لواء ركن ( م ) د. يونس محمود محمد يكتب في رؤى وافكار: الشهادة السودانية ،،،،، وشهادات أربع

بسم الله الرحمن الرحيم
الاول من مايو ٢٠٢٥م
الشهادة السودانية ،،،،، وشهادات أربع
لواء ركن ( م ) د. يونس محمود محمد
أعلنت اليوم وزارة التربية والتعليم نتيجة الشهادة السودانية المؤجلة للعام ٢٠٢٣ – ٢٠٢٤م ، وسط ترقب للعيون ، ووجيب للقلوب التي تهفوا للمستقبل كما تهفوا العصافير لبواح النور وإشراقة الصباح ، ينتابها قلق الكسب وإعمار الحياة ولحنها ، والعيون التي أضناها السهر ، ومسامرة القراطيس ، والإستذكار ، تنتظر أنباء النجاح .
الشهادة السودانية ، ذائعة الصيت لا يضاهيها نظيرٌ في الملأ من حولنا ، هي مخضُ الحليب من ضروع المعاناة ، عرق جبين الآباء ،
وكد الامهات ، واستبصار المعلمين ، ولذلك كانت سبيل المعالي الذي ( فجته ) الإرادة لأبناء السودان للولوج الى عالم المعرفة ، وقد صل ملايين العلماء من أبناء السودان عبر توالي الحقب منذ العام ١٩٣٨م والى الآن لم تتوقف عاما واحدا ، الا بعد مجيئ القحاطة لا بارك الله فيهم .
من خلال هذا المقال نرسل أربع رسائل.
الاولى : الى رفد الطلاب والطالبات البالغ ( ٢٤٤٠٠٠ ) الذين حوتهم قوائم الشرف ، وضربوا أكباد الطرق من فجاجها ، وحملوا آمال أسرهم ، في ظل الصراع المدمر الذي جره المجرم العتي ( *حميدتي* ) تسللوا من المدن المنتهكة ، والقرى المستباحة ، تحت وقع الرصاص وغدر الجنجويد ، عمروا الليالي يطالعون تحت وميض المصابيح الزيتية لانعدام الكهرباء ، وهؤلاء يشكلون سبعين بالمئة من جملة الطلاب المسجلين ، بينما اعتقل الجنجويد بقية الثلاثين بالمئة ، وحرموهم حق العلم والحياة ، أرادوهم في عِقال الجهل مثلهم ، حسداً من عند أنفسهم ، ولأن كان النجاح في قيمة ( ٦٣% ) فالعذر للذين لم يوفقوا ، ولا تثريب عليهم ، فالقادم أفضل بحول الله ،
والأسر الكريمة صاحبة الطَول في التحفيز والرعاية والتأهيل المجتمعي ، والإنبات الحسن ، فالتطيب خواطر الآباء والامهات .
الرسالة الثانية : الوزارة وسائر المعلمين ، ورثة الأنبياء في التنوير والبلاغ والحض على المعارف ، شموس الضحى ، وأقمار الليالي ، وعلامات نجوم الهداية ، أصحاب اللوح والنون والقلم ، الواقفون على حياض المعارف يسقون كلَ واردةٍ عِطاش ،
مشاعلُ النور في دروب تيه الجهل ، وشعاب الأمية ، الذين لولا فضل الله ثم إياهم ما زكى من الناس أحد ، الذين لم يفروا يوم الفزع بل ركزوا كالجنود في القيادات والمرابط ، يحاربون عداوة الجهل بذات مقدار حرب الجيش لعدوان الجنجويد ، ودرجوا هذه الصفوف من مئات آلاف الشباب والشابات حتى أبواب قاعات الإمتحان ، وما سبق ذلك من تراتيب طويلة ، مرهقة ، ومعقدة ، وضع الإمتحانات ، والمحافظة على السرية ، وأرقام الجلوس ، وتوزيع المراكز ، والسيطرة والرقابة ، والإستعداد للطوارئ ، وكنترول التصحيح ، واستخراج النسب ، وترتيب الناجحين ، وتوثيق كل ذلك واعتماده من السلطة العليا ، ثم اعلانه على الملأ ، فهو جهد مقدر ، موشى بالنبل ، محلى بالاخلاق ، عنوانه المسئولية ، والإحتراف .
فلن يقدر أحد أن يكافئ المعلم ، لكنه في مقام التبجيل ، إذ كاد المعلم أن يكون رسولا .
الثالثة : الإرادة السياسية ، وعزم الحكومة على قيام الإمتحانات برغم توفر الأعذار ، وظروف الحرب ، ولكن النظرة الفاحصة لصناعة المستقبل لا يمكن أن تغفل عن تعليم الأجيال ، ولذلك عمدت الحكومة لاعتماد اجراءات لازمة ، لعقد مثل هذا التجمع الحيوي ، فانتظمت الأجهزة الأمنية ، الشرطة في المقام الأول ، وجهاز الأمن ، وبمعاونة القوات المسلحة في تأسيس حرز أمني كاف لكل مركز إمتحان ، وإحاطته بما يلزم من إحتياطات حتى نهاية الفترة ، وعودة الطلاب الى أهاليهم ، وهذا هو الرجاء والعشم ، أن تستمر فعاليات الحياة ولا تتوقف خضوعا لارادة أعداء الحياة الجنجويد ، فكلهم شركاء النجاح بلا شك .
الرسالة الأخيرة : قائد الجنجويد ( حميدتي البعاتي ) عدو العلم ، المملؤ بالحقد والحسد ، الذي توعّد الناس وهو نائب رئيس البلد حيث قال ( العمارات دي الا تسكنا الكدايس ) الأمر الذي يؤكد اختمار النوايا في داخله المظلم ، ولذلك ليس غريبًا أن يستهدفوا كل مقار العلم والمعرفة ، لم يتركوا خلوة ولا مسجداً إلا هدموه ، واتخذوه ارتكازا ، وداسوا على مواضع السجود بأحذيتهم الدامية ، وبعثروا المصاحف ، وارتكبوا في صُحونها الموبقات ، الجنجويد حطموا المدارس ، واستوقدوا بخشب الأثاثات نارهم لطهي الغنم المسروقة من حبال العجائز ، رقيقات الحال ، الجنجويد حرقوا المكتبات ، وهدموا الجامعات صروح العلم ،
واتخذوا من مكتب في جامعة الخرطوم ( فرنًا بلدياً ) أوقدوه تنوراً ، بدل نور العلم أصبح نار الحرق والهدم ، قدموا لها الكتب والمراجع ، ومباحث العلم ، قدموها ( حطباً ) ليصنعوا رغيف خبز لبطونهم ، على رُفات العقل والمعرفة .
وبرغم هذا الاستهداف للمعرفة ، وأدواتها ، ووسائلها ، ومقارها ، فأن العلم انتصر على الجهل ، وخرج الجنجويد مما كانوا فيه ، أذلاء ، مخذولين ، مقهورين ، وهاهو اليوم احتفل السودان بالنصر ، وإعلان نتيجة الشهادة السودانية ،
فكل الجالسين نجحوا بلا شك ، نجحوا لمّا غالبوا الخوف ، وقهروا التردد ، واستجابوا لنداء الوزارة ، ( والصابرات روابح ولو يجن قُمّاح )
تحيات لكل الطلاب قاطبة ،
للناجحين
لإسراء حيدر محمد أحمد
قائد الاسطول
وتحية خاصة للمجاهدة النابغة ( شمس الحافظ عبد الله ) التي قطعت الفي كلم لتنال الترتيب التاسع على مستوى السودان ، بتقدير ٩٤،٧
قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون