منوعات

جدية عثمان تكتب في مسافات: الكتابة و المسؤولية.. … ما الكلمةُ إلا أمانةُ مَن خافَ الإلهَ، وأوفى المَلَا

مسافات .. جدية عثمان
لندن ٢٠ مايو 2025
الكتابة و المسؤولية..

ما الكلمةُ إلا أمانةُ مَن
خافَ الإلهَ، وأوفى المَلَا.
….
كثيرون يسألونني: لماذا لا أنضم إلى صحيفة أو موقع إلكتروني وأكتب بانتظام؟ لماذا لا أُفرغ قلمي ليكون شاهداً على الأحداث، ومرآةً للواقع، ومنبراً للفكر؟ وحين أجيبهم، أقول بوضوح: أنا لا أكتب من أجل الكتابة، فالكتابة عندي ليست ترفاً ولا هوايةً تُمارس عند الفراغ، وإنما هي مسؤولية.
إنني أخاف من النشر، ليس خوفاً من النقد أو الرأي الآخر، بل لأنني أدرك أن الكلمة ليست مجرد حروفٍ تُسطر على الورق، بل هي كيانٌ حيّ، لها وقعٌ وتأثير، ومسؤولية الكاتب لا تنتهي بمجرد أن يُفرغ قلمه على الصفحة، بل تبدأ حين تصبح كلماته مُلكاً للقراء، حين تخرج من رحم أفكاره لتسكن عقول الآخرين، وتؤثر في رؤاهم ومواقفهم وهنا تكمن المسؤولية العظمى.
ليس كل ما يُكتب يستحق النشر، وليس كل ما يُقال يجب أن يُقال. فالكلمة أمانة، وأمانة الكاتب أشدّ من غيره، لأنه لا يخاطب فرداً واحداً، بل يخاطب جيلاً وأمة، ويرسم بمفرداته ملامح الوعي، إما أن يبني بها فكراً، أو يهدم بها قِيَماً، وهذه مسؤولية لا تحتمل الاستهانة لذالك إن الكتابة في نظري هي التزام تجاه المجتمع وتجاه الأجيال التي ستقرأ ما نكتب، وستتأثر به، إما إيجاباً أو سلباً. لهذا، كثيراً ما أجدني أتردد قبل أن أنشر، فليس كل ما تكتبه يميني تملك يساري الشجاعة لنشره، لذالك في بعض الاحيان أفضّل أن تحمل الريح كلماتي بدلاً من أن تترك أثراً لا يليق.
ما أكثر الكتاب اليوم، وقلة هم الذين يكتبون بصدقٍ ومسؤولية، يدركون أن الكلمة مسؤولية قبل أن تكون سلطة، وأن المداد الذي يخط أفكارهم هو نفسه المداد الذي قد يرسم مستقبل أجيال بأكملها.
لهذا، حين يسألني أحدهم لماذا لا أنضم إلى صحيفة، أقول: لأنني لا أكتب لأملأ الصفحات، بل أكتب حين أشعر أن للحروف معنى، وللمعاني قيمة، وعندما أجد أن ما أكتبه سيكون إضافةً لا عبئاً، عندها فقط، سأمنح كلماتي الحق في أن تُقرأ أكثر و أكثر .
مسافات .. جدية عثمان
لندن ٢٠ مايو 2025

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى