رأي

ياسر الفادني يكتب في من أعلى المنصة: صمت شهرا ونطق شرا !!

من أعلي المنصة

ياسر الفادني

صمت شهرا ونطق شرا !!

أنطونيو غوتيريش… نطق بعد شهر من صمت مريب، لا ليُدين جرائم المليشيا التي تعيث فسادًا وتُهجر الآلاف وتُحيل المدن إلى رماد، بل ليصب الزيت على النار، ويطلق بيانًا لا يختلف كثيرًا عن صفعة أخرى في وجه العدالة، يتحدث عن أبيي، وكأنها فجأة أصبحت بؤرة القلق، بينما الخراب يعم السودان من شماله لجنوبه، والدماء تُسفك على قارعة القرى والمدن، والأمم المتحدة في صمتها الأبدي، تكتفي بإحصاء الضحايا، وتوثيق المآسي، لا لردع الجناة، بل لحفظ أرشيف الفشل الأممي المزمن

أي اتفاق يشير إليه غوتيريش؟ وأي إحترام لذلك الإتفاق بوجود مليشيا متوحشة تجوب المدن بلا رادع؟ لماذا لم ينطق حين تم إحراق الأسواق، واغتصاب النساء، وتشريد الأسر، وسرقة قوت المواطن؟ لماذا لا يصرخ حين تُستهدف المسيرات الإماراتية، لا لأنها خطر، بل لأنها تُخفف معاناة الناس؟ أم أن الحياد في قواميس الأمم المتحدة يعني غض البصر عن القاتل إن كان مدعومًا، والتباكي فقط على مناطق فيها أطماع وموازين نفوذ دولي؟

غوتيريش لا يعاني من نقص في المعلومات، بل من فائض في التواطؤ، فهو يرى ويعلم ويسمع، لكنه يختار الصمت حين تكون الحقيقة محرجة، ويتحدث فقط حين يكون الحديث فتنة، أو حين يُطلب منه أن ينفخ في رماد الخلاف ليصير نارًا

لا تحدثوني عن عدالة دولية، ولا عن مجلس الأمن، ولا عن محكمة الجيف الدولية التي تساق فيها القضايا بالمال وتُؤجل فيها العدالة لصالح من يدفع أكثر، هذا العالم لا يعترف إلا بالقوة، ولا يهاب إلا من يقتلع حقه بيده، أما نحن، فما عدنا نملك ترف الإصغاء لثرثرة أممية، ولا أن نُلدغ من ذات البيان ألف مرة، الأمم المتحدة شريك في الجريمة، بصمتها، بانتقائيتها، بنفاقها الدبلوماسي، وبسكوتها حين لا يكون للضحية ظهر دولي يسندها

نحن في زمن لا مكان فيه للضعفاء.

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى