295 مليار دولار في العام 2024 ..
هذا الأمر شكّل خطورة كبيرة على *صحةِ بنيةِ الاقتصاد الامريكي ، وشكك في إمكانية تعافيه* ، فكانت قرارات ترامب الأخيرة كما أوضحت في مقالي السابق ، والتي وضعت البلدين على *حلبة الحرب التجارية المفتوحة* التي إستعرت الان ..
ولكن هل *لدي أمريكا القدرة على خوض هذه الحرب التي سوف تطول في ظل تفوق صيني بائن في كل شئ ..؟*
نؤكد اولاً انه وفي الحروب الاقتصادية لا يوجد رابح او خاسر بالكلية ، وان اي *حرب تجارية لا تحل الا بالمفاوضات* مهما طالت ، وانها حرب قرارات سريعة التأثير ، ولا تحتاج إلى نقل ذخائر او تحريك دبابات او حاملات طائرات ، وأكبر فواعيلها هو رأس المال ومدي مقدرته على الصمود ، وليس قرارات الدولة الرسمية التي تعمل في بيئة غير مُتحكم في عواملها الفاعلة ..
إن *راس المال في* عالم اليوم الذي *تحكمه التقنية* ، خاصة تقنية الاتصال المتسارعة *وبرامج الذكاء الاصطناعي وعلم الاحتمالات* وما طرأ عليه من تحديث ناتج عن تطوير
*الخوارزميات المتعلقة بفرضيات التنبوء الاستدلالي* ، أصبح أكثر *حساسية للدالات المتغيرة* ، خاصة للمتعاملين ضمن نطاق السوق الحر المرتكز علي *تعريفات الليبرالية الجديدة من إتباع مدرسة شيكاغو* ، والتي أرى *ملامح انهيار أفكارها* نتيجة لعوامل *غير متحكم فيها ضمن الإطار التنافسي اللامحدود وفق حرية “بلا قيود*” ، عند *المقاربة مع المثال الصيني الهجين المتحكم فيه* …
وقد أظهرت الايام صدق *موقف الاقتصاديين الكنزييين* ، الناقد بشدة لأفكار مدرسة شيكاغو ، التي تم تجديدها على يد *عالمي الاقتصاد الامريكيين الحائزين على جائزة* نوبل في الاقتصاد ، *ميلتون فريدمان ، صاحب نظرية كمية النقود ويوجين فاما صاحب فرضية السوق الكفء* ، خاصة بعد *التدخلات المهمة والكثيرة* لحكومة ترامب على آليات السوق ومجمل عمل الاقتصاد التبادلي ، وهو أمر يمكن ملاحظته في موقف ترامب من رئيس بنك الاحتياط الفدرالي جيرووم بأول ، والذي يرى ترامب فيه :
ان باول لم يفعل شيئا لمواجهة تصرفات *الصين المتعلقة بالتلاعب بعملتها* ، إضافة إلى إستجابته البطيئة لما حدث في سوق الاسهم والسندات والبورصات ، بُعيد إصدار ترامب لقراراته ، مما ضاعف من خسارة الكثيرين لمدخراتهم ..
في العام ٢٠١٨ أشعل ترامب حربه التجارية الأولى ضد الصين ، والتي اعتبرها الخبراء الإقتصاديين *حرباً فاشلة* قياساً على نتائجها البائسة ..
وقد بدأها بزيادة الرسم الجمركي على ما قيمته 34 مليار دولار من البضائع الصينية ، وقد استمر هذا الوضع حتى نهاية ولايته الأولى في يناير 2020 ، وقد ردت الصين بالمثل …
ومع ان الرئيس بايدن واصل في نفس سياسة سلفه في رفع الرسوم ، ولكن على إستحياء ، وبنسب متدنية الا ان كل تلك الإجراءات ، لم تضعف الاقتصاد الصيني ، بل سار في طريقه غير آبه ، حتى ازاح أمريكا عن عرشها الصناعي ، بجملة انتاج صناعي قومي يزيد عن خمسة ترليونات دولار ، وهو ما يفوق الإنتاج الصناعي لدول أمريكا واليابان وبريطانيا والهند مجتمعة ، الأمر الذي يعني ان الصين قد *كسبت حربها التجارية التي شنها عليها ترامب من قبل أن تبدأ* …
إن *العجز التجاري* مع الصين ، والذي جعله ترامب شماعة لحربه التجارية معها ، كما يرى العديد من الاقتصاديين ، *ليس وليد السياسات التجارية السابقة* ، وإنما هو *ناتج عن خلل في عوامل الاقتصاد الكلي للدولة* وهو خلل *بنيوي* كامن ومتمكن ..
وهنا يبرز سوال مهم ، وهو إذا كانت هناك *فجوة حقيقية بين الإنتاج والاستهلاك* ، وكانت الدولة تسدها عن طريق استيراد المنتج الصيني الرخيص ، فهل *رفع الرسوم سيقوم بسد العجز التجاري*؟ ، خاصة وان معظم هذه السلع تعد *من الضروريات* ، الأمر الذي يعني ان *مرونة الطلب Elasticity of demand تجاهها تكاد تنعدم مهما ارتفعت أسعارها* …؟
ام ان هذه القرارات ترمي الي تحجيم الطلب من طرف خفي ..؟
أم تسعى الي ملء الخزينة الأمريكية بأموال المواطن الامريكي المسحوق ..؟
وما هو *تأثير ذلك على التضخم* ، وعلى *ترتيب الضروريات بالنسبة للمستهلك* ، وبالتالي على *الركود المتوقع للسلع والخدمات شبه الكمالية او الكمالية* وخروجها من *دائرة الإنتاج* ، ومن ثم تأثيرها على *سوق العمل وزيادة البطالة* وبزوغ أمراض الرأسمالية ، *الاجتماعية المتخفية العميقة*…؟
وبالتأكيد هي *أمراض* لن يجد لها *فوكياما حلولاً جذرية* ، فهو لم *يتحسب لها جيداً عند قراءته للتاريخ ورؤيته للمستقبل* …
إن تأثير *زيادة الرسوم في المدى القصير* ، يعني ببساطة انك فقط *ستغير الموردين الخارجين للسلعة* ، لاحتياج السوق لها ، خاصة إذا كان *الطلب عليها غير مرن* ، فسوف تقوم بإستيرادها من دولة أخرى مع رسوم مرتفعة *قد لا تصل إلى مستوى الرسوم العقابية المفروضة على السلع الصينية*، ولكنها ستقود إلى نفس النتيجة ، أو نتيجة قريبة منها ، وهي *الوفرة مع زيادة السعر* ، مما يعني حالة *تضخمية سوف تستمر* حتى دخول الإنتاج الامريكي الجديد الي السوق حسب المخطط له ، ولكن مع *عدم وجود سقف زمني محدد* لذلك ، وان كان متوقع دخوله سريعاً بإستغلال الطاقات الإنتاجية المهدرة والمعطلة في المشاريع القائمة .
*ولكن ما هو الهدف الحقيقي الذي لا يُصرح به ، للزيادات الجمركية الأمريكية على السلع الصينية؟* ..
إن *الزيادات على الرسم الجمركي للسلع الصينية ، هي إجراءات سياسية عقابية إنتقامية في جلباب ولبوس إقتصادي ، وليست إقتصادية بحتة ، مقصود بها اولاً أيذاء الصين ووضع العراقيل لإبطاء نموها الاقتصادي المتعاظم ، وتحجيم هيمنتها السياسية المتنامية* …
وهذا رأي تعضده إنتقادات ترامب للصين ، تلك المتمثلة في *دعاويه بسرقتها للتكنولوجيا الأمريكية وتوظيفها لصالحها* ، وانها لا تحترم *شروط وقوانين الملكية الفكرية* ، الأمر الذي يكلف أمريكا سنويا ما يفوق المائتي مليار دولار …
ولكن من جهة أخرى فإن الصين لديها المقدرة على عكس هذا الأذى وتوجيهه الي الشعب الامريكي ، منتقمة من ترامب ، والذي سوف تجعله يبدو وكانه يسرق من جيب المواطن الامريكي ، وأنه يحمي المنتج الامريكي من منافسة المنتج الأجنبي بجعل المستهلك الامريكي هو الذي يدفع الثمن ، إذ ان الفجوة بين السعرين سوف يسددها المواطن الامريكي ، فالحكومة الأمريكية هي التي صنعت التضخم لملء خزينتها ، وهنا سوف يصطف المستهلك الامريكي مع المُصدِّر الخارجي خاصة الصيني ، وشعوره بأن الحكومة الأميركية عاقبته أكثر من عقابها للصين ، لأن هذه لديها الكثير من القدرات على تجاوز آثارها السالبة …
*ولكن لماذا ستخسر أمريكا حربها التجارية مع الصين …؟*
في العام ٢٠٢٤ بلغت الصادرات الصينية الي أمريكا ٤٣٩ مليار دولار ، مع واردات منها بمبلغ ١٤٤ مليار دولار ، بعجز يصل إلى حوالي ٢٩٥ مليار دولار .. وهو أمر يكاد يماثل واقع التبادل التجاري بين المكسيك وامريكا ..
إذ تعتبر المكسيك الشريك التجاري الأول لامريكا بميزان تجاري يبلغ حوالي 840 مليار دولار ، ويميل لصالح المكسيك بحوالي 172 مليار دولار ، وذلك بصادرات مكسيكية تبلغ 506 مليار ، وواردات من امريكا تبلغ 334 مليار دولار ، ولكن مع كل هذا ، لم تفرض أمريكا رسوماً جمركية علي المكسيك تضاهي الرسوم على الصين ، رغماً عن اختلال الميزان التجاري بينهما لصالح المكسيك ، الأمر الذي *يكشف ان لهذه الإجراءات أهداف سياسية تتخفي وراء طابعها الاقتصادي* ..
وتبلغ نسبة الصادرات الصينية الي أمريكا حوالي ١٣٪ من مجمل صادراتها الدولية ، *وبعض هذه الصادرات لا يمكن تعويضها مهما ارتفعت أسعارها* ، فلا بدائل او منتج منافس لها ، لأن *الصين هي المنتج الوحيد لها* ، وبالتالي *المتحكم في سوقها ، عرضاِ وسعراً* ، مثل المعادن النادرة ..
وإذا شطبنا هذه السلع من دائرة تأثرها بالرسوم المرتفعة ، ومعها السلع التي إستثناها ترامب من الرسوم ، مثل الهواتف النقالة والأجهزة الإلكترونية *وثبتناها كصادرات متوقعة في كل الحالات* ، فإن مجمل الصادرات الصينية المتأثرة سوف تنزل بحوالي 100 مليار دولار ، وهذا ما يخفض قيمة الصادرات المتأثرة بالرسوم ، *وينزل بنسبة صادرات الصين المفقودة نتيجةً للقرارات الأمريكية الي حوالي 10 ٪ من مجموع صادرات الصين الدولية* ..
وهنا نتساءل هل *تستطيع الصين إستيعاب هذه النسبة الضائعة من غير أن يؤثر ذلك على مستوى نموها الصناعي وإنتاجها العام* ؟
*وهل لها المقدرة على إيجاد أسواق بديلة للسوق الامريكي لهذه الصادرات ..؟*
نظرياً *ممكن تحقيق* هذا الامر ، مدعومين *بميزة الاستقرار الاقتصادي* الصيني ، *وبنسبة نمو سنوي* للتجارة الخارجية *تتجاوز ال5 ٪* ، علماً بأن مجمل تجارة الصين الخارجية (ميزانها التجاري مع دول العالم) تجاوز 6 ترليون دولار ، *وفائض تجاري بلغ ترليون* دولار وذلك في العام 2024) ..
كما قلت يمكن للحكومة الصينية *استيعاب صادراتها المعطلة نتيجة للرسوم الأمريكية* ، وذلك في أسواق أخرى غير السوق الأمريكي عن طريقين ..
… *التوسع في الأسواق القديمة وزيادة حصتها من السوق بآليات تسويقية محددة* ، مثل تسهيلات السداد ، وبرامج الإقراض لإيفاء عمليات الشراء ، وتشجيع المناطق الحرة ، وعقد الاتفاقيات التجارية ، التي تشمل التبادل والمقايضة السلعية بنظام صفر دولار *Zero Dollar* ، وتخفيض الأسعار .، وزيادة الاغراق السلعي لزيادة حصتها من السوق على حساب المنتجين الاخرين ..
… *فتح أسواق جديدة* ، خاصة تلك الناشئة الواعدة في أفريقيا وامريكا الجنوبية وغيرها ..
وإذا فقدت الصين ما نسبته 70 الي 80 ٪ من السوق الأمريكي ، مع *إمكانية التعويض الخارجي لهذا الفقدان بالإتجاه للأسواق البديلة* ، فإن أمريكا سوف *تخسر السوق الصيني بنسبة تفوق ال 90 ٪* ، مع فقدان *حصتها* في أسواق أخرى سوف يتغول عليها الصينيون ، بازاحة المنتج الامريكي متبعين في ذلك سياسات *الاغراق وتخفيض الأسعار* ..
اي ان أمريكا سوف تخسر *صادراتها الي الصين* ، والضرر الأكبر انها سوف *تخسر ما يفوق عجز الميزان التجاري* معها نتيجة *استحالة منافسة البضائع الصينية الرخيصة* ، خاصة وان الصين بدأت تتجه نحو *تجويد منتجها* مع الحفاظ على ميزة السعر الرخيص ولو بدرجة معقولة ، *فالسعر سوف يكون العامل الحاسم في مؤشر الشراء والمفاضلة* ، خاصة في سوقٍ ناشئ ، وبالتالي تحقيق حصة سوق أكبر ..
كما أن هناك *عامل آخر غير مرئي* حالياً ، ولكن سوف *تظهر اثاره في العامين المقبلين* ، وهو *منتجات الذكاء الصناعي الصينية الرخيصة* ، والتي سوف تحدث فارقاً كبيرا لصالحها في مجال *الاختراع والتطوير التقني* ، وهذا سوف يشمل منتجات تغطي كل أوجه الإنتاج السلعي والخدمي الحيوية ..
إن أمريكا سوف *تخسر اي حرب تجارية مع الصين* ، خاصة إذا بدأت الصين في *بيع ارصدتها من سندات الخزانة الأمريكية* ، والتخلص منها ، وإتبعتها دول أخرى ، وترافق ذلك مع *شراء قوي للذهب ، واحتكار كامل للمعادن النادرة* ، والتوسع في *استخدامات اليوان المشفر كوسيلة دفع بنكية مأمونة وسريعة ومقبولة للصفقات المتبادلة* وقد حقق نجاحاً مذهلاً في ذلك ، وصار يمثل *سلاح الصين المستقبلي* القادم ، إضافة إلى إتجاه الصين الي عقد الاتفاقيات التجارية الثنائية او المتعددة مع الدول الأخرى ، وتبني العملات المحلية ، مما *يضعف الدولار ويهوي به* ، ويزيد من معضلة الاقتصاد الامريكي …
إن رفع الرسوم على الواردات الصينية قد يساعد في الحل الآني (تكتيكي) اذا تحقق الشرط الاقتصادي الذي يقول *(مع ثبات العناصر الأخرى)* ، ولكنه ليس بحل طويل الأمد (إستراتيجي) ما دامت الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك متسعة ، وما دامت تكلفة *المنتج الامريكي تفوق الصيني بعدة مرات* لارتفاع تكلفة العمالة وتصاعد الرأسيات …
*ولنا أن تسائل ماذا لو قررت الصين التخلص نهائياً من سندات الخزانة الأمريكية ..؟*
وما هو تأثير ان ترفض الصين لامريكا *بيع بعض المعادن النادرة الحيوية المطلوبة للصناعات عالية التقنية* خاصة لصناعاتها الدفاعية او صناعات الفضاء والطيران ، او ان ترفع أسعارها الي مستويات عالية تؤثر على *تكلفة* المنتج الامريكي ، وبالتالي موقفه التنافسي في السوق الدولي …؟
*وماذا لو قامت الصين بخرق الحظر الامريكي المفروض على الكثير من دول العالم بحجة عدم قانونيته* ، والقت بهذه القرارات في عرض البحر ، واتجهت مباشرة للتعامل معها ، خاصة بعد شعورها انها في *موقف قوة نتيجة تخلصها من الضغوط التجارية وإنعكاساتها السياسية* ..؟
*ما هو تأثير ان تقوم الصين بإلغاء طلبيات الشراء لعدة الاف من طائرات بوينج الأمريكية* ، والاتجاه الي منتجين اخرين ، وقد بدأت الصين فعلاً في هذا الأمر ..؟
*وماذا لو وضعت الصين ، أمريكا كوجهة محظورة للسائحين الصينين ..؟*
*وبالتالي ما هي أهم النتائج السياسية لحرب ترامب التجارية على الصين ..؟*
يجب أن تعلم الحكومة الأمريكية أن اي *حرب تجارية* بين البلدين *سوف تحرر الصين “سياسياً” من الضغط الامريكي ، وسوف تجعلها تلعب على المكشوف وفقاً لاوراقها القويةً ، وسوف تعيدها لاعباً فاعلاً شرساً للحلبة الدولية ، باحساس الندية والتفوق مع أمريكا ، وهذا حتماً سوف يقود الصراع الي مستويات مغايرة وشكل مختلف* ..
ختاماً، لا مجال لترامب *لكسب حرب إقتصادية* حتى ولو مع المكسيك ، *ما دام الاقتصاد الامريكي يعاني من الاختلال ، وهو اختلال بنيوي بفعل العوامل الفاعلة في الاقتصاد الكلي الامريكي* ، والذي *سوف يتعري* في الفترة القادمة فقد *بدأت مرحلة نتف الريش* *Pluck of Feathers*..
وهذه القرارات الترامبية فتحت شهية التنين الصيني ، لالهام جسد *نسر الرخم الامريكي* باستعمال عيدان الاكل الصينية *كواي زي*
وابشر بطول سلامة يا *شي جين بينغ*
*حيدر التوم خليفة*
الدويم السودان
أبريل ٢٠٢٥