ياسر الفادني يكتب في من أعلى المنصة: يا البرهان… القضارف لازم تشرب

من أعلي المنصة
ياسر الفادني
يا البرهان… القضارف لازم تشرب
القضارف يجب أن تشرب ، لا لأنها عطشى فقط، بل لأنها أول ولاية منذ أن أشعل الأوباش نار الحرب فتحت قلبها قبل بيوتها، واستقبلت النازحين وأكرمتهم كأنهم أهل الدار، بل أكثر، القضارف يا سيدي البرهان … لم تقف متفرجة، بل قدمت، تبرعت، ضحّت… المزارعون فرشوا ترابهم للعابرين، وتبرعوا بعرباتهم ذات الدفع الرباعي للقوات المسلحة بلا تردد، وأرسلوا زادهم في تجريدات متتالية ودفعوا بفلذات أكبادهم للقتال جنبا الي جنب مع القوات المسلحة ، رافعين راية الجيش لا المزايدات
والآن؟ الآن تعيش القضارف مسغبة العطش، والظمأ فيها لا يُحتمل، بلغ سعر كوز الماء ثلاثمائة جنيه، بارداً كان أو حاراً، ولا أحد يعلم من أين جاء هذا الماء الذي يُشرب مُكرهاً، يسألك المواطن: “الموية؟” ثم يرد بنفسه: “فلست بينا”، فلا ماء هنا، فقط إنتظار موجع
الصوت في القضارف بدأ خافتاً، ثم صار شاكياً، والآن يتصاعد شيئاً فشيئاً، وسرعان ما سيصل إلى صراخٍ يملأ البلاد، فهل من مُصرخٍ يسمع؟!
مشروع الحل الجذري الذي أُنجز منه 97%، والذي كان حلماً للراحل الشهيد ميرغني صالح، تعطل، وتجمد، وتحول إلى حسرة معلقة بين أملٍ قديم وخذلانٍ جديد، المقاول الصيني ينتظر، لا المال وحده يحركه، بل تطمينات عليا، و إتصالات مباشرة من قمتكم مع حكومة الصين، هذه ليست قضية تُحل عبر الوالي رغم جهده الواضح والمضني في معالجات يبذل فيها جهدا كبيرا فالمشكلة فاقت إمكاناته، وخرجت من دائرة السلطات الولائية إلى حيث يجب أن تتدخل الدولة من أعلي قمتها
يا البرهان… لا تترك القضارف تتيمم وهي التي قدمت ماءها وخيرها وكرامتها وولاءها، لا تترك الحلم يُدفن مع من حلم به، أن تستكمل هذا المشروع اليوم ليس فقط وفاءً للموتى، بل انتصارٌ للأحياء الذين ما خانوا ولا توانوا، أن تنجزه اليوم هو إمتداد لمعركة الكرامة التي كان لأهل القضارف فيها سهم لا يُنكر
يا البرهان… القضارف لازم تشرب.
فهل تسمعني؟